السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

المفاوضات القادمة: حل لازمة القيادة وتعميق لازمة الشعوب

نشر بتاريخ: 24/06/2017 ( آخر تحديث: 24/06/2017 الساعة: 14:52 )

الكاتب: عوني المشني

المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية باتت ضرورة اقليمية، فمنطق اعادة ترتيب التحالفات الإقليمية تستدعي مفاوضات كغطاء يبرر تلك التحالفات، لهذا اصبح للمفاوضات مبررات كافية، وربما ليس للمفاوضات بل وللوصول للتسوية السياسية، فدول عربية كثيرة تحتاج الى ورقة توت تخفي فيه انحدارها وخضوعها وورقة التوت تلك هي اتفاقية سلام فلسطينية إسرائيلية وبأي ثمن. ما يعيق مثل تلك التسوية الان، تركيبة الحكومة الإسرائيلية، حكومية يمينية الى هذا المستوى لا يمكن ان تنتج تسوية مقبولة لأي جهة كانت حتى الامريكية، حكومة تريد الاحتفاظ بالجولان، القدس ، الاغوار ، الحدود ، المياه ، والمستوطنات ودون عودة اللاجئين، وباعتراف بدولة يهودية والاقرار بوسم النضال الفلسطيني بالارهاب عبر تجريم مناضلي وشهداء الحرية ومعاقبة عائلاتهم بوقف المخصصات المالية عنهم. 
حل بتلك المواصفات لا يمكن ان يكون مقبولا لأي فلسطيني مهما كان وايا كان. وحتى لو افترضنا جدلا ان هناك من يقبل به فلن يستطيع تمريره . وحكومة اليمين العنصري بتركيبتها الحالية لا تستطيع انتاج تسوية خارج هذه الاشتراطات . لهذا ودون اي شك فان التسوية ستتحطم هنا ولن يكتب لها نجاح . لكن لوصول كل الأطراف وخاصة الامريكي لهذا الاستنتاج فان مفاوضات عبثية اخرى أصبحت ضرورية ، وربما المفاوضات تلك هي الطريق الشائك والصعب والذي بات يشكل ممرا إجباريا للسلطة الفلسطينية كونها سلطة لا تؤمن بالبدائل الخلاقة ، مفاوضات بدون مرجعية وبدون وقف الاستيطان وبدون حتى ضمانات، مفاوضات تحت الضغط الامريكي على الطرف الفلسطيني. 
ان الاعتقاد الفلسطيني ان مفاوضات هكذه ستساعد في تحميل اسرائيل المسئولية عن الفشل صحيح ، ولكن حتى لتحقيق هذا الهدف فان تنازلات فلسطينية كبيرة واستراتيجية مطلوبة : مطلوب الموافقة على مفاوضات بدون وقف استيطان او مرجعية سياسية دولية او حتى ضمانات ، هذا قبل البداية ، وأثناء المفاوضات مطلوب القبول بمقترحات امريكيه ظالمة وغير محقة ومنحازة لإسرائيل لوضع اسرائيل امام موقف لا مفر منه وهو رفض المقترحات تلك من الجانب الاسرائيلي ، وهنا سيكون المخرج الاسرائيلي حل الحكومة وانتخابات حديدة تنتج ما هو اكثر يمينية . وعندها سيكون الفلسطينيين قد قدموا تنازلات استراتيجية كبيرة مقابل تحميل اسرائيل " مسئولية الفشل !!! " وحتى تحميل اسرائيل المسئولية لن يتم بشكل مباشر بل سيكون خجولا وغامضا كما حصل مع فشل المفاوضات السابقة .
إذن تنازلات كهذه تشكل ثمنا باهظا مقابل إنجازات وهمية شكلية ، لهذا لن يقوى احد على القبول بها حتى وان كانت تشكل مخرجا شخصيا له ، ان إيجاد مخرج للقيادة مقابل تعميق أزمة الشعب والقضية الفلسطينية هو جوهر المفاوضات القادمة وحتى رغم محدودية نظرة البعض من النخب السياسية فان جنون اليمين الحاكم في اسرائيل هو خشبة الإنقاذ للقضية الفلسطينية حيث ان استمرار تعنتهم سينقذ الفلسطينيين من حل سياسي مخزي ومذل ، ووفق توجهات الرأي العام الاسرائيلي فان حكم اليمين الاسرائيلي مستمر للسنوات الست القادمة على اقل تقدير . ست سنوات كفيلة بالتغيير في شروط ومتطلبات اللعبة وبالتالي تغيير في المعادلة .
اننا امام مفاوضات تشكل بمغزاها الحقيقي استكمال لعملية الحرب على الشعب الفلسطيني ، نعم مفاوضات وفق ما بدا انه ترتيب أمريكي لها فإنها حربا بطريقة اخرى ضد الفلسطينيين ، حربا تشارك بها أمريكيا كطرف اصيل في الحرب ضد شعبنا وتشارك بخجل ومن خلف الستار دولا عربية تسعى لتحالف عربي إسرائيلي أمريكي ضد العدو الإيراني !!!!
هو وضع صعب ، لكن الاصعب هو الضغوط الامريكية العربية على الجانب الفلسطيني اثناء المفاوضات ، ستكون تلك الضغوط مكرسة بالتحديد لابتزاز تنازلات فلسطينية كبيرة وجوهرية ، والهروب من تلك الضغوط سيكون بالتحايل الذكي والذي لن يمر هذه المرة ، لذلك فان الاصطدام بالإدارة الامريكية والنظام العربي سيكون في حكم المؤكد ، ربما ان إغراءات السلام الاقتصادي المترافقة مع المفاوضات ستكون لها تأثير على المفاوض خاصة أن المفاوضات بحد ذاتها هدفا له .
المفاوضات القادمة : حل أزمة قيادة وتعميق أزمة شعب وقضية .
والرهان هاى تسوية تلبي الحد الأدنى الفلسطيني اضغاث احلام ليس الا .