السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

القدس والحرم الإبراهيمي ممالك ثقافية تاريخية

نشر بتاريخ: 10/07/2017 ( آخر تحديث: 10/07/2017 الساعة: 12:35 )

الكاتب: غسان مصطفى الشامي

تحقق فلسطين دوما انتصارات في أروقة المؤسسات الأممية الدولية على الساحات الثقافية والفكرية، حيث وجهت ضربة موجعة للكيان ضربة من العيار الثقيل تحتاج إلى تتابع الضربات والصفعات ومواصلة كسب الانتصارات الأممية الثقافية الفكرية، فقد حصلت فلسطين قبل أيام على مراكز الصدارة على لوائح الثراث الثقافية العالمية مع التأكيد على عدم وجود أية آثار أو تاريخ أو تراث لليهود الصهاينة على أرضنا المباركة، فقد أقرت حديثا منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) إدراج مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي على لائحة التراث العالمي، واعتبرت أن هذه المدينة الأثرية التاريخية الثقافية معرضة للتهويد ويجب حمايتها من جرائم الاحتلال الإسرائيلي؛ بيد أن هناك محاولات متواصلة من السفيرة الأمريكية البائسة (نيكي هيلي) في الأمم المتحدة لعرقلة صدور هذا القرار الأممي وقد باءت المحاولات الصهيونية الأمريكية بالفشل وحصد القرار الأغلبية وبذل الكيان - حسب وسائل العبرية جهود كبيرة لوقف القرار أو جعله سريا ولم ينجح حيث صوتت أغلبية الدول على هذا القرار التاريخي الهام.
نحن في أتون معركة فكرية ثقافية ضد العدو الصهيوني على الساحات الأممية، وأجاد الفلسطينيون إدارتها بامتياز كبير بالحصول على قرارات أممية هامة اعتبرت الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل التاريخية موقع تراثي عالمي فلسطيني خالصا ولا يوجد لليهود الصهاينة أي أثر وإرث فيه وادعائتهم باطلة ومزيفة .
إن هذه القرار الأممي المهم سبقه قرار أممي آخر لا يقل أهمية عنه، وهو قرار (بلدة القدس القديمة وأسوارها ) والذي أكد اعتماد (12 ) قرارا أمميا سابقا للمجلس التنفيذي لليونسكو و(7) قرارات سابقة للجنة التراث العالمي في الأمم المتحدة، وجميعها تنص على أن تعريف الوضع التاريخي القائم في القدس هو ما كان عليه تراث المدينة المقدسة قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1967م .
إن هذا القرار ضربة أممية كبيرة ليس فقط للكيان الصهيوني بل لعملائه في المنطقة وله أهمية كبيرة وبارزة على الساحات الدولية لشعبنا الفلسطيني ويعكس القرار مدى الاهتمام الأممي بالمواقع الثقافية التاريخية الفلسطينية وهي معركة لا تقل أهمية عن المعارك العسكرية في صراعنا مع العدو الصهيوني.
إن الاحتلال رد على قرارات ( اليونسكو) بخصوص القدس المحتلة والخليل بتقليص التمويل المالي الذي يقدمه الكيان لمنظمة (اليونسكو) والعمل على المبالغ المالية المخصصة لبناء متحف (التراث اليهودي) في مستوطنة (كريات أربع) من كبرى المستوطنات في الضفة المحتلة، وكذلك لتمويل مشاريع تهويدية أخرى مرتبطة بالحفاظ على التراث اليهودي في الخليل.
إن هذه القرارات الأممية بالتأكيد تضر بالكيان على الصعيد الأممي والساحات الثقافية الدولية وهي تمثل دليل دامغ على جرائم الكيان الصهيوني التهويدية ومواصلة الاستيطان في القدس ومدينة خليل الرحمن وباقي أرضنا الفلسطينية في الضفة؛ بل إن هذه القرارات الأممية تحاصر الكيان في المؤسسات الدولية الثقافية والفكرية وتفضح جرائم الكيان الهادفة لطمس المعالم التاريخية الفلسطينية وتزييف المواقع الأثرية الفلسطينية.
لقد حققت فلسطين انتصارا أمميا بالحصول على هذه القرارات الهامة، وهي تؤكد على الحق الفلسطيني الأصيل في هذه المواقع الأثرية التاريخية ، حيث اعتبرت المنظمة الأممية يحمل قيمة عالمية استثنائية وبحاجة ماسة للحفاظ عليه من جرائم الاحتلال والتعدي المتواصل على المقدسات والآثار الفلسطينية، والوقوف في وجه محاولات سرق التاريخ الفلسطيني العريق .
يجب على الكل الفلسطيني مؤسسات وأحزاب وهيئات فكرية وشعبية استثمار قرارات اليونسكو في كافة الدول الخارجية وفي المحافل الدولية في فضح جرائمه وسياساته العدوانية بحق التراث والثقافة الفلسطينية والتصدي للجرائم الإسرائيلية على الحرم الإبراهيمي وأهالي البلدة القديمة في الخليل، خصوصا من قبل المستوطنين، وعلى