الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مروان البرغوثي يقود اكثر من اضراب , يقود تصحيح مسار

نشر بتاريخ: 11/05/2017 ( آخر تحديث: 11/05/2017 الساعة: 11:40 )

الكاتب: عوني المشني

ما بعد اضراب الأسرى ليس كما قبله ، هناك جديد ، والجديد اكثر مما هو متوقع ، الجديد ليس بتراكم الأحداث بل بالمتغيرات النوعية التي تحملها ، الجديد ليس بحجم المطالَب او نوعيتها ، الجديد بالدور الذي يلعبه هذا الإضراب في الكفاح الوطني الفلسطيني حيث انه مثل فاصلا بين مرحلتين ، والجديد ان مروان البرغوثي التقط اللحظة المناسبة حيث " بالامس كان مبكّر جدا وغدا سيكون متاخر جدا " كما وأعاد مروان تعريف نفسه وتعريف المرحلة والعلاقة بينهما هذا لمن نسي او تجاهل وللجيل الذي تتم عملية تدجين ممنهج له ويشارك بها اكثر من جهة او اداة .
الإضراب جاء في توقيت مهم : فشل ذريع للبرامج السائدة ، المفاوضات عبثية في الشكل وعبثية بالنتائج وعبثية بالإجراء وشكلت غطاء لاستمرار التهويد والاستيطان ، المقاومة الذكية عكست نتائج غبية وحولت المقاومة الى فعل نخبوي مرتبط بتمويل هنا وهناك يكتنفه فساد مستشري وشبهات اخطر من فساد ، المقاومة في غزة أصبحت في ثلاجة ومرهونة بمواقف ورغبات ومصالح حركة حماس وتمارس عبر منهج توظيفي قصير النظر . والفصائل الفلسطينية برمتها انتقلت من موقع صناعة الحدث الى اللهاث خلفه او حتى التفرج عليه .
الإضراب جاء لتعزيز دور حركة المقاطعة وإعطاءها دفعة جديدة باعتبار ان الإضراب يزيد من كشف وجه اسرائيل كنظام لا يحترم حقوق الانسان ويعزز النضال الاممي ضده ، تضامن النواب الأوروبيين ، حركات الاحتجاج الواسعة في العواصم العالمية ، حجم الاهتمام الدولي ، كل تلك من شأنها ان تعمق عزلة الاحتلال وتزيدها انتشارا ، الإضراب جاء للتأكيد على دور الحركة الأسيرة كقاطرة لجر الحركة الوطنية في النضال الوطني وذلك في مرحلة بدت الحركة الوطنية تعيش عجز حاد ومفضوح وربما ان أعباءها اكثر ثقلا مما يستطيع الإضراب كقاطرة ان يجر . حجم الالتزام بالإضراب العام وشكل الالتزام يؤكد ان الحركة الأسيرة قادرة على تقدم الحركة الوطنية وقيادتها ، الإضراب جاء للتأكيد بان براءة اختراع المقاومة الذكية كانت مزورة ولا تنطوي على اختراع بقدر ما هي وسيلة للتهرب من الدور والمسئولية هل هي حقا مقاومة ذكية !!! أم محاولات ذكية لتفريغ المقاومة من مضمونها وجعلها على قدر يد من يتحكم بها ؟؟؟ . الإضراب جاء تأكيدا لفشل القيادات في احداث اختراق كفاحي يعيد المبادرة للشعب الفلسطيني بعد فشل المفاوضات وتجمد المقاومة وانعدام البرنامج النضالي ، قيادات لا دور لها سوى دعوة الشعب الفلسطيني لتعزيز نضاله وكان الشعب الفلسطيني ينتظر دعوات وإرشادات !!!!
هذا عن الإضراب وبدون وضعه في سياقات اخرى اما الإضراب بقيادة مروان البرغوثي فله معاني ومضامين اكثر عمقا ، الإضراب بقيادة مروان البرغوثي تأكيد على تحول مروان من عضو قيادة حركة فتح الى وضع قائد حركة فتح على اعتبار ان القيادة تأتي عبر خط النار وليس عبر مؤتمرات يكتنفها التضليل والتدليس والتزوير والتهجين ويحيط بها اكثر من علامة سؤال . الإضراب بقيادة مروان البرغوثي تأكيد اخر على محاولات نسيان او تناسي مروان البرغوثي لن يكتب لها النجاح فمروان حالة كفاحية حاضرة في صناعة الحدث طالما الحدث نضالي وحاضرة في وجدان الجمهور لذلك فالاضطراب منصة تتويج لمروان على رأس الحركة الوطنية كقائد لا ينازع . والإضراب بقيادة مروان البرغوثي يبعثر كل التفاهمات والتحالفات والتقسيمات الاتفاقات والمؤامرات التي أحيكت في العتمة والتي لن تصمد في ظل الوهج الكفاحي للإضراب بقيادة مروان البرغوثي . ان التجاهل الحقيقي للاضراب من بعض القيادات النخب والتمني سرا بفشله رغم المجاملة المغضوحة بدعمه ، هذا الوضع كان واضحا الى حد السفور وكان مخزيا الى حد العار وكان صادما الى حد الجنون . للإضراب هذه المرة طعم مختلف ، هو رسالة تحدي ، اعادة اعتبار ، حضور وطني طاغي ، حصار للمؤامرة ، واحداث اختراق ، انه اكثر من اضراب ، انه اعادة توجيه للبوصلة وتصحيح مسار .
من يزعجهم الإضراب كثيرون ، اولا وثانيا وثالثا وعاشرا الاحتلال ، الإضراب لا يزعجه فحسب بل يقض مضجعه ، ويثير جملة من المخاوف لديه ، الإضراب يساهم في تعرية الفاشية الإسرائيلية ويساعد حركة المقاطعة على الساحة الدولية ، الإضراب يهيئ شعبنا لمرحلة كفاحية جديدة وبأدوات فاعلة ويساهم بزج قطاعات شعبنا موحدة وكبيرة في معركة التحرر الوطني ، والإضراب يساهم بافشال سياسة التنكيل بالأسرى ويعيد اليهم ثقتهم بأنفسهم وبمقدمتهم على تحقيقي مطالبهم . والاحتلال ليس وحده من ينزعج ولكنه اكثر المنزعجين من ينزعج اصحاب الخيارات الفاشلة ، الإضراب يصدر تصريح وفاة للخيارات الفاشلة ، لا مقاومة ذكية ولا مقاومة توظف لتحقيق مكاسب ضيقة ، لا مفاوضاتعبثية ولا صواريخ عبثية ، خيارات سقطت وها هو الإضراب يعيد الاعتبار للخيارات النضالية الشعبية حقا والوطنية حقا والفاعلة حقا .
من ينزعج من الإضراب من يَرَوْن في مروان منافسا لهم الى حد العداء ، حضور مروان يغيبهم ، كفاحه يحرجهم ، تقدمه يعيدهم لموقعهم الطبيعي في الخلف ، حضور مروان لا يأتي من باب منافسة احد ولكنه قصيري النظر فقط هم ما يعتقدون ذلك ، حضور مروان يأتي من باب تعويض النقص وسد الثغرات واستكمال الدور ، ولكن هناك من يعيش على التناقضات والعجز والفشل ويتضايقو من حضور مروان ، لا يدرك هؤلاء ان الوطن كبير ويتسع لكل من يعطيه ، تعودوا هؤلاء ان يأخذو من الوطن لا ان يعطوه لهذا يعتقدون ان حضور مروان هو غياب لهم وعطاءه للوطن آخذا من حصصهم ، لم يتقدمو الصفوف الا لان احدا ما قد تأخر والإضراب يضع من يتقدمون الكفاح في المقدمة وعلى رأسهم مروان البرغوثي ، الإضراب مزعج أيضا لمن يعتقد ان وجوده في السلطة فرصة استثمار بكل ابعادها ، الجو النضالي يلحق ضررا بتلك الفرصة ، يغير من المناخ العام باتجاه مناخ كفاحي يخنق الفساد والفاسدين ويسحب السلم من تحت اقدام المتسلقين .
والإضراب عنصر موحد لشعبنا رغم الانقسام ، يعيد الثقة بالمستقبل رغم إحباطات الحاضر ، يؤسس لإعادة الاعتبار للحركة الأسيرة ، يتجاوز مسالة النضال الفردي والخلاص الفردي الى مفهوم العمل الشعبي الجمعي ، انه قانون التحرر الوطني دوما .
الإضراب دعوة مفتوحة للنضال ، رسالة للاحتلال مفادها ان مسيرة التحرر قد تتعرقل حينا ولكنها لن تتوقف ، ، رسالة ضمنية للآخرين ، كل الآخرين ، بان اضراب بقيادة مروان البرغوثي هو اعادة فتح ، تلك الحركة العملاقة للسكة من جديد بعد ان توهم من يحاول ان يخرجها عن مسارها كحركة تحرر انه استطاع ان يسلب الحركة تاريخها ومبرر وجودها ويحولها من حركة تحرر الى حزب السلطة . نعم الإضراب يشكل استفاقة لشعبنا من كابوس المراهنات الفاشلة ، الإضراب بحد ذاته خطوة نضالية متميزة في ظل الاحباط والترهل الإضراب بقيادة مروان البرغوثي اكثر من اضراب انه تصحيح مسار .