نشر بتاريخ: 09/07/2017 ( آخر تحديث: 09/07/2017 الساعة: 10:41 )
الكاتب: محمد خضر قرش
معظم العواصم الدولية والاقليمية ومجلس الامن الدولي ووزراء خارجية العديد من الدول الأوروبية (المانيا بريطانيا فرنسا) والولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية وإيران وتركيا وإسرائيل مغتصبة الأرض يشاهدون ويتابعون ويتدخلون في كل ما يجري في الوطن العربي من الخليج الى المحيط انطلاقا من مصالحهم وأغراضهم ويعقدون لهذه الغاية المؤتمرات والاجتماعات الثنائية ويتحركون ميدانيا فوق الأرض العربية ويرسلون الجيوش والطائرات والأفراد ويجتمعون ويقومون بزيارات مكوكية بين العواصم العربية لمتابعة الحروب والصراعات الداخلية إلا جامعة الدول العربية العمياء والخرساء والمقعدة والمشلولة والكسيحة والطرشاء. فالأمر رغم خطورته البالغة على وحدة وسلامة الوطن العربي ومستقبله لم تحرك جامعة الدول العربية كمؤسسة ولم يرف لها جفن وكأن ما يجري لا يعنيها أو يتم في قارة مجهولة خارج الكرة الأرضية لا حاجة لإصدار بيان أو اتخاذ موقف أو فعل يتناسب مع خطورة وفداحة ما يجري.
لقد صمتت جامعة الدول العربية صمت القبور وعجز أبو الهول عن الحركة رغم أشعة الشمس الحارقة التي تضرب جنباته وتنحت هيكله الصنمي من كل صوب. فالجامعة العربية لم تصمت عما يجري في العراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال فحسب بل وأدارت ظهرها بالكامل للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وتهويد القدس وضم الجولان وأعمت عينيها وادارت ظهرها عمدا عن كل الحروب العدوانية التي شنتها إسرائيل على الضفة والقطاع ولبنان وسوريا وبقية الأرض العربية. بل وأكثر من هذا فقد ذهبت وبإيعاز من بعض الدول العربية الممتلئة والمنتفخة مالا ونفطا وغازا إلى توجيه وحرف بوصلة النضال الوطني والقومي إلى إيران، بدلا من أن يكون مُركزا على العدوان الإسرائيلي، فباتت إيران هي العدو بموافقة جامعة الدول العربية. لقد أصبحت إقامة العلاقات السرية والعلنية بين الدول العربية ودولة الاحتلال أمرا لا يستحق الوقوف عنده أو حتى النظر به لما بعد حل القضية الفلسطينية. فمبادرة السلام العربية شكلت مبررا للعديد من الدول العربية إلى التسابق على التطبيع وإقامة العلاقات والزيارات الرسمية والأمنية والعسكرية وتبادل المعلومات وخاصة التي تمس الأمن القومي العربي دون أن تصدر هذه الجامعة المشلولة والعمياء والخرساء أي بيان تطلب فيه من الدول العربية التمهل وعدم التسابق أو التزاحم على تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال. فوفقا لما ينشر على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية العديدة ووكالات الانباء وبالصوت والصورة، فإنه يجري حاليا إقامة حلف عربي إسرائيلي بدعم أميركي كامل لمواجهة إيران!! فأي انحطاط ودرك وهوان وذل بلغته جامعة الدول العربية. فمؤسسة الجامعة لم تسمح لنفسها مرة واحدة منذ كامب ديفيد بإعادة توجيه البوصلة نحو مقصدها الطبيعي والحقيقي الذي يحمي الامن القومي العربي. فحينما يصدر عن العديد من الحكام العرب والمسؤولين تصريحات ومواقف مضمونها أن الخطر الحقيقي الذي يهدد الامن القومي العربي هو إيران وليس إسرائيل وتصمت مؤسسة جامعة الدول العربية عن هذه التصريحات وكأنها لم تسمع بها، فهذا يعني انها باتت شريكة ليس فقط بتصفية القضية الفلسطينية فحسب وانما في التآمر المكشوف والعلني مع أعداء القومية العربية. وحينما تغلق فمها ولا تتفوه ببنت شفه عما يفعله الاحتلال في فلسطين والجولان ولبنان ومناطق عربية أخرى فإنها تكون قد ساهمت في التطبيع وإدخال إسرائيل إلى المنظومة العربية. وحينما تصوت على حرمان سوريا من مقعدها في الجامعة وتحويله إلى المنظمات الإرهابية فإنها بذلك تكون قد ابعدت عضوا أصيلا من مجموعة المدافعين عن الامن القومي العربي واستبدلته بالإرهابيين وجثاث الافاق الممولين والمدربين من قبل أعداء القومية العربية. وحينما تعجز وتصمت جامعة الدول العربية عن التدخل لوقف حرب الإبادة التي تشن ضد أصول وجذور العرب المتمثلة في نسل عدنان وقحطان في اليمن فهي لا تستحق أن تكون ممثلة للعرب ابدا. وحينما لا تلقي بالا ولا أهمية لما يفعله جنود الاحتلال في المسجد الأقصى المبارك والقدس ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وقتل وحرق الشباب والفتيان الفلسطينيين بدم بارد، فهي بذلك تكون قد وافقت على كل ما يقوم به الاحتلال من أفعال مشينة. وحينما لا تبدي رأيا بل وتصمت حول خطورة انتشار وإقامة قواعد عسكرية أجنبية في العديد من الدول العربية فإنها تعتبر شريكة في التآمر على مستقبل العرب. ونفس الشيء في ليبيا والصومال وجنوب السودان وغربه (دارفور) وحتى الأزمة الأخيرة المفتعلة بين ممولي الإرهاب في دول الخليج التي طفت على السطح قبل أسابيع كل ذلك وغيره كثير يعكس عن عجز وشلل الجامعة عن ان تكون ممثلة للعرب مما يتطلب أو يتوجب طرح سؤال هام عن جدوى وجود جامعة الدول العربية حالبا؟؟ فكل الأزمات التي عصفت وما زالت في الوطن العربي لم تساهم الجامعة في حل أي منها فما الداعي لوجودها إذن. فكل المنظمات الدولية والدول الغربية وروسيا والولايات المتحدة الأميركية اللعينة ومعها إسرائيل وتركيا تدخلت في حل الازمات وفقا لمصالحها وعقدت المؤتمرات المختلفة الا جامعة الدول العربية. وفي الحقيقة فإن مجموع هذه الدول وبتمويل عربي قد عمقت الأزمة السورية والليبية والعراقية وأخرجت النضال الوطني الفلسطيني عن مساره الصحيح. فلكل ما تقدم وغيره كثير لا ضرورة فعليه لوجود جامعة خرساء وعمياء وكسيحة كهذه تلعب دور شاهد زور لكل ما يجري أو على طريقة عادل إمام شاهد ما شافش حاجة.