الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ما بيني وبين اللواء فرج حكاية

نشر بتاريخ: 11/05/2017 ( آخر تحديث: 11/05/2017 الساعة: 20:09 )

الكاتب: زهير الشاعر


مقالي اليوم جاء في سياقٍ بعيدٍ عما تعودت الحديث عنه ، حيث أنني سأتحدث تجاوزاً لكي أجيب على أسئلة البعض في مضمون حديثي هنا وذلك عن رجل أمن وهو رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج بالرغم من أنه معروف عني أنني ناقد شرس للسلطة الفلسطينية وللكثير من تصرفات الفساد الذي ينهش مؤسساتها، ولكن كوني أستوحي فكرة مقالاتي بحيادية وبنبض يخلو من الحقد أو التحامل على أحد أو الانسياق في بحر مجاملات أو مناكفات لا أكترث لها ولا تعنيني لا من قريب ولا من بعيد ، لا بل يكتب قلمي بما يجول بخاطري مدعماً بحقائق لربما تكون بعيدة عن القارئ بشكل عام ، ويعبر عن قناعاتي التي أحرص على أن أجعلها تعطي لكل ذي حقٍ حقه لتكون نبراساً يساهم في إثراء المعرفة لدى الرأي العام.
رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج "أبو بشار" ، جمعني فيه لقاء في عام 2011 في فندق السيتي ستارز في العاصمة المصرية الجميلة القاهرة، وكان في ذلك اللقاء القصير كل من الأخوة الأصدقاء وليد العوض وزعل أبو رقطي ، حيث لم يكن ذاك الرجل الذي قابلته كباقي من كانوا في الفندق من المسؤولين والقادة الفلسطينيين الذين يُكْثرُون الحديث ويبحثون عن الكاميرات وذلك خلال تلك الفترة التي كانت تتزامن مع مرحلة إنشاء الإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير الفلسطينية .
لقد كان ودوداً ومتواضعاً ومبتسم الوجه جميل الكلمات، حيث أنني عتبت عليه بشيء يعود لتصرف أحد رجال جهاز المخابرات العامة في الساحات الخارجية في حينه، فكان رده يوحي صراحةً بأنه كان سعيداً بملاحظتي ولم يمتعض ولم يغضب بل رد بهدوء وبثقة وبأفضل مما كنت أريد أن أسمع ، لا بل زودني برقم هاتفه الخاص وحينها همس صديقي الأخ وليد العوض في أذني قائلاً لقد وصلت ويعني بذلك بالمفهوم العام الدارج بما يصف العلاقات بين الأشخاص بما يحقق مكاسب أو يبني مصالح بأنني أصبحت واصلاً ، ولم أكن أفهم ماذا كان يقصد العوض بذلك في حينه أو أسعى إلى ما فهمت ما قصده لاحقاً!.
منذ ذاك الحين تواصلت مع اللواء فرج عدة مرات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة وذلك على فترات متقطعة وبعد مرور سنوات من مرور ذلك اللقاء، ولكن خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وما أثير حول لقائه مع صحيفة الواشنطن بوست قبل أن ينفي ما أشيع عن نشر ما قيل على لسانه حول الأسرى والتعامل مع قطاع غزة ، آثرت أن أتواصل معه لكي أستوضح الحقيقة منه مباشرةً، وكنت أخشى أن يرفض الحديث أو أن يتجاوب مع استفساري في ظل انشغالاته الكثيرة خلال التحضير لزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأخيرة لواشنطن كما يفعل غيره! ، ولكنه كان دافئاً بحسن الاستجابة وواثقاً برده حينما قال هذه هي ضريبة تمسكنا بالوطن وتحملنا مسؤولية همه ، ونحن اخترنا هذا الطريق وسنبقى ماضين فيه كما قال، وكأنه كان يقول في تلك اللحظات ليس هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها نقل كلام عنه لم يدلي به ، ولن تكون الأخيرة وهو دائماً مستعد لتحمل ذلك والتعاطي مع النتيجة.
