الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

(سباع) شارون!!

نشر بتاريخ: 03/07/2017 ( آخر تحديث: 03/07/2017 الساعة: 17:46 )

الكاتب: موفق مطر

كان لا بد من انقلاب حماس في غزة لمنع حركة التحرر الوطنية الفلسطينية من ترسيخ مقومات المشروع الوطني، ودفع الشعب الفلسطيني الى اليأس من امكانية تحقيق هدف قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران من العام 1967، وبذلك يتم اعطاب (بذرة) البرنامج السياسي لممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية.
كان لا بد من أسماء فلسطينية (مهووسة) برغبات السلطة لاستخدامها لشق وحدة الشعب الفلسطيني افقيا باستخدام الجهوية الحادة القاطعة المحمولة على شعارات (وطنية)، ورأسيا باستخدام منشار التكفير والتخوين ، فكان الدحلان خيارهم الأفضل للفصل الأفقي ، وحماس خيارهم الآخر للفصل العمودي.
ما يحدث اليوم هو تغيير جدول مناوبة (المُستَخدَمِين) المحدد سلفا في غرف الشاباك والموساد المغلقة، فابقاء الانقلاب حيا، وتطويره الى حد بلوغ الانفصال لا يملك المستخدمون فلسطينيون خارجون على الصف الوطني كانوا، او عربا رسميون او من ورثة الامبراطوريات البائدة الا تنفيذ المطلوب منهم.
الدحلان وحماس مستخدمان ومهما فعلا فانهما في نظر مستخدميهم لن يرقيا الى درجة أرفع، الا اذا تجرأ اولو الأمر في دولة الاحتلال (اسرائيل) على الجهر بنوعية الخدمات الدحلانية والحمساوية المشتركة، واقرار توسيمهما بنوط (الشجاعة) على تميزهما والتزامهما بتنفيذ ما طلب منهما حرفيا .
لم تتمكن دولة الاحتلال اسرائيل من احداث خرق في الوعي الوطني الفلسطيني، وقلعة الوحدة الوطنية، وجدران الثوابت الفلسطينية الراسخة الحامية لهذه القلعة الا عندما وفر لها الدحلان ومعه زمرته، وفرقة الموت، وبملفات فسادهم البيئة والمناخ المناسبين لاحداث هوة بين الجماهير والسلطة الوطنية، وبعد أن اتخذت حماس من جرائم هؤلاء ذرائعها المعروفة، وبدأت بتصنيف المجتمع الفلسطيني هذا الى مسلم تابع دمه حرام، وذاك كافر ملحد حلال هدر دمه، واستغلال كل خطيئة بحق الوطن لاطلاق وابل مصطلحات تخوين وتكفير الوطنيين واصدار ودمغ هذا او ذاك بخاتم العميل لشاباك وموساد الاحتلال، لنكتشف فيما بعد أن كل ما شهدناه من فساد وانفلات وجرائم وتمرد على السلطة الوطنية وقوانينها ووحدانية سلاحها كان الارهاصات الضرورية لانجاح انقلاب حماس وتمكينها من غرس براثنها في جسد المشروع الوطني، ولايقاعه ارضا قبل الانقضاض على مراكزه العصبية ومن ثم نهشه حيا.
نفذ (اخوان مسلمون) و(عرب) وآخرون من ورثة امبراطوريات سادت في بلادنا ثم رجعت الى حجمها الطبيعي كفارس والدولة العثمانية، نفذوا ارادة اسرائيل بدعم الانقلاب ماديا وسياسيا، وعملوا على ادخال الانقلابيين غرفة الانعاش كلما مرت بهم ضائقة، فيما دولة الاحتلال (اسرائيل) تعمل على دفع مليوني فلسطيني في قطاع غزة الى طلب الموت او الهجرة هربا من جحيم حروب اعطاها الانقلابيون ذرائعها، فيما قادة حماس يستثمرون دماء عشرات آلاف الضحايا في غزة والدمار فيها لرفع منسوب ارصدتهم في الشارعين العربي والاسلامي، عبر بث صورة (المقاومة والجهاد) فاذا بهذه الجماهير في الشارعين العربي والاسلامي تكتشف ان حماس (المقاومة والجهاد) تتحالف اليوم مع ذات المجرمين، الفاسدين، العملاء، الخونة والمتآمرين على قتل قياداتها وكوادرها، كما كان قادتها ووسائل اعلامها يؤكدون ذلك!!
اليوم وبعد عشر سنوات من المآسي والمعاناة والحياة في قلب الجحيم التي عاشها اخوتنا في الوطن، فانهم في نظر حماس ودحلان واسرائيل وممولي الانقلاب الجدد بأمر من موسادها، قد باتوا في حالة خضوع، ويأس واحباط ، وان المرحلة الأخيرة من عملية اغتيال المشروع الوطني الفلسطيني بفصل القطاع باتت الظروف مواتية لتنفيذها، خاصة في ظل مواقف رسمية عربية ودولية (ضبابية) من القضية الفلسطينية ومكانتها ومركزيتها، ولكن ..
هل سيقبل الوطنيون الفلسطينيون في قطاع غزة ان يكونوا الوقود المغذي لآلة دحلان وحماس القاطعة، الجواب حتما لا، فغزة كانت ومازالت وستبقى رافعة رئيسة للمشروع الوطني، فجماهير الشعب الفلسطيني لديها من الارث الوطني، والارادة الكامنة في النهوض بما يكفيها ويمكنها من ابقاء الدماء الوطنية في عروق أجيالها مستمرة في دورتها الطبيعية، حتى استعادة الوحدة الوطنية ... فأحلام شارون بفصل غزة عن الوطن منذ نصف قرن وأكثر يجب أن تبقى اضغاثا، ويجب ألا يندفع فلسطيني في عملية تحويلها الى واقع، فاليقظة والتبصر ورؤية القادم بعين المصلحة الوطنية، ستمكننا من الوجود والفعل في مركز عصب التاريخ الوطني، والتصدي لمؤامرة تدفعنا الى اغتيال هويتنا وشخصيتنا الوطنية بأيدينا.
تذكروا أن التحكم بغريزة الجوع لدى السباع (الأسود) يُمَكِن (مستخدمها) من اخضاعها وترويضها، أما (سباع البشر) فلا تخضع للترويض ابدا، وتفضل الموت على النزول الى مستوى القطط والكلاب الضالة !! فليس كل من زأر من البشر (سبعا)، فالسباع لا يقدر على ركوب ظهرها بشر حتى لو كان متخرجا من (مدرسة شارون).