الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

متلازمة ستوكهولم تصيب المواطن العربي وسنقتل من يأتي لمساعدتنا

نشر بتاريخ: 07/06/2017 ( آخر تحديث: 07/06/2017 الساعة: 14:45 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

العالم العربي في غيبوبة سكر. يريد المزيد من الأخبارة "الحلوة" ولا يعرف أنه يقتل نفسه.. صرت ترى بعض المناضلين الفلسطينيين يدافعون عن التنسيق الأمني أكثر مما يدافع الاسرائيلي. وصرت ترى بعض مثقفي غزة يزيّنون الحصار باعتباره نصرا مؤزرا. وصرت ترى منظري الحريات في العالم العربي يخرجون على شاشات التلفزيون يدافعون عن الأنظمة الدكتاتورية بشكل أنجح من أبواق السلطة نفسها !!! وصرت ترى اليساريين يدافعون عن الانظمة الاوتوقراطية الدينية المتخلفة بشكل بارع لدرجة أنهم أقنعنونا بعكس الحقائق، وتراهم يستخدمون الديالكتيك ونظريات الماركسية في اظهار جمال الايديولوجيات المتطرفة والمتعفنة بشكل لا يخطر ببال، وصرت ترى ان المرأة المعنّفة والتي تتعرض للاهانة والازدراء كل يوم تدعو الى منح الرجل المتسلط فرصة أخرى وأخرى وأخرى ليحكم وينجح ضدها بشكل جيد وتام. ونشاهد برامج تلفزيونية تخرج فيها المرأة تهاجم حريات المرأة!!! وصرت ترى الموظف يجيء الى العمل ولكنه لا يعمل. وصرت ترى الرجل يتنازل عن قيمته الاجتماعية للبنوك وللفيس بوك بطريقة لا يمكن فهمها بل انه لم يعد يستخدم سوى 5% من طاقاته للزحف من اجل البقاء ولا يهم أي بقاء وبأي مضمون، فالرجل العربي مصاب بالشيزوفرينيا، والمرأة العربية مصابة بمتلازمة ستوكهولم، الرجل العربي اعتاد ابتلاع الاهانة من كل عدو اجنبي والمراة العربية تعتقد انها اذا استقرت في قاع الهاوية قد وصلت الى الهدف المنشود!!!
في آب عام 1973، وقعت عملية سرقة بنك وإحتجز المجرمون عدداً من موظفي البنك كرهائن لمدة ستة ايام، خلال فترة التفاوض مع السلطات. وخلال هذه المدة اصبح الرهائن متعلقين عاطفياً بالخاطفين، رافضين مساعدة المسؤولين، بل قاموا بالدفاع عن الخاطفين بعد انتهاء الازمة. ومن هناك راح علماء الجرائم والامراض النفسية باطلاق اسم "متلازمة ستوكهولم" على وصف اعجاب وتعاطف الضحية مع الشخص الذي سلب حريته واعتدى عليه. ولم يعد خافيا اعجاب بعض المثقفين العرب باسرائيل وتجربتها (اسرائيل التي نفذت مذابح جماعية ضد العرب وسلبت حرياتهم وقهرت رجالهم ومنعت تطور المجتمع لسبعين عاما).
وطبقاً لعلم النفس التطوري فان المريض (لا يعرف انه مريض) يكون مسلوب الارادة ومغلوب على أمره. ويعتقد أنه بهذا التعاطف والمحبة للمجرم انما ينجح في الحفاظ على حياته. وأنا اتفق مع النظريات التي تقول ان الجميع يعود الى مرحلة التوحش الأولى وصراع البقاء، وكما يرد حرفيا في علم النفس التطوري ( تماما مثل عمليات السبي والخطف قبل الاف السنين، وحين تتعرض المرأة للخطف أو الأسر من قبل قبيلة أخرى، ويجري اغتصابهن وقتل اطفالهن الصغار كان أمراً شائعاً وكانت المرأة التي تقاوم في تلك المواقف تعرض حياتها للخطر. وخلال فترات طويلة من التاريخ كان خوض الحروب واخذ السبايا أمراً طبيعياً وقد كانت السبية أو الأسيرة تتعايش وتندمج ضمن القبيلة التي أسرتها وتخلص لها. هذا النمط من الحياة ما زال معروفاً لدى بعض القبائل البدائية، وكذلك لدى بعض الثدييات المتطورة).