ما جعلني أتحدث في هذا الأمر هو ما لفت نظري حول ما جاء على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده في البيت الأبيض عقب لقائه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، حيث أشاد الرئيس ترامب بممثلي الرئيس عباس الذين أداروا الحوار مع الجانب الأمريكي أثناء التحضير لهذه الزيارة التي أجمع المراقبين على أنها خرجت بمشهدٍ من الدفيء أحاط بهذا اللقاء لم يكن يتوقعه أكثر المتفائلين من المراقبين أن يحقق نجاحاً إعلامياً كما شاهدنا ويلحق به نجاحاً معنوياً آخراً بموافقة سريعة لزيارة رام الله في المرحلة القريبة المقبلة وذلك خلال الجولة التي سيقوم بها الرئيس الأمريكي إلى السعودية وروما وإسرائيل والأراضي الفلسطينية، ليؤسس لعلاقات مستقبلية جيدة.
هذا الأمر في المفهوم الدبلوماسي لا يعتبر عابراً أبداً، حيث أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي بات يخطو خطوات واثقة وأكثر واقعية ومهنية في العمل السياسي، عبر صراحةً عن أهمية العلاقات مع الحلفاء المسلمين في منطقة الشرق الأوسط وأنه سيعمل على خلق برامج تدعم طموحات وتطلعات الشباب المسلمين في المنطقة، وأثنى على التحالف بين إدارته وبين السلطة الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بالجانب الأمني الذي أصبح يمثل الهاجس الأكثر خطورة الذي يؤرق العالم بأسره، لا بل بات هذا الأمر في هذه المرحلة بالتحديد يمثل الموضوع الأكثر أهمية في أولويات الدول التي باتت تصطف إلى جانب بعضها البعض في تحالفات قوية لمواجهة الإرهاب وللمحافظة على مصالحها.
هذا يوضح مدى أهمية موقع رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية العامة المتمثل اليوم في قيادة اللواء ماجد فرج له، وأهمية دوره الرئيسي في هذه المرحلة والمرحلة المستقبلية سواء بمواجهة ما يتعلق بالتحديات على الساحة الداخلية أو الساحات الخارجية، لذلك حظي بدعم وثقة الإدارة الأمريكية وكان يمثل المحور المركزي في نجاح زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى واشنطن ، لا بل كان يمثل الركيزة الأساسية في حوار الرئيسين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك بغض النظر عن التوافق معها أو الاختلاف حولها أو مع هدفها من قِبَل الرأي العام ضمن المفاهيم العامة المطروحة وبعيداً عن الحيثيات التي تتعلق بمسببات التعاون وضرورياته.
هذا راجع بلا شك إلى أن الحقيقة تقول شئنا أم أبينا بأن الأمن أصبح هو العامل الأكثر أهمية بالنسبة للعالم أجمع ، ويمثل الأساس المشترك في تبادل المصالح بين الدول خاصة في ظل تصاعد التحديات الناجمة عن الإرهاب، وبالتالي من الطبيعي أن يحظى الذي يتمتع بالقدرة على خلق تحالف استراتيجي في العلاقة ما بين بلده والدول الأخرى وخاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية كأعظم دولة في العالم، والعمل على محاولة التأثير في موقفها كراعية لعملية السلام و وتتبنى مفهوم إرسال العدالة في العالم، ويستطيع أن يحافظ على بناء علاقات قوية وطبيعية مع دول الجوار، وخاصة جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية اللاتي زارهما فور انتهاء زيارة الرئيس محمود عباس إلى واشنطن، بصفاتٍ قيادية مميزة وعالية المستوى ، وإن أضيف إليها التواضع والانفتاح على المجتمع قدر الإمكان وعدم الانعزال ، يعني ذلك ببساطة أنه يسير بخطوات ثابتة اتجاه تحقيق أهداف منشودة سواء على صعيد الطموح الشخصي أو على صعيد الحاجة والمتطلبات الوطنية.
أخيراً ، في تقديري إن أردت أن أكون منصفاً للرجل وكما كانت إجابتي دائماً ، استطيع القول بأنني لم أجد في شخصية اللواء ماجد فرج إلا شخصية متواضعة وأنيقة اللسان، أتمنى أن أكون دقيقاً عندما أقول بأنها شخصية تتمتع بالمصداقية بالفعل ، حيث أنه لم يتعامل معي شخصياً بأي نوع من العدوانية أو التهديد أو بطريقة فوقية وهو يتابع مقالاتي الساخنة عن قرب ، لا بل أخجلني بتواضعه وتحاببه وهو يعاتبني عتاب الأخوة وهذا هو جوهر الحكاية فيما بيننا لمن أراد أن يعرفها!.