نشر بتاريخ: 16/05/2017 ( آخر تحديث: 16/05/2017 الساعة: 10:45 )
الكاتب: د.مصطفى البرغوثي
للمرة الخامسة أجل اجتماع الجمعية العمومية للإتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا) ،المنعقد في المنامة عاصمة البحرين، اتخاذ قرار بشأن طرد ست فرق كرة قدم إستيطانية اسرائيلية تلعب في الأراضي الفلسطينية المحتلة في مخالفة واضحة للقانون الدولي وفي تعارض مع التزام "الفيفا" المعلن بحقوق الإنسان وتعهداته بشأن المسؤولية الإجتماعية.
وقد تدخل نتنياهو شخصيا من خلال اتصاله برئيس "الفيفا" انفانتينو لضمان شطب الموضوع من جدول أعمال الجمعية العمومية.
هذا التأجيل الذي تم بأغلبية أصوات الجمعية العمومية يعيد طرح تساؤلات كبيرة حول طبيعة السياسات التي توجه الاتحاد الدولي لأكثر رياضات العالم شعبية.
إذ كيف يسمح الاتحاد الدولي بإستمرار عضوية الاتحاد "الإسرائيلي" لكرة القدم وهو يضم ست فرق استعمارية إستيطانية موجودة بشكل غير شرعي في مستعمرات "معالية أدوميم" و"كريات آبا" و "جيفعات زئيف" وغيرها؟ و كيف يسمح للإتحاد الإسرائيلي باستخدام موارد الفيفا وتسهيلاته لدعم هذه الفرق الاستعمارية؟
وكنموذج آخر للنفاق الدولي وازدواجية المعايير يسكت "الفيفا " عما تقوم به اسرائيل في حين أجبر الإتحاد الروسي على إخراج فريق "القرم" من عضويته بسبب أحداث اوكرانيا. وفي الواقع فإن مخالفات إسرائيل والإتحاد "الإسرائيلي" لا تقتصر على ضمه لست فرق استعمارية ، بل تمتد الى التمييز العنصري ضد اللاعبين الفلسطينيين ، ومنعهم من حرية الحركة وحرمان لاعبين كثيرين من قطاع غزة من حقهم الطبيعي في المشاركة في المباريات الدولية . كما تشمل الممارسات العنصرية الإعتقالات العشوائية والاضرار بالمرافق الرياضية.
قبل سنوات، عزل واحد من أشهر فرق ( الرجبي) الرياضية في العالم وحرم من خوض المباريات بسبب إنتمائه لنظام الفصل العنصري .وساهم ذلك العزل والتأثير النفسي والسياسي الذي تركه ، بالاضافة الى أنشطة المقاطعة ضد البضائع والجامعات والفرق الفنية والثقافية لجنوب افريقيا، دورا حاسما في القضاء على نظام الفصل العنصري وإجبار حكومة بريتوريا على إنهائه والرضوخ لصوت الأغلبية الذي مثله نيلسون مانديلا والمؤتمر الوطني الافريقي.
وبعد إسقاط نظام الأبارتهايد شجع مانديلا بنفسه فريق "الرجبي"، وغالبية لاعبيه من البيض، وسلمه بيده كأس الفوز ببطولة العالم عام 1995 وهو يرتدي قميص الفريق ولكن برقم ( 46664) ،الذي كان رقم مانديلا كسجين في زنازين الأبارتهايد لسبعة وعشرين عاما.
الرياضة وكرة القدم نشاط نبيل يجب أن يلتزم بحقوق الإنسان وباحترام القانون الدولي، وتحويلها الى تجارة يؤدي فقط الى افسادها كما جرى "للفيفا" التي ما زالت تجرجر ذيول فضائحها.
والالتزام الأخلاقي بالحقوق الإنسانية يقتضى من "الفيفا" وأعضائها ليس فقط طرد الفرق الإستعمارية الإستيطانية الستة، بل وطرد كل الإتحاد الأسرائيلي وفرقه ومقاطعتها ما دامت إسرائيل تواصل تكريس نظام "الأبارتهايد الجديد" والأسوأ في تاريخ البشرية.
كان حريا بالجمعية العمومية للفيفا ،وهي تعقد على أرض عربية ،وعلى مسافة اقل من شهر من الذكرى الخمسين لأطول إحتلال في التاريخ البشري ، وفي وقت يشعر فيه الجميع بآلام الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، أن ترتقى الى مستوى شعاراتها ومواثيقها وتعهداتها، لا أن تواصل منافقة حكام إسرائيل العنصريين.
سيأتي يوم يتحقق فيه للفلسطينيين ما تحقق لشعب جنوب إفريقيا من إنتصار على العنصرية، وعندها سيتذكرون ،وسيتذكر شرفاء العالم من وقف الى جانب الحق والعدالة، ومن تهرب من واجباته.