ان التعاون والاعجاب والتقدير مع عدوك هو نقيض ثقافتك، وان تسهيل نجاح من أساء إليك وسلب حريتك واظهار الاعجاب وعلامات الولاء له هي الدارجة الان. وهذا ما يفسر انقلاب المواقف، وتغيير الولاءات واستبدال الافكار.. والاهم من كل هذا ان علم النفس التطوري يؤكد ان هذه المواقف مؤقتة ولا يمكن أبدا ان تكون دائمة وانما ستنتهي بانتهاء الظرف بلمح البصر. وان كانت النسبة الطبيعية وسط الناس وتعرضهم لمتلازمة ستوكهولم هي 8% فقط، فان المجتمعات العربية الان تحقق رقما قياسيا فهي تكاد تصل الى 80% على الاقل. فالمجتمع العربي يتحول الى مصحّة كبيرة تحتاج الى عشرات الاف علماء النفس ليعملوا فيها ليل نهار من أجل انقاذ الجيل القادم.
وانا هنا أقتبس عن الاخصائيين الذين يفسرون الامر على انه ( استجابة الفرد للصدمة وتحوله لضحية. فالتضامن مع المعتدي هو احدى الطرق للدفاع عن الذات. فالضحية حين تؤمن بنفس افكار وقيم المعتدي فان هذه الافكار والتصرفات لن تعتبرها الضحية تهديدا أو تخويفا. ويرافق هذا المرض الذي يصيب الافراد والمجتمعات:
المشاعر الايجابية تجاه المعتدي المتسلط
المشاعر السلبية للضحية تجاه العائلة أوالاصدقاء أو من يحاول انقاذهم أو الوقوف بجانبهم
دعم وتأييد سلوك وتفكير المعتدي
المشاعر الايجابية للمعتدي تجاه الضحية
سلوكيات مساندة للمعتدي من قبل الضحية واحياناً مساعدة المعتدي
عدم القدرة على المشاركة في اي سلوك يساعد على تحرير الضحية او فك ارتباطها.
شاهدوا نشرات الاخبار، ودققوا في وجوه القيادات التي تتحدث الينا، راقبوا ولو لمرة واحدة ماذا يقول الملوك والزعماء والرؤوساء والامراء وقادة التنظيمات، انهم عاجزون عن اقناع اولادهم بما يقولون ومع ذلك نصفق لهم ونصطف مع هذا ضد ذاك. رغم انهم كلهم متشابهون في المرض سواء سنة او شيعة او أكراد أو مسيحيين. راقبوا للحظة الوجوه التي تخرج لتخاطب الجمهور. ستجدون أنهم هم أنفسهم الذين خرجوا علينا قبل 20 عاما يقنعوننا بعكس ما يقولونه الان. وقمة الغباء اننا صدقناهم قبل عشرين عاما، ونصدقهم الان. وهم لا يعرفون أنهم اصيبوا بمرض الشيزوفرينيا ونحن لا نعرف اننا اصبنا بمتلازمة ستوكهولم. وهم الذين اصابوا أنفسهم بالشيزوفرينيا، لانهم خافوا على ممتلكاتهم ووظائفهم وخافوا أن يعرضوا انفسهم للخطر.
وصولا الى نتيجة، واذا استمر الحال هكذا فاننا سنحارب بقوة وشراسة أي قائد او جماعة، جاءت لمساعدتنا على استعادة حرياتنا، وسوف نكون أكثر عنفا ولؤما من الجلاد نفسه، ضد من يحاول مساعدتنا.
حل مؤقت... المواطن ليس مطالب باعطاء موقف حاد الان، تريث قليلا ولا تفعل شيئا، ولكن على الاقل لا تقتل من جاء لمساعدتك، ولا تغلق الابواب التي فتحت لك.