الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

عرس ديمقراطي ناقص بدون غزة

نشر بتاريخ: 14/05/2017 ( آخر تحديث: 14/05/2017 الساعة: 09:59 )

الكاتب: بهاء رحال

نجحت الانتخابات المحلية واستطاع الناخب أن يختار ممثليه في البلديات والمجالس المحلية كاستحقاق تأجل بعض الوقت، ولكنه بفعل الانقسام بدت الفرحة في هذا العرس الديمقراطي ناقصة، بيد أن غزة لم تشارك في هذه الانتخابات، غزة الحبيبة والجريحة والمحاصرة، غزة المختطفة التي يصر الخاطفون على غياب الديمقراطية عنها، وتغييب صندوق الانتخاب والإطباق عليها بهذه الصورة من الفجاجة، وتطويعها لتبدو منفصلة تماماً عن شطرها الآخر، وهذا ما جعل الفرحة في قلوبنا ناقصة. تبدو الصورة مؤلمة حين تجد أن شطر الوطن تغيب عنه اشراقه الديمقراطية، ويُمنع الناس هناك من ممارسة حقهم الطبيعي في الترشح والانتخاب، ويؤخذون غصباً وقهراً، وهذا ما يحزن قلوبنا وعقولنا، وهذا ما يدفعنا لنكتب، أملاً في دفع القادة والسياسيين كي يعملوا لتحقيق الوحدة الوطنية والخلاص من هذا الانقسام البغيض.
إن نجاح الانتخابات يعني نجاح الديمقراطية التي هي صورة مشرقة من صور الشعب الفلسطيني الذي رفض كل أشكال الوصاية والديكتاتورية وسعى منذ زمن للوصول إلى نموذج ديمقراطي يحقق رغباته وتطلعاته، وكان خياره منذ البداية صندوق الاقتراع أسوة بباقي الشعوب الحرة، التي تمتلك ارادتها ولا يسطو عيها أحد، والانتخابات حق وجب ممارسته على كل مواطن ومواطنة رغم أن المآخذ التي تطغى في بعض الحالات هنا وهناك تشكل بعض العقبات، سواء المتعلقة بسطوة العائلة والعشيرة، او بالتحيز الطائفي وغيرة إلا أن إجراء الانتخابات كفيل ببلوغ الهدف الأسمى وصولاً إلى مجتمع نقي، قادر على النهوض بنفسه، تحكمه ضوابط القانون، ومساحات من الحرية التي ينشدها كل مواطن ومواطنة.
ربما خسرنا الرهان، حين كنا نتطلع إلى أن تكون صناديق الانتخاب واحدة في الضفة وغزة والقدس، ذلك الرهان الذي علقنا عليه أمنياتنا بأن تكون مساحة الديمقراطية في الانتخابات البلدية والمجالس المحلية نقطة بداية لتحقيق المصالحة الوطنية عبر صندوق الانتخاب وصولاً إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية القادرة على طي صفحة الانقسام إلى الأبد. لكن خسران هذا الرهان لا يعني أن تتوقف المحاولات، وان يتوقف السعي والعمل على كافة الأصعدة لبلوغ الهدف المنشود، فأمر الانقسام بات قاهراً، والصورة القاتمة التي يحملها باتت بشعة ونحن نرى حياة الناس وبؤسها، ومصيرها الذي تعيشه في غياهب واقع مفروض عليها، بدون كهرباء وبحصار يخنق كل أشكال الحياة، ويهدد مستقبل أجيال من الشباب كما يهدد وحدة الوطن الواحد والحلم الواحد والمصير الواحد.
نجاح الانتخابات البلدية والمحلية في مدن وقرى الضفة الفلسطينية يعني أن جزءً من شعبنا يمارس حقه في اختيار مرشحيه، وبالنظر إلى الأمر بصورة أوسع حيث تتزامن هذه الانتخابات مع انتخابات مجالس الطلبة في الجامعات أيضاً، وهذا له مدلولاته التي يستطيع كل مراقب أن يراها، بشكلها العادي والطبيعي وبعيداً عن التحيز الحزبي، كما يستطيع المراقب أن يرى حقيقة الأمر، فمن يمنع اجراء الانتخابات في غزة لن يستطيع أن يخفي الصورة التي أصبحت واضحة ولا تحتمل أقاويل وخطب وشعارات. وهذا أمر محزن، ويحمل في طياته الكثير من الاضطراب الذي لن يعود بالفائدة على شعبنا الفلسطيني والمشروع الوطني الذي يناضل لأجله الكل الفلسطيني، وصولاً إلى دولة مستقلة وكاملة السيادة، ديمقراطية يحكمها دستور واحد وقانون واحد، تحقق العدل وتؤمن بالمشاركة السياسية والتعددية الفكرية والحزبية.