نشر بتاريخ: 11/06/2017 ( آخر تحديث: 11/06/2017 الساعة: 19:26 )
الكاتب: عباس الجمعة
نقف اليوم لنتأمل، مجدداً، بما يجري في المنطقة، من احداث وخاصة في الخليج العربي بين السعودية وقطر ، حيث اتت هذه الاحداث بعد زيارة ترامب ، نقف لنتأمل أكثر حال الأمة العربية، بعد الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق، وما خلفه مما يسمى بالفوضى الخلاقة والربيع العربي ، وما تتعرض له الشعوب ، بالمنطقة العربية.
إن عصر الاستعمار الأمريكي الصهيوني يعاد إنتاجه بوسائل وأساليب جديدة، وهو يحاول أن يجد له طريقاً في فرض شروط الاستسلام والذل والمهانة على الأمة العربية، وبالمقابل فإن النموذج الفلسطيني للمقاومة، مدعوما بعمق شعبي قومي عربي، كفيل في تفعيل روح المقاومة والتصدي للمشروع الإمبريالي الأمريكي الصهيوني وقواه الاهاربية ، وهذا يتطلب استنهاض القوى اليسارية والقومية العربية وتشكيل جبهة شعبية عربية تخوض المقاومة العربية الشاملة في مواجهة الهجمة العدوانية .
إن أمريكا تتبع أوهام القوة المطلقة لفرض هيمنتها، وما يطمح له العدوان الأمريكي الصهيوني هو إعادة رسم خارطة العالم وفق المقاييس الأمريكية، وتغليف هجمته العدوانية بشعار نشر الديمقراطية ومحاربة الإرهاب والمضيّ قدماً في تشجيع ودعم الجنرالات الصهاينة لاستكمال حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني وحصاره وتجويعه ومحاولات كسر الصمود الفلسطيني وفرض الشروط الإسرائيلية الأمريكية والتي تستهدف أول ما تستهدف حق العودة.
وفي ظل هذا الوضع يقف الفنيق الفلسطيني ليكتب رسالته بعد انتصار الحركة الاسيرة في معركة الحرية والكرامة ، بتفعيل انتفاضته ومقاومته لتصب في المجرى الكبير للعنفوان الثوري الجارف ضد جميع اشكال القهر والظلم والاضطهاد والعبودية، ضد الامبرياليين الجدد والقدامى، ضد صهاينة الداخل والخارج، ضد الاستعمار القديم والحديث.
وما نراه اليوم من رمال الشرق الاوسط المتحركة والخطيرة، تؤكد ان الشعوب ومقاومتها هي التي تجسد الارادة الحديدية النضالية، والايمان الراسخ العميق في المسيرة التي تقودها بكل ابعادها الحضارية والانسانية، وعلى مختلف الاصعدة، فلسطينيا وعربيا ودوليا، وبكل ما حفلت به من انجازات رغم رياح التغيير في المنطقة، الا اننا على ثقة بان الشيء الكثير يصب في مجرى التطور التقدمي القادم ، حيث يقف فيها الفلسطيني
قابضا بيد فولاذية على جذوره العميقة في اعمق اعماق الوطن، واعمق اعماق التراب الفلسطيني حيث يقف معه متضامنا معسكر الاصدقاء والحلفاء والاشقاء، وجميع القوى الديمقراطية والتقدمية، وهذا التضامن يصب في الانتصار القادم و الاكيد، رغم كل االمخططات المشبوهة المعادية .
وامام كل ذلك لا بد ان نحذر مما يحاك تحت يافطة المؤتمر الاقليمي او العودة الى مسار المفاوضات الثنائية ، لاننا نعي ما ترتبه ادارة ترامب لحل القضية الفلسطينية باعتبارها فريسة سهلة، في ظل ما تعيشه المنطقة من هجمة امبريالية وصهيونية وارهابية تمارس فيها القوى الارهابية افظع المجازر ، بينما تقوم القوى الامبريالية بنهب الخيرات والثورات العربية من دون رقيب او حسيب، بل بمساعدة القوى الرجعية ، الذين اعمتهم العمالة فراحوا يفرشون الارض.. ارضنا الطاهرة المقدسة باتفاقات ومعاهدات مسمومة يسير عليها اعداء الامة يغرزون فيها خناجرهم المسمومة ويفرضون عليهم سيطرتهم الكاملة على مصادر المياه المؤدية إلى منابع النفط، تحت شعارات السلام المزيف المبرمج والمخطط له، والذي يشكل خطرا داهما ليس على فلسطين وحدها، وليس على الشعب الفلسطيني فقط، وليس ضد الامة العربية ومستقبلها ومصيرها، وضد هذه المنطقة ما يشكل كل هذا من آثار عديدة وخطيرة على مجمل السلام العالمي.
وهنا لا بد ان تنطلق صيحتنا لكي يسمعها العالم اجمع، بانه لا سلام ولا امن ولا حل ولا استقرار في هذه المنطقة بالقفز على جوهر المشكلة والاساس فيها، بالقفز على حقوق شعبنا الفلسطيني الوطنية الثابتة، بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير واقامة دولته الوطنية المستقلة فوق ترابه الوطني، تحت قيادته الوحيدة منظمة التحرير الفلسطينية، والتي اعترف بها كافة المستويات الصديقة والحليفة والعربية والدولية.
في ظل هذه الاوضاع أثبتت التجربة والأحداث أن بنية المجتمع الفلسطيني هي صلبة وقابلة للصمود رغم المعاناة والحصار والقتل والتدمير الصهيوني، وهذا يستدعي الاسراع في ترتيب الأوضاع الداخلية للبيت الفلسطيني، فإن هذه البنية تستطيع أن تتحول إلى قوة مقاومة في تمتين وتعزيز أواصر الوحدة الوطنية الفلسطينية، والتنبه أكثر للمخاطر الصهيونية ومواجهتها، كما أن تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها على ارضية شراكة وطنية حقيقية من شأنه أن يعطي دفعاً أكبر نحو تحديد البرنامج الوطني والأهداف الوطنية في وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج باعتبار م.ت.ف هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهي المرجعية السياسية التي تقوم على الثوابت الوطنية الفلسطينية.
ختاما : رغم كل ما يحاك حول القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وما يخطط له من قبل القوى الامبريالية، نرى ان شعبنا قادر على مواجهة المحن الكثيرة والآلام المتشعبة لانه قابضا على جمر الثورة من خلال ايمانه العظيم بحتمية الانتصار.