السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ابعاد استمرار الازمة الخليجية

نشر بتاريخ: 11/06/2017 ( آخر تحديث: 11/06/2017 الساعة: 19:24 )

الكاتب: د. هاني العقاد

قد لا تكون خليجية بل عربية اسلامية تعصف بالمحيط كله وتفتح حدود العرب للغرب وتصبح المنطقة كلها مقسمة الى نفوذ لدول كبرى بالعالم كالولايات المتحدة وروسيا وتركيا وبريطانيا وايران، وهناك بعض الدول الأخرى التي تدور في فلك تلك الدول الكبرى سوف تصطف الى جانبها وتسخر كل ما تملكه لخدمة مخططات تلك الدول الكبرى وهذا في نظري مقدمة لمواجهة كبيرة قد تؤدي الى حرب عالمية ثالثة في نهاية المطاف... 
الخشية ان يصبح العالم العربي غير عربيا والعالم الاسلامي لا يستطيع الدفاع عن ذاته ولا عن كينونته الاسلامية الواضحة في حرية واستقلالية وكرامة اراضيه، تتطور وتتصاعد الازمة الخليجية بشكل دراماتيكي مخيف ينذر بسيناريو التقسيم والوصاية.
قطر تعتبر نفسها على حق والسعودية ومصر يعتبران قطر تعبث بأمن المنطقة العربية وتقود ادوارا مشبوهة بين ثنايا العالم العربي. خلاف كبير اليوم بين الاخوة العرب مجازا فلم يعودوا اخوة بحسب رأيي فقد تم التفريط بالعروبة وباع من باع واشترى من اشترى واستبدل من استبدل.. بل يترصد البعض للآخر ويتآمر الاخر ضد البعض ويدفع الكل من ثروات عالمنا العربي للأجنبي ليرسل الرجال والسلاح ويؤسسوا قواعدا عسكرية تؤثر على استقلال البلاد وحريتها وسلامة اراضيها.
لعل ما يجري بالخليج العربي يعتبر من اخطر التهديدات التي حدثت حتى الان للهوية العربية والخليج العربي بالمجمل كأكبر واثرى منطقة بالعالم والتي يمكن ان تتحكم في كل الاسواق العالمية، ولعل ما يجري سيؤثر على الكل العربي الذي نال من أراضيه الارهاب وصنع به ما صنع وقسم أراضيه الى دويلات واحدث تغيرات كبيرة في الجغرافيا وحتى الدين والمذهب شئنا ام ابينا.. 
ما يجري بالخليج سيكون له تأثير مباشر على القضية الفلسطينية وهي القضية الام قضية العرب وقضية الشرف، وقد يكون هذا هو الجو المطلوب لتصفية هذه القضية واعتماد المحتل صديقا ابديا بلا حقوق حقيقية للشعب الفلسطيني بل والاعتراف بقومية هذا المحتل بدولة يهودية على تراب فلسطين، وعلى الاقل فان ملف الخليج اليوم اصبح من اولويات اهتمام العالم العربي والاسلامي ويصبح ويمسي على طاولات رؤساء امريكا وروسيا وايران واسرائيل... وهنا يتراجع اهتمام العالم بالملف الفلسطيني واهمية ايجاد حلول عادلة للصراع يحقق من خلالها الشعب الفلسطيني مصيره في وطن مستقل وعاصمة ابدية لكل الفلسطينيين على امتداد وطنهم والشتات... المؤكد ان اهتمام العالم العربي بتوفير كل عوامل الصمود للفلسطينيين في وجه ما ينتظرهم يتدنى وقد ينعدم كليا وتركوا يواجهوا مصيرهم بأنفسهم وبالتالي فان الصراع لم يعد عربيا إسرائيليا بل اخرج العرب انفسهم من هذا الصراع.. وما دورهم الان الا الدفع باتجاه اي حل سياسي لينتهي هذا الصراع المؤرق لهم وللعالم، وقد لا يكون المطلوب من العرب اليوم على المستوى الدولي سوى توفير الغطاء الاقليمي لأي مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتوفير دعم عربي لأي مقترحات امريكية سياسية لأنهاء القضايا الكبرى بين الطرفين.
يبدو ان نهاية الازمة الخليجية ليست قريبة ولا توجد مؤشرات لذلك بسبب التدخل الخارجي وفتح البلاد العربية لانشاء قواعد عسكرية وكبيرة في عمق تلك البلاد، وهذا يعني ان قوى خفية تدفع باتجاه بقاء الازمة وعدم ايجاد حل توافقي لها وعدم الزام قطر بالخط العربي العام والتماثل للمزاج العربي والخليجي بل وتسعى باستمرار لتأجيج الازمة وقد تدفع باستصدار قرارات دولية تعمق الازمة.... واخشى ما اخشاه ان مبرر محاربة الارهاب هو مفتاح كل ابواب المنطقة العربية الذي تستخدمه كل تلك القوى لأنها وظفت الإرهاب ليهدد العالم العربي بشكل خاص وان تجفيف كل منابع دعم الارهاب باتت استراتيجية كبيرة، والمهم والذي لا شك فيه ان اي خطوة كانت تخطوها قطر باتجاه توظيف المال والاعلام لدعم بعض الجماعات المتطرفة لم يكن الا بتنسيق امريكي وتحت مفاهيم سياسية تم صياغتها بدقة متناهية لاستيعاب وتوظيف الاسلام السياسي لخدمة اجندات غربية كبيرة، ولا بد من التوضيح ان الغرب تمكن من استخدام مصطلح الربيع العربي وسقط من سقط على طريق هذا الربيع ومن ظل متماسكا اصبح الان امام مخطط لتقسيمة الى مناطق نفوذ وبطلب منه وبإرادته بل ووضع كل الثروات التي يمتلكها هذا العالم تحت تصرف من جاء يدعي الحماية.
ابعاد استمرار الازمة الخليجية كبيرة ومعقدة ومخيفة في نفس الوقت ولا بد للعالم العربي ان يدرك ان هذا جزء من المخطط الذي بدأ منذ اكثر من عشر سنوات ابان بوش الابن الذي قال بعد احداث 11 سبتمبر 2000 "اننا سنصحح خطا الرب وسنعيد تقسيم الثروات الطبيعية ويقصد بها ثروة البترول والغاز في منطقة الخليج العربي" ولعل ادراك هذه المخططات تتطلب عملا عربيا مسؤولا لإعادة صياغة استراتيجية توظيف هذه الثروات واستخدامها لما فيه خير العرب وحماية بلدانهم وهويتهم، فلا بد لحكام قطر ان يدركوا انهم استخدموا كأداة لتنفيذ مخطط تخريبي كبير ولا بد لملوك العرب ورؤسائها ان يدركوا انهم ايضا يستخدموا الان لاستكمال باقي المخطط وهذا يلزم العرب ويوجب عليهم التحالف كقوة كبيرة في وجه هذه المخططات ووقف السعي لتحالفات جديدة تكون على حساب بلدانهم وثرواتهم والمهم انها ايضا على حساب القضية الكبرى قضية العرب الاولى قضية فلسطين وقدس الاقداس واولى القلبتين وثالث الحرمين.