نشر بتاريخ: 23/04/2017 ( آخر تحديث: 23/04/2017 الساعة: 15:28 )
الكاتب: جهاد حرب
(1) اضراب الاسرى والحصن الاخير
الاضراب عن الطعام الذي بدأته اعلان الحركة الاسيرة في السابع عشر من الشهر الحالي أي قبل سبعة أيام يعيد أولا المكانة للحركة الاسيرة التي تم تغييبها في السنوات الماضية باعتبارها أحد اركان الحركة الوطنية ان لم تكن الركن الأساس فيها، وتعيد أيضا الروح للنضال السلمي الاشتباكي مع الاحتلال في عكر داره وجهاً لوجه عبر الامتناع عن تناول الطعام أو بالأمعاء الخاوية كفعل ابداعي تفرغ عنجهية القوة للاحتلال وعناصره.
يعيد الاضراب الجماعي لحوالي ألف وخمسمائة أسير فلسطيني للأذهان اضراب عام 1987 في الذكرى الثلاثون له الذي خاضته الحركة الاسرة في جميع سجون الاحتلال في لحظة واحدة والذي عمق المقاومة الشعبية أو عمل كرافعة نضالية تحضيرية للانتفاضة الأولى "انتفاضة الحجارة".
بكل تأكيد اضراب أسرى الحرية عن الطعام ليس سهلا بالمرة وهو ليس نزهة او ترف نضالي بل هو قرار مصيري بخوض معركة شاملة عناصرها الأمعاء والإرادة وهو أعلى درجات التضحية بل هو تضحية جسيمة بالنفس لا يصل اليه الاسرى، أي قرار الاضراب، الا بعد استنفاذ جميع الوسائل باعتباره السلاح الأخير للأسرى للحفاظ على الحياة والكرامة وحفظ نضالاتهم في مواجهة الاحتلال وسجانيهم.
لكن تجسيم جذوة هذا النضال يحتاج لمزيد من المساعدة والمساعدة بتطوير أدوات واعمال نضالية مساندة قادرة على الضغط على حكومة الاحتلال وإدارة السجون لتلبية مطالب الاسرى العادلة، لن يتم هذا دون توحيد جميع الجهود وتفعيل المناصرة الشعبية لإضراب الاسرى من ناحية وعرض معاناتهم ونضالاتهم أمام المجتمع الدولي بلغاته المختلفة ووسائل اعلامه المتعددة دون كلل أو ملل وبمستوى يوازي صلابة ارادة الاسرى انفسهم. فهي، في ظني، معركة شاملة لا مجال فيها للتراجع تكتيكيا أو التخلي عن أبطالها "أسرى الحرية" فهم آخر معاقل الوطنية الفلسطينية وآخر قلاع الثورة وحصنها ودونها الهوان أو الموت.
(2) مروان البرغوثي ... سياسي وبرلماني وأسير
أغضب مقال السياسي والبرلماني الأسير مروان البرغوثي في الصحيفة الامريكية "نيويورك تايمز" قادة الاحتلال لمجرد طرح معاناة الاسرى في سجون الاحتلال والدفاع عن نضالات الشعب الفلسطيني، "وبتوقيع" الأسير مروان البرغوثي في خاتمة المقال بانه سياسي وبرلماني. وهي حقائق دامغة فمروان عضوا منتحبا في المجلس التشريعي لأكثر من واحدا وعشرين عاما وهو بالتالي سياسي مخضرم حتى وان تناسينا مكانته الحزبية في حركة فتح وقيادة للحركة الطلابية في جامعة بيرزيت وغيرها عبر سنوات عمله العام.
أغضب المقال قادة الاحتلال الإسرائيلي لأنه قدم رواية مختلفة عن الاسرى الفلسطينيين وعن مروان البرغوثي. فقادة دولة الاحتلال غارقون بمنهجهم الاستعماري القاضي بوسم جميع اعمال الشعوب المضطهدة والخاضعة للاستعمار بالإرهاب. وهم غير قادرين أو يرغبون بالانكار بشكل دائم؛ بأن أعظم السياسيين الذين تبوأوا المكانة الرفيعة لدى شعوبهم هم أولئك الذين ضحوا وقدموا حياتهم في سبيل نيل الحرية لشعوبهم أو الذين أمضوا سنوات طويلة في سجون الاحتلال وأنظمة التمييز العنصري كجنوب افريقيا وايرلندا الشمالية وفي أغلب دول العالم التي خاضت نضالاتها في مواجهة الاستعمار، فهم يحوزن على مكانتهم السياسية بنضالاتهم وتضحيتهم في مواجهة المُسْتَعمِر.
واضح ان قادة دولة إسرائيل الاستعمارية عاجزين عن الفهم بأن مروان البرغوثي الذي يحظى بأعلى نسبة تأييد من قبل الشارع الفلسطيني في جميع استطلاعات الرأي العام التي تجريها مراكز الأبحاث المحلية والخارجية، بأنه قائد سياسي يخوض اضرابا عن العام وهو زملائه الاسرى في هذه اللحظة لتحسين شروط حياتهم داخل سجون الاحتلال وزنازينه.
مروان البرغوثي، كزملائه الاسرى المضربين، سياسي منذ اللحظة التي قرروا فيها مواجهة الاحتلال، وتلك اللحظة التاريخية التي حددت وسائل النضال والمقاومة، وهو اليوم يواجه إدارة السجون بإرادة الأسير الفلسطيني التي لا تلين، وبأمعائه الخاوية وبصموده إلى جانب أسرى الحرية.