نشر بتاريخ: 22/06/2017 ( آخر تحديث: 22/06/2017 الساعة: 17:45 )
الكاتب: أحمد الغندور
طالعتنا وكالات الأنباء بخبر إصدار العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز قرارات ملكية بإعفاء الأمير محمد بن نايف من مناصبه ومنها ولاية العهد وتسمية ابنه الأمير محمد بن سلمان خلفاً له، ويكون بذلك قد أدخل تعديلاً على النظام الأساسي للحكم في السعودية لم يسبق الأخذ به من قبل، وهذه المسألة تعتبر من الشأن الداخلي السعودي نسأل المولى تعالى أن يهب السعودية قيادةً وشعباً السداد والتوفيق لما فيه صلاح السعودية خاصة والأمة عامة.
إنما أردت اليوم أن أعرض ما ورد حول هذا الموضوع لدى أحد مراكز الدراسات الأمريكية وما جاء في مقالات صحفية تمس الموضوع من قد يكون لها أثر على قضية العرب الأولى ألا وهي القضية الفلسطينية.
ففي مقال بعنوان "سياسات القصر السعودي والعلاقة مع الولايات المتحدة" كتب سايمون هندرسون في التاسع عشر من الشهر الجاري ـ وهو مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن ـ يقول: "هناك نقاش يدور في جميع أنحاء المجتمع السعودي، حول ما إذا قد يقوم الملك سلمان باستبدال الأمير محمد بن نايف بالأمير محمد بن سلمان ومتى سيتم ذلك. وتمتد التكهنات لتشمل أي من [المسؤولين] في واشنطن يؤيد أي من المرشحَيْن. ففي شباط/فبراير، منح مدير "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية المعين حديثاً مايك بومبيو ميدالية لمحمد بن نايف تكريماً للأعمال التي يقوم بها في مكافحة الإرهاب، وهو شرف يُنظر إليه من قبل بعض السعوديين كدعم للوريث الشرعي. ومع ذلك، ففي حفلة عشاء أُقيمت في الرياض في أيار/مايو، جلس جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس ترامب وصهره، بجوار محمد بن سلمان." وأضاف "وربما يعتبر البيت الأبيض تحت إدارة ترامب أن الأمير محمد بن سلمان هو الزعيم القادم على الأرجح للمملكة العربية السعودية، وربما الأكثر تفضيلاً نظراً لدوره في الخطة الاقتصادية الرؤية 2030 واهتمامه المعلن بتحديث المجتمع السعودي. ومن شأن هذا التحّول أن يغيّر التقاليد السابقة للخلافة السعودية، ومن المرجح أن يعزّز جهود السياسة الخارجية السعودية حول اليمن وقطر".
وكما سبق ذلك، ففي الثالث عشر من هذا الشهر كان هندرسون قد نشر مقالاً بعنوان؛ تعرّف على الأميرين اللذين يعيدان تشكيل الشرق الأوسط، ومن جملة ما جاء فيه: " في الواقع، لعل العلاقة الأكثر أهمية في المنطقة هي تلك القائمة بين الثنائي الديناميكي الذي يضم الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي البالغ من العمر 31 عاماً، والشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، المشيخة الرائدة للإمارات العربية المتحدة، البالغ من العمر 56 عاماً. فهما لا يتشاركان الرغبة في شن معارك مزدوجة على إيران والتطرف الإسلامي فحسب، بل أيضاً في التقدير العميق لاعتماد دولتيهما المحافظتان في الخليج على الولايات المتحدة. وقام كلاهما بذكاء بتقريب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المتلهف لأن يظهر بأن لديه استراتيجية جديدة لهزيمة الإرهاب ومواجهة طهران". وأضاف قائلاً: "ولا يمكن تخمين أسباب الاحترام المتبادل والواضح بين الأميرين إلّا في الغموض المظلم الذي يسود الأنظمة الملكية في الخليج. ويبدو أن الرابطة بين الأميرين بن سلمان وبن زايد قائمة على علاقة التلميذ بأستاذه، حيث ينظر الشيخ بن زايد الأكبر سناً إلى الأمير بن سلمان على أنه الملك المستقبلي للسعودية، الذي يحتاج إلى المشورة من "أخيه" الأكبر بن زايد. ويبدو أن الأمير بن سلمان، الذي تناسبه صفة الغطرسة تماماً، يتقبل نصائح الشيخ بن زايد، ولكن قد تزعجه فكرة أنه قد يكون الشريك الأصغر في هذه العلاقة".
كل ما سبق يرتبط برؤية المجتمع والإدارة الأمريكية لمن ستؤول إليه مقاليد الأمور في المنطقة بنظرة تحليلية عن طبيعة هؤلاء الحكام والعلاقة بينهم من خلال النظرة التقييمية لهذه الإدارة؛ وللانتقال إلى ما يخص القضية الفلسطينية علينا أن نستعرض ما جاء في صحيفة القدس العربي صباح هذا اليوم فقد جاء على صفحتها الأولى صباح اليوم خبراً نقلاً إذاعة جيش الاحتلال بأن " منظمة اتحاد الإنقاذ الإسرائيلية " من خلال موظفيها الإسرائيليين تعمل في دبي لإعادة بناء المؤسسة المسؤولة عن الإسعاف الأولي هناك".
وفي جزء أخر جاء في نفس الصحيفة ونقلاً عن صحيفة " إسرائيل اليوم " العبرية الصادرة أمس وفي مقال بقلم ابراهام بن تسفي بعنوان؛ أصبح للرياض دور حاسم في التوصل إلى الحلول السياسية مع "إسرائيل"، المفتاح في السعودية، يقول: "الحديث يدور عن لبنة واحدة فقط داخل مبنى اقليمي واســع يريد ترامب تشكيله وخلق الاستقرار فيه مع منح الأولوية في هذا الإطار لمكانة الخط الســعودي وليس الفلســطيني. حقيقة أن المملكة السعودية التي تشعر بالتهديد بســبب ازدياد قوة إيران فــي اعقاب "اتفــاق فيينا" جعلتها تتــرك سياســة المصالحة التقليدية مع الدول والجهات الراديكالية والصعود إلى مسار الكبح والاستيعاب، الامر الذي يفتح أمام واشنطن نافذة واسعة للفرص. القوة التي تعكســها الإدارة الأمريكية الآن والتي تناقض صــورة ضعف أوباما والاستعداد لمنح السعودية سلاحا متقدما بشكل غير مســبوق، كل ذلك يمنح ترامب الآن هوامش واســعة للمناورة والتأثير
تجاه الرياض. من هــذه الناحية، مفتاح التقدم في المسار الفلسطيني ال يوجد في القــدس أو في رام الله، بــل في العاصمة السعودية".
نخلص مما سبق أن الوضع الدولي والإقليمي المحيط بفلسطين لم يعد يشكل رافعة للقضية الفلسطينية يمكن الارتكاز عليها؛ فمن الملاحظ أن الدول العربية والخليجية خاصة تتنافس في انشاء علاقات مباشرة مع تل أبيب دون ربط ذلك بتوفير أدنى مستويات العدل للفلسطينيين، وهذا ما يراهن عليه الإسرائيليون من فرض الحل الإقليمي على الفلسطينيين وجعل الامريكان يتخلون عن المفاوضات بين الطرفين.
لذلك ليس لدينا من وسيلة أفضل من إنهاء الانقسام والتوحد خلف مطالبنا وحقوقنا الوطنية؛ وعدم السماح لأي كان أن يتجاوزنا أو أن يعبث في الحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني.