نشر بتاريخ: 03/05/2017 ( آخر تحديث: 03/05/2017 الساعة: 10:59 )
الكاتب: عقل أبو قرع
مع مرور أكثر من مائة يوم على تولي الرئيس الامريكي الجديد مهامه في البيت الابيض، اصبح من الواضح مدى البراغماتيه أو الواقعيه العمليه التي يتمتع بها أو يتعامل من خلالها الرئيس الامريكي، حيث عمل على تغيير العديد من المواقف ومنها بشكل جذري أو ب 180 درجه، عن ما كان قد تشبث به خلال الحمله الانتخابيه البراقه التي قادها، سواء فيما يتعلق بالتعامل مع حلف الناتو، أو مع اتفاقيات التجاره والعلاقات مع الصين والمكسيك وغيرهما، أو فيما يتعلق بالقضايا الداخليه من رعايه صحيه وضرائب والتعامل مع قضايا الهجره والمقيمين غير القانونيين، ومنها كذلك هي النظره الى الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني والتعهد بنقل السفاره من الامريكيه من تل ابيب الى القدس.
ومع الاجتماع بين الرئيسيين أبو مازن وترامب في البيت الابيض، فأننا لا نمكن أن ننسى أو نتغاضى عن الاستقبال والحفاوه الحاره التي لقيها رئيس الوزراء الاسرائيلي على عتبة البيت الابيض قبل أشهر، أو عن المدح العلني والاطراء الذي ذكره الرئيس الامريكي "ترامب"، عن نتنياهو مع بداية وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقداه امام البيت الابيض وأمام العشرات من وكالات الانباء والصحفيين، ورغم بعض ردود الفعل الحذره التي اظهرها ترامب على بعض الاسئله المتعلقه بالمستوطنات ونقل السفاره الى القدس والموضوع الايراني والحلول الاقليميه وطبيعة الحل المرتقب بين الفلسطينيين والاسرائيليين، الا انه من الواضح أن المصالح الاستراتيجيه الامريكيه في العلاقه مع اسرائيل هي التي سوف تحكم سير هذه العلاقه واسرائيل هي الدوله الوحيده في المنطقه التي تعتبر الحليف الاستراتيجي، والتي تحمي المصالح الامريكيه وتدافع عنها وتثق بها الولايات المتحده.
وفي ظل ذلك، من المفترض أن لا ننسى أن السياسه الامريكيه في منطقتنا تحددها المصالح الامريكية فقط، وبالاخص المصالح الاستراتيجيه أو المصالح بعيدة المدى، وبالتالي فأن الحفاظ على العلاقه مع من يعمل على حماية هذه المصالح أو الحرص عليها، كانت وما زالت وسوف تبقى الاولويه التي تحدد مسار السياسه الامريكيه في المنطقه وفي العالم، بغض النظر عن وصول ترامب أو وصول قبله أوباما الى سدة الحكم في البيت الابيض، ومن المعروف كذلك أن القرارات في الاداره الامريكيه، وبالاخص القرارات الاستراتيجيه هي محكومة بتوازن القوى بين المؤسسات الامريكيه المختلفه، اي البيت الابيض والكونغرس ومنظومة القضاء، وبالتالي من غير المتوقع حدوث تغيير جذري أو تغيير استراتيجي سريع في السياسه الامريكيه نحونا أو في العالم، وأن حدث فأن هذا التغيير قد يكون تكتيكيا أو لتصليح مسار أو توضيح موقف.
والعلاقة الاستراتيجية الامريكية مع اسرائيل تقوم بالاساس على حماية المصالح الامريكية في المنطقة، وبالتالي الحاجة المستدامة، او الراسخة الى وجود حليف يمكن الاعتماد علية او الوثوق بة، او التشارك معة في القيام بذلك، والذي من الواضح، انة في الوقت الحاضر وفي المستقبل المنظور، لا يوجد بديل للحليف الاسرائيلي، وخاصة في ظل الاحداث المتسارعة في المنطقة، وفي ظل تبدل التحالفات وبروز المحاور، وفي ظل تغير الاولويات، والاهم في ظل الضعف والوهن والانقسام والتشرذم، الذي يعصف بالطرف العربي، والذي لا يمكن الاعتماد علية او حتى الوثوق بة، في القيام بالدور الذي قام ويقوم به الطرف الاسرائيلي، في حماية المصالح الاستراتيجية الامريكية، والتي وفي نقاط عدة تتداخل مع المصالح الاسرائيلية في المنطقة.
وبالتالي فأن الحديث عن التغيير في السياسه الامريكيه في المنطقه ونحونا، سواء أكان بالايجاب أو بالسلب، هو غير متوقع بالشكل الاستراتيجي الذي يمكن ان يتوقعة البعض، وان ما يتم الحديث عنة أو التنبؤ به، لا يعدو شكليا او ظاهريا، وان الجانب الاسرائيلي يعي ذلك، ويعرف ان الامريكيون في الوقت الحاضر وفي المستقبل المنظور، لا يمكنهم الاعتماد او الوثوق بحليف اكثر أو أعمق أو أصدق من الحليف الاستراتيجي الاسرائيلي، وأن حزمة المساعدات الاقتصاديه الامريكيه لاسرائيل، التي لم يسبق لها مثيل، والتي تم توقيعها في عهد الادارة الحاليه لاوباما، لهي شاهد على ذلك.
ومع الانتهاء من اللقاء بين الرئيسيين الفلسطيني والامريكي في البيت الابيض، ومع انتظار الخطوات العمليه للرئيس الامريكي الجديد حول الموضوع الفلسطيني الاسرائيلي، والتي من الواضح انها لن تنحرف عن اطار مصالحها الاستراتيجيه في المنطقه، فأن علينا ان لا ننجرف وبشكل من التفاؤل الكبير مع الحديث عن حلول " الدولتين" أو الدوله الواحده أو الحل الاقليمي الكبير الذي يتم الترويج له، ، وبالاخص اننا نعلم ان هناك مصالح او علاقات استراتيجية لا تتغير بتغير الاشخاص او المسؤولين أو حدة التصريحات أو الوعود.