نشر بتاريخ: 13/05/2017 ( آخر تحديث: 13/05/2017 الساعة: 21:33 )
الكاتب: حسن الفقيه
يتابع الشارع الفلسطيني باهتمام ملحوظ انتخابات مجالس اتحاد الطلبة في جامعات الضفة الغربية والتي تجرى سنوياً من اول نيسان لمنتصف ايار.
وتتنافس الكتل الطلابية التي تُعَدُّ امتدادات للحركات السياسية الفلسطينية على مقاعد مجالس الطلبة، وتعتبر حركة الشبيبة الطلابية الذراع الطلابي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وتعتبر الكتلة الإسلامية الجناح الطلابي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ويُمَثِّل القطب الطلابي الديمقراطي التقدمي الجناح الطلابي للجبهة الشعبية، بينما تُمَثِّل الرابطة الإسلامية الجناح الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي وتمثل كتلة الوحدة الطلابية الذراع الطلابي للجبهة الديمقراطية.
وتعتبر هذه الانتخابات مهمة، كونها تعدت انتخابات نقابية طلابية ، حيث تعتبراستمزاج الميول السياسية لطلبة الجامعات, ومدى شعبية كل تنظيم.
ويكفي التجول بين تصريحات قيادات الأحزاب السياسية الفلسطينية بُعيد كل انتخابات لنتعرف إلى مدى أهمية نتائجها في إعطاء مؤشرات على شعبية تلك الأحزاب والالتفاف حول نهجها السياسي على حَدِّ تعبيرهم.
الدور السياسي والنقابي في حسم النتائج
إن الدراسات التي أُجريت حول أهم العوامل التي يعتمدها الطلبة في اختيار كتلهم الطلابية المُمثلة لهم في مجالس الطلبة تضع الإنجاز والانتماء السياسي على رأس القائمة قبل العمل النقابي للطالب نفسه والبرنامج السياسي المعروض من قبل الكتل الطلابية؛ حيث يرى 79.4% من الطلبة أن البرنامج السياسي للكتلة التي سينتخبونها هو العامل الأهم في اختيارهم، ويأتي ثانيًا في الأهمية تأييد الطالب للخدمات الطلابية المقدمة داخل الجامعة بنسبة 71.7%.
وقد تنافست الكتل الطلابية هذا العام على إرضاء الطلبة بتنوع نشاطاتها النقابية كمًّا ونوعًا.
جاءت نتائج انتخابات الجامعات هذا العام على النحو التالي:
جامعة بيت لحم :حصلت حركة الشبيبة الطلابية على 19 المقعد مقابل 11 مقعد لتحالف اليسار وغياب للكتلة الاسلامية عن المشاركة في الانتخابات.
جامعة فلسطين الاهلية: حصلت حركة الشبيبة الطلابية على 20 مقعد وقائمة ابو علي مصطفى على 10 مقاعد والمبادرة الوطنية على 3 مقاعد.
جامعة فلسطين التقنية خضوري: حصلت حركة الشبيبة الطلابية على 24 مقعد و9 مقاعد لتحالف اليسار ومقاطعة للكتلة الاسلامية.
اما جامعة النجاح الوطنية اكبر جامعات الضفة الغربية: حصلت حركة الشبيبة الطلابية 42 مقعد وحصلت الكتلة الاسلامية على 34 وحصلت جبهة العمل الطلابية التابعة للجبهة الشعبية على 4 مقاعد وكتلة الوحدة الطلابية على مقعد .
جامعة بوليتكنك فلسطين: حصلت حركة الشبيبة الطلابية 19 المقعد وحصلت الكتلة الاسلامية على 11 وتحالف اليسار على مقعد.
جامعة بيرزيت:حصلت الكتلة الاسلامية على 25 مقعد , وحركة الشبيبىة الطلابية على 22 مقعد , والقطب الطلابي على 4 مقاعد.
ان تراجع الكتلة الاسلامية في اوساط الجماهير الطلابية وخسارتها في معظم الجامعات والمعاهد التي شاركت بها له دلالات كثيرة ومؤشرات لا يمكن تجاوزها دون التطرق لأسبابها ونتائجها ، فعلى سبيل المثال جامعة النجاح الوطنية أكبرجامعات الوطن والتي يبلغ عدد طلابها 21 الف طالب فازت حركة الشبيبة بها فوزاً حاسماً, حيث حصدت اكثر من نصف المقاعد لصالحها.
وفي جامعة بوليتكنك فلسطين كذلك الامر حيث انتصرت الشبيبة انتصاراً ساحقاً .
اما جامعة فلسطين التقنية "خضوري" لقد قاطعت الكتلة الاسلامية الانتخابات بتقديرها المسبق للخسارة امام قوة الشبيبة.
اما في جامعة بيرزيت كان الطلبة مرة أخرى ضحية لحماس واكاذيبها
حركة فتح لم ولن تتراجع،واثبتت انتخابات جامعات الضفة ذلك، وبضع مئات من الطلبة في بيرزيت ممن صنعوا الفرق لصالح حماس حقا لا تعني شيئا ولا تعطي اي مؤشر على تراجع حركة فتح العملاقة وبرنامجها الوطني التحرري، لكن حماس كما ذراعها الطلابي في جامعة بيرزيت، استطاع ان يغرر بالطلبه وان يخدعهم، فوقعوا ضحية شعارات حمساوية قديمة جديدة بالية فارغة لا يملؤها الا الكذب والخداع والتضليل، شعارات المقاومة والنصر حتى الثمالة ، والعزف على وتر عاطفة الدين الذي تبرأت منه حماس رسميا في وثيقتها الاخيرة، ناهيك عن ضبط ايقاعها الحزين على طبل الظلم والقمع الذي تزعم انها تتعرض له في الضفة .. السؤال الأبرز: لماذا نجحت هذه البروباغندا الحمساوية الفتاكة في جامعة بيرزيت واخفق تأثيرها في باقي الجامعات ؟؟ مع احترامي لكل الطلبة، الاعتقاد السائد بالمجمل هو ان شريحة الطلاب في جامعة بيرزيت هم الاكثر انفتاحا وليبرالية وبالتالي اكثر دراية بالمشهد السياسي الفلسطيني العام ، وبما يدور من حولهم من احداث وتطورات وتغيرات، لكن الجواب بالتأكيد نجده في ادمغة فئة طلابية غير مؤطرة يبدو انها تشكل نسبة كبيرة بين اعداد الطلبة، يغلب على تفكريها طابع السذاجة والسطحية والقليل من الثقافة والاطلاع والتعمق وسهلة الخداع سريعة التأثر بالعاطفة وتستهوي الشعارات الرنانة، وهذا بالضبط ما يأخذنا الى القول ان للفكر والاعتقاد والتوجه لا بد له من اساس مبني على التنشئة والتوعية. فالاسرة والمدرسة نموذج متكامل لتخريج جيل اكثر قدرة على الادراك والتميز .
وبشكلاً عام تعتبر انتخابات الجامعات إحدى أهم الاشارات حول الثقافة والمزاج العام ووجه نظر الجمهور تجاه النظام السياسي الفلسطيني ومستوى رضاء الطلبة عن الأطر الطلابية المتنافسة ( خطابا ومسلكا).إنه ووفق الاستطلاعات والدراسات فأن لحركة فتح الثلث المانع من أبناء الشعب الفلسطيني وهو ما تثبته الإنتخابات دوما ، وتشكل حماس التي تعتبر الخصم السياسي والنقابي والفكري الأبرز ما نسبته 15-20 % ، وتتشكل كل نتائج الإستطلاعات والإنتخابات من جمهور كبير يعبر بصوته الإنتخابي عن وجهة نظره بعيدا عن كونه مناصرا أو ملتزما أو حتى متابعا . ان لحالة الاسلام السياسي والتي برزت في فلسطين والتي اطلقت حركة حماس من خلالها عدد كبير من الشعارات والأهداف غير الواقعية وغير القابلة للتطبيق على أرض الواقع في ظل غياب حقيقي لمشروع الشراكة السياسية المبني على المصلحة الوطنية العليا وذلك ما تعبر عن قيادة منظمة التحرير دوما ويتفق عليه كل المناضلين والمتابعين ورغم ميثاقها الجديد الذي اتفق الجميع على تسميته بأنه تجديد لميثاق أنتجته القيادة الفلسطينية قبل ثلاثة عقود . إن من أهم الأسباب التي جعلت الناخب يعزف عن انتخاب الاطار الطلابي لحماس أنها نقلت الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الى دائرة مغلقة غاب فيها أي أفق وانعدم من خلالها أي الفلسطيني في غزة ومارست الإنقسام وعززته واستنزفت جمهورها وتسببت سياساتها الاقليمية والوطنية بانحدار سقفها النضالي وصولا الى هدنة بلا فائدة وشعارات بلا نتائج وكان ذلك سببا مهما في غياب الحشد لها بصناديق الاقتراع . , وان عدم رغبة حماس في تحقيق المصالحة لا يعود لاحتمالات انتخابية بالدرجة الاولى بقدر ما قادتها أخذتهم العزة بالإثم وأصبحوا سياسياً واقتصادياً لهم الاستقلالية والرفاهية التي يرونها كافية , وان الوجه الحقيقي لحماس واهدافها والذي بات واضحاً لأبناء شعبنا متمثلاً بوثيقتها الاخيرة والتي خالفت بها كل الشعارات التي اطلقتها في السابق، وبها زادت فتح والسلطة من قبضتها بعدما ظهرت الاهداف الحقيقية التي تسعى لها حماس وذلك تسبب بعزوف الكثير من الجماهير التي كانت تريد حماس وتؤازرها وتعتبرها بديلا جيدا عن فتح . وعلى الصعيد الطلابي ، فإن المزاجية التي تعاملت به الكتلة الإسلامية بطرح نفسها في بعض الجامعات ندا قويا للشبيبة الفتحاوية ، والابتعاد دون مبررات عن الجامعات التي تكاد الشبيبة الفتحاوية تسيطر عليها منذ نشأتها ، أثر كثيرا في الطلبة الذين اختاروا الشبيبة بفارق كبير بالمقاعد والاصوات في معظم الجامعات التي كانت تعتبرها حماس مكانا خصبا للمنافسة .
ان انتصار فتح في الجامعات لا يعني بأن الحركة بأفضل حالاتها ولكنه جاء نتيجةً للممارسة شباب فتح لفتحاويتهم وقاموا بتجيير الواقع لصالح الحركة, وان الاجيال الشابة منحت فتح الثقة وفرصة حقيقية لتعطشها للوسطية السياسية والدينية وبأن الاجيال وجدت برنامج فتح اكثر قرباً وواقعياَ من برامج الفصائل الاخرى.
ان على قيادة فتح التقاط هذه الفرصة الحقيقية وتعزيز ثقلها بين الجمهور الفلسطيني الذي منحها الثقة وتلبية تطلعاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنهوض بالحالة الفكرية والرؤى المستقبلية وذلك لعدم معاقبة الحركة في أي انتخابات قادمة.