نشر بتاريخ: 13/06/2017 ( آخر تحديث: 13/06/2017 الساعة: 09:12 )
الكاتب: هيثم أبو الغزلان
هل زادت مطالبة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بإنهاء "وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" من إمكانية تحقيق ذلك؟ وهل من مخاطر حقيقية يمكن أن تقود إلى إنهاء عمل الوكالة في الفترة المقبلة؟! أم أن كلام نتنياهو يُضاف إلى رزمة المواقف الإسرائيلية الداعية إلى إيجاد حل لقضية اللاجئين عبر توطينهم في خارج وطنهم، وبخاصة في الدول العربية التي يعيشون فيها؟!
من المعروف أن الاحتلال الإسرائيلي لا يستند إلى أي أساس قانوني برفضه الحديث عن أي عودة للاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم ووطنهم، رغم تذرعه بأن هذه العودة تهدد كينونة الدولة العبرية كدولة يهودية. ورغم مرور تسع وستين عامًا على احتلال أجزاء من فلسطين المحتلة، فقد ثبت وبالملموس أن إنهاء قضية اللاجئين لا يمكن أن تتم إلا من خلال عودة هؤلاء اللاجئين إلى أرضهم التي أقتلعوا منها بقوة السلاح والمجازر. وللتدليل على صعوبة إيجاد حل لقضية اللاجئين، نجد أن معظم القضايا مثار الخلاف بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تم فيها تقدم ولو نسبي عدا قضية اللاجئين التي راوحت مكانها، ويدل هذا على صعوبة المشكلة وأهميتها، ويُعبّر عن مدى التباعد بين مواقف الطرفين؛ ففي اتفاقية أوسلو (13/09/1993)، تم تأجيل بحث قضية اللاجئين إلى المرحلة النهائية. وفي خارطة الطريق ربط رئيس الوزراء الإسرائيلي "أرييل شارون"، موافقته عليها بفرض 14 شرطاً تعجيزياً بينها شرط حول اللاجئين يعلن فيه الفلسطينيون أن إسرائيل دولة يهودية، وبهذا يتنازلون عن حق العودة... أما نصوص "خارطة الطريق" فتشير وبشكل عابر إلى مسألة اللاجئين وحلها.. "من خلال تسوية متفق عليها عبر التفاوض بين الأطراف قائمة على أساس قرارات مجلس الأمن (242 و 338 و 1397) التي تنهي احتلال أراضي 1967، وتشمل حلاً واقعياً وعادلاً ومتفقاً عليه لقضية اللاجئين".
..ولكن يبقى السؤال: هل يؤثر كلام بنيامين نتنياهو ويتم إنهاء عمل وكالة الأونروا؟
من الواضح أن تمنيات نتنياهو في إنهاء عمل وكالة الأونروا، ستتخذ خطوات عملية لاحقة في خصوص العمل على إنهاء عمل الوكالة. وهذا سيكون مخالفة واضحة لمضمون وحيثيات إنشاء الجمعية العامة للأمم المتحدة لوكالة الأونروا، بموجب القرار رقم "302" في الدورة الرابعة التي انعقدت في (9/12/1949)، والتي هدفت إلى التخفيف من الآثار الإنسانية التي نجمت عن اقتلاع ثلثي الشعب الفلسطيني وإبعادهم عن ديارهم، تحت وطئة المجازر الصهيونية. مع الإشارة إلى أن أحد شرطي قبول إسرائيل في عضوية هيئة الأمم المتحدة تمثّل في تسوية مشكلة اللاجئين، الذين ينظرون إلى الأونروا على أنها شاهد على جريمة اقتلاع اللاجئين الفلسطينيين من أرضهم ووطنهم، وتم إنشاؤها من أجل تقديم المساعدة للاجئين الفلسطينيين، من دون المساس بحقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجّروا منها عام 1948.
وتأتي خطورة تصريح بنيامين نتنياهو أنه أُعلن بعد لقائه، مع السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة "نيكي هيلي"، وعقب قيام حملات تحريض ممنهج من قبل مجموعة من دول ومؤسسات استهدفت الأونروا وخدماتها بذريعة تحريضها على "العنف والإرهاب" ضد إسرائيل، والتزام الأونروا ببرنامج الحياد.. وترافق مع الاعلان عن وجود خطة لنتنياهو لجلب (161) من قادة العالم والشخصيات الرفيعة لحضور احتفالات السنوية السبعين للنكبة وإقامة الكيان الإسرائيلي في نيسان 2018، لتمجيد "انتصارات" عصابات: "الهاغاناة"، و"شتيرن" و"الأرغون"، و"البالماخ"، التي قاموا من خلالها بشن حملات التطهير العرقي، والقتل الوحشي، وهدموا المدن والقرى الفلسطينية، وشردوا مئات الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني إلى أصقاع الأرض. وكذلك، إعلان وزير الجيش الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أن وتيرة البناء في المشاريع الاستيطانية هي الأعلى منذ العام 1992، ويترافق أيضًا، مع شن حملة لقطع مخصصات عائلات الأسرى والشهداء والتحريض على تنفيذ عقوبات جماعية ضدهم.. وللتدليل على المحاولات الإسرائيلية العملية لإنهاء عمل، أو محاصرة تمويل الأونروا، هو ما كشفت عنه صحيفة "هآرتس" في (12-6-2012)، أن أعضاء كنيست إسرائيليين يقفون وراء تعديل قانون دعم "الأونروا" في الكونغرس الأميركي الذي أقر تعديل قانون الدعم المالي الأميركي، والذي بموجبه على الخارجية الأميركية أن تقدم تقريرًا للكونغرس حول 5 مليون لاجئ فلسطينيي، منهم من يتلقى المعونات من "الأونروا"، هم أبناء أو أحفاد للاجئين منذ عام 1948. وهذا يعني أن ارتباط "الصعوبات المالية" التي تعانيها الأونروا، بحجم الظروف الاقتصادية والسياسية التي تواجه المجتمع الدولي، سيما أن الوكالة ليست لها ميزانية مالية ثابتة من الأمم المتحدة، وإنما تعتمد في تمويلها على التبرعات من الدول، وهذا له انعكاسات سلبية واضحة على الدور التي تقوم به "الأونروا" في صفوف اللاجئين ينبغي معالجتها..
في الخلاصة، إن كلام نتنياهو خطير في سياقه ومآلته المستقبلية، ولا تلغي التطمينات المبثوثة، المخاطر العديدة التي ترافق ليس عمل الأونروا فحسب، وإنما مستقبل وجودها، وهي التي تم تمديد مهام ولايتها لثلاث سنوات من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، في كانون الأول 2016، ولا يمكن أن تتغير هذه الولاية الممنوحة إلا بقرار من الجمعية العامة!!