نشر بتاريخ: 15/05/2017 ( آخر تحديث: 15/05/2017 الساعة: 11:03 )
الكاتب: رامي مهداوي
اسمح لي أن أتحدث معك بمعزل عن الرسميات والبروتوكولات، أتحدث معك بصوت شاب من العالم الثالث يخضع وطنه للإحتلال الإسرائيلي منذ 1948م، في البداية أبارك لك منصبك برئاسة فرنسا الذي أسعد الشباب العربي بسعادة ربما كانت أكثر من فرحتك بتوليك هذا المنصب، وأزعل قياداتنا العربية الهرمة أكثر من كل منافسيك الذين خسروا أمامك. نعم حدث الزلزال السياسي بنجاحك في باريس، لكن نتائجه هزت الأنظمة السياسية للعواصم العربية.
عزيزي إيمانويل ماكرون..
هل تعلم لماذا فرحنا بنجاحك في الإنتخابات؟ لأن شبابنا العربي فقد الأمل في الغد، فقد معنى التطور المهني والحزبي أمام مواجهة ديكتاتورية سلطوية في جميع المجالات، يتم استخدام الشباب كأداة لتمجيد نفوذهم وسيطرتهم في الحزب، العائلة، المؤسسة، إستخدام الشباب من أجل زيادة أموالهم، إستخدام الشباب في الحروب الأهلية كأكياس دماء ووقود لها، دون أن ينظر للشباب كأهم فاعل في معول التنمية بالوطن العربي. وبنجاحك زرعت الأمل في ظلامنا الدائم كشباب تائه لا يعرف الخلاص من هذه الديكتاتوريات المختلفة.
هل تعلم لماذا حزينة القيادات العربية بنجاحك؟ لأنك زعزعت طموحهم بالإستمرار والبقاء في حكم السلطة، وقيادة الحزب، وترأس القبيلة، وإدارة المؤسسة، لأنك أيقظتهم من سباتهم وموتهم السريري فوق مقاعد الحكم، هل تعلم بأنك من عمر أبناء أبنائهم؟ هل تعلم بأنهم يترأسون مؤسسات شبابية ويدّعون تمثيلهم الشباب وأعمارهم تجاوزت 60 سنة؟
عندما تقابلهم تعامل معهم كما تتعامل مع جدك، تعامل معهم ضمن امكانياتهم لا إمكانياتك لأنك ستسحقهم منذ أن تصافح يدك الشابة يدهم العاجزة، إرفع صوتك عند محادثتهم لأنهم لا يسمعون جيداً بسبب كبر أعمارهم، فهل تتخيل أنهم يسمعون نبض شعبهم؟! اجعل خطواتك بطيئة حتى لا تسبقهم أثناء المراسم والبرتوكولات الدبلوماسية، يكفي أنك تسبقهم بعقلك وشرعيتك.
عزيزي ماكرون..
درسنا في كتب التاريخ عن الثورة الفرنسية، وما أحوجنا لثورة فرنسية في واقعنا الفلسطيني والعربي، فواقعنا الفلسطيني أشبه بتاريخ بداية الثورة 1789 في كافة مناحي الحياة وربما أكثر لأننا نواجه أيضاً إحتلال صهيوني يفترسنا يومياً، فما بين تاريخ الهجوم على الباستيل14 يوليو1789 وما يقوم به الأسرى الفلسطينيين في هذه اللحظات من مواجهة السجّان بإضرابهم عن الطعام من أجل الحصول على حقوقهم وحريتهم تمضي القضية الفلسطينية وحدها كآخر الدول في العالم تواجه الإحتلال الإسرائيلي حاملين شعار" العدل، الحرية، المساواة".
مازلت أدبيات فولتير، مونتسكيو، روسو يسطرها الفلسطيني بمطلب حق تقرير المصير في كل لحظة على أرضه، لكن هذا وحده لا يكفي دون دعم خارجي من المجتمع الدولي، وهنا نحلم بأن تقود فرنسا أوروبا ليس كمشاهد أو الإكتفاء بالدعم المالي والتمويلي، وإنما عليها أن تتخطى ذلك بما على أوروبا من مسؤولية أخلاقية. أنا مؤمن بالدور المهم لأوروبا كطرف محايد من أجل إنهاء الإحتلال البشع، وعليها أن تواجه إسرائيل ليس فقط بقرارات وإنما بخطوات عملية على أرض الواقع.
في النهاية، أتمنى لك النجاح الدائم متمنياً منك دعم الشباب على الصعيد العالمي وبالأخص في مجتمعنا العربي، فنحن ننظر لك ليس فقط رئيساً لفرنسا وإنما رئيس الشباب ونحن معك في حزبك الذي أسسته في ابريل عام2006 الذي أسميته "الى الأمام"، وعلى رئيس الشباب حمل راية الثورة الفرنسية لأنها لم تنتهي بعد... الى الأمام سيدي الرئيس.