الجمعة: 22/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

العودة عنوان التحدي والوحدة استحقاق المرحلة

نشر بتاريخ: 15/05/2017 ( آخر تحديث: 15/05/2017 الساعة: 11:04 )

الكاتب: د. سلامة أبو زعيتر

ما زال الامل والهدف الفلسطيني بالعودة والتحرير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، هو الهاجس الذي لا يفارق الاذهان، ويعيش في كل بيت متجددا مع الاجيال، متجذرا بينهم جيلا بعد جيل، قاهرا كل النظريات والمقولات القائمة على أن الكبار يموتون والصغار ينسون، كيف ينسى الانسان ودماؤه مجبوله بطين الارض وقلبه ينبض بالحنين للوطن؟؟، فمنذ النكبة 1948، بكل ما حملت من مآسي وظلم ضد شعبنا الاعزل، وبما ارتكبته عصابات الاحتلال الصهيوني من المجازر ومسلسلات القتل والنهب لمقدرات الامنين، بهدف الطرد والتشريد من الوطن، وهدم أكثر من 500 قرية وطحن المدن الرئيسية لوأد الكيان الفلسطيني، وتزيف المعالم التاريخية بمعالم جديدة واقامة المدن اليهودية الاحلالية، وتهجير السكان في بقاع الارض، ومحاولات طمس الهوية الفلسطينية وتغيير كل ما هو قائم عربيا وتبديله بأسماء عبرية.
رغم كل المحاولات الصهيونية الاستيطانية والاحلالية والسعي الدائم لفرض وقائع جديدة في البيئة الفلسطينية، وبكل ما حملت مخططات الاحتلال من مكر ودهاء لم تستطيع أن تمحوا الذاكرة، وتفصل الفلسطيني عن أرضه، فالعروق تضخ الدماء التي تحمل الاكسجين وحب الوطن معا في الجسد، فكل يوم تتعاظم التضحيات وتتطور الاساليب والادوات التي تتحدي الاحتلال وتطالب بالحقوق، وتجسد أروع البطولات التي تنحني لها الهامات بكل الفخر.
النكبة تاريخ متجدد كل عام، ومحطة يتوقف عليها الكل الوطني، للتذكير وإعلاء الاصوات وتوجيه الرسائل التي تحمل معاني وقيم ومبادئ تؤكد على الحق بالعودة والتحرير والاستقلال، وأن على هذه الارض شعب يستحق الحياة بكرامة وحرية كالآخرين، ولن يهدأ له بال أو يستكين ما دام المحتل ينهب أرضه، ويستغلها ويصادرها بدون حق، متنكرا للحقوق؛ متطاولات ومنتهكا كل المحرمات والمقدرات والمقدسات، ومتجاوزا لكل الخطوط الحمراء ضاربا بعرض الحائط القوانين والمواثيق الدولية والاخلاقية والانسانية، مستمرا بسياسة الابارتهايد الاحتلالية بما تحمل من عنصرية تعنته وظلمه ودمويته.
تسعة وستون عام من محاولات قهر الرجال، وتزايد الاحمال والاعباء والظلم على المهجرين والمشردين من أبناء شعبنا في كل اصقاع الارض، فالفقر والجوع ينهش أجسادهم، والبطالة والحصار يقتل الامل لديهم، والانقسام البغيض يهدد تماسكهم ونسيجهم الاجتماعي، ويشتت جهودهم ويبعثرها ويضع العراقيل أمامهم، ومسلسل العدوان والقتل والتجريف والتهجير يتجدد كلما سنحت فرص سعى ساسة الاحتلال لتمرير مكاسب وتحقيق مصالح داخليه أو خارجية، مرتكبا المجازر تلو الاخرى ضد المدنيين العزل من أبنائنا أمام ومرأى العالم والصمت الدولي والعجز العربي؛ ويتكرر مشهد التهجير الداخلي مع كل عدوان على شعبنا.
تصادف هذه الذكري مرور 29 يوم على إضراب الاسرى المفتوح عن الطعام، الذي يواجهون فيه قهر السجان بأمعائهم الخاوية مطالبين بحقوقهم المشروعة، مطلقين صرخات التحدي بإرادة وعنفوان، ومصرين على النصر أو الشهادة في سبيل الله والوطن والكرامة، هكذا هم أبناء شعبنا عظماء بالفطرة، شامخين كجبال جرزيم وعيبال منتصبين القامات رافعين الهامات قاهرين المحتل والمتخاذلين؛ شعارهم الكرامة والوحدة سبيل النصر، يؤازرهم شعبنا والاحرار في العالم بالتضامن والدعم والمساندة حتى تحقيق النصر، هذه البطولات التي يجسدها شعبنا كل يوم هي رسالة ورد لكل من يعتقد أن الزمن يمكن أن يثني عقيدة الفلسطيني، ويحيده عن البوصلة الحقيقية نحو الحرية والاستقلال التام وحق العودة وتقرير المصير، فشعبنا قابض على حقوقه بكل قواه وثابت بالمطالبة بها بشموخ وكبرياء متحدي كل المؤامرات والمخططات وسياسات التفرقة والتشتيت للجهود وافتعال الازمات وتغذية الانقسام بين أبناء الشعب الواحد لكسر الارادة، والانشغال ببعض في حين يستمر المحتل بالاستيطان والتهويد، وسلب الارض وقتل أبنائنا بدماء باردة وتكرار محاولاته لفرض الوقائع الجديدة وشرعنه احتلاله بغزوه للأرض ومصادرتها.
في هذه الذكرى الاليمة على قلوبنا من واجبنا أن نذكر ونشدد على أهمية الوحدة الوطنية، وتوحيد الجهود وتعزز التضامن والتكاتف بالعمل المشترك، فالأصل أن نتوحد جميعا خلف قضيتنا الفلسطينية، وواجبنا أن نصعد خطواتنا في كل الاتجاهات، وخاصة بدعم الاسرى وهم يخوضون اضراب الكرامة، والعمل على ملاحقة الاحتلال في كل الميادين التي يمكننا إحراز نصر وخطوات تقدم وانجاز لقضيتنا فيها، وهذا يحتاج الكل الفلسطيني موحدا أمام متطلبات التحرير والاستقلال والبناء الوطني، يكفي انقسام أدمي القلوب وقهر الامل!!!.
أخيرا بإرادة الابطال، وعظمتهم وبصمود شعبنا حتما سينتصر الوطن وشعبنا، ويتخطى كل الجراح، فالأصل الوطن والوحدة، وعاجلا أم أجلا ستسقط كل المؤامرات، وتنهار كل أشكال التفرقة والانقسامات المفتعلة أمام الوقائع، فشعبنا رغم كل الجراح وما مر به من ظروف ومأسي، ما زال يتحدى الصعاب محافظا على هويته وقيمه وثقافته، متجددا ومتنوعا بصناعة الحياة رغم كل شيء، ورسالته فلسطين الوطن لأهلها ومن دفع فاتورتها بالتضحيات.
عاشت نضالات شعبنا ..الحرية للأسرى ..المجد للشهداء.