نشر بتاريخ: 26/04/2017 ( آخر تحديث: 26/04/2017 الساعة: 15:28 )
الكاتب: فراس ياغي
هي ليست صفقه ولا يمكن الحديث عن صفقه، فالمسأله مرتبطه بحقوق وشعب وأرض مُحتله وآلاف الشهداء ومئات آلاف الأسرى، وما يتم تداوله أحيانا بمنطق الصفقه لدى إدارة "ترامب" في البيت الأبيض التي تُفكر بطريقة "البزنس" يعكس مأزق تلك الإداره منذ اللحظه الأولى لإستلامها مقاليد الحكم..."ترامب" ومن معه من مستشارين تُجار أو مستوطنين يريدون إستغلال مأزق المنطقة ككل لفرض مفهوم الصفقه على الإقليم ككل وبما يخص القضيه الفلسطينيه بالذات، هم يلمسون بقوة ضُعف الإهتمام العربي الرسمي بالقضيه المركزيه لصالح مآزقها الداخليه والإقليميه، وإستعدادها للتنازل للحدود الدنيا القصوى في الموضوع الفلسطيني من أجل تحقيق غاياتها الداخليه والإقليميه...من هنا جاءت مُتطلبات مُحدّده وواضحه من القياده الفلسطينيه بهدف تأكيد شرعيتها على الكل الفلسطيني أو المواجهة مع من يَتَمَرّد عليها، خاصة أن الإنقلاب "الحمساوي" منذ العام 2007 لا يمكن أن يستمر بلا نهايه، ولا يمكن أن يتحول لمفاهيم أخرى تَجعْل منه أمر واقع ليتحول لمركز القضيه الفلسطينيه كما إعتقد البعض منهم ومن الدّاعين لمفهوم "دولة غزة" بديلا عن مفهوم الدولتين.
المسألة المهمه هي ما بَعْدَ زيارة "ترامب" وليس ما قبلها، لأن التركيز يجب أن يكون بشكل واضح على رفض مفهوم السلام الإقليمي كبديل للمؤتمر الدولي للسلام، فالإقليم بوضعه الحالي وبما يحدث فيه من تسونامي لن يُحقق السلام المنشود، بل لن يصل حتى إلى أعتاب هذا السلام، وهذه الموجات "التسوناميه" مُستمره ولن تهدأ حتى يتَعَلم الجميع أن مصلحتهم في العيش مع بعضهم البعض بعيداً عن مصالح الغرب والدول الكبرى، مصلحتهم في أن يتعايش السُني والشيعي والمسيحي والكردي والتركماني واليزيدي..إلخ في وطن واحد أساسه الحقوق المتساويه في دول علمانيه القوانين والسلطه ووفقا لمفهوم التعاون والتكامل لا التعارض والتناقض، وفي نفس الوقت محاربة كل الفكر الإرهابي المُتطرف وعلى رأسه فكر الوهابيه وفكر سيد قطب والقاعده وداعش وغيرها من الأفكار التي تؤسس للأحقاد والقتل والإرهاب.
يقول البسطامي "غِبْ عن الطريق تصل إليه"، وتجاهل ما يحاول البعض أن يضعه في رؤوسنا بمفهوم فكر الصفقه اساس لمواجهتها، فلا "ترامب" ولا من سبقه ولا من سيأتي بعده يستطيع تَغييب القضيه الفلسطينيه عن أي جدول أعمال، فهم ليسوا قَدَراً، ونحن من يجعلهم قَدَر، فلسطين جزء لا يتجزأ من وجدان كل عربي وكل فلسطيني، والحراك الفلسطيني الشعبي قادر لوحده على فرض الأجندة التي يُريد، من هنا فإن ما بَعْدَ الزياره أهم بكثير مما قبلها او من الزيارة نفسها، وهذا يتطلب من الجميع الإنتباه إلى أن وحدة الشعب الفلسطيني وقواه المُختلفه مُتَطَلّب مركزي لما بعدَ الزياره، كما أن تجديد الشرعيات جميعا من خلال صندوق الإقتراع أولويه قصوى لوضع حد ليس للإنقسام فحسب وإنما لكل السياسات التي تُراهن على مفهوم الصفقه.
أيها الشعب: "يقال أن "الطلاق في الفكر" هو اساس الإصلاح، والإنقلاب على الفكر السائد هو من يُنقذ الحقيقه، وحتى يحدث ذلك لا بُدّ من إستفتاء الشعب، فالشعب صاحب الولايه، والشعب هو مصدر السلطات جميعا، والقضيه الفلسطينيه هي قضية شعب ولجوء وشتات وقدس وحدود وسياده...فلسطين هي العَدل المفقود في هذا العالم، ولن يستطيع "ترامب" وجنونه وتقلباته السياسيه أن يفرض ما يُسمى "الحل الإقليمي" لصالح مفهوم "الناتو العربي"، وعليه، فإن ما بعد الزياره هو الذي يجب أن يؤسس لها، وبحيث يكون العنوان الأول هو إجراء إنتخابات شامله وطنيه ورئاسيه وتشريعيه لوأد الإنقسام للأبد، والبدء بمفهوم الشراكه الوطنيه وأساسه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعه بعيدا عن تجاذبات الإقليم وبما يخدم إستقرار الإقليم بحد ذاته...يقول الرسول الأكرم صلوات الله عليه وسلم: " كَيف يُقدّس الله أمة لا يُؤخذ لضعيفها حَقّه من قَويّها"، وحتى نأخذ حَقنا فلا بُدّ من توحدنا على هدف واحد وأسلوب واحد وسياسه الحد الأدنى الواحده وسلطه واحده وقياده واحده، فلا تُضيعوا الوطن، فالوطن يضيع بسلطته كما ضاع نبينا عليه السلام برجاله، فلا تجعلوا عودتنا داميه كما يحدث الآن لِدينَنَا السمح بسبب افكار الإرهاب والوهابيه والسلفيه المُتَطرفه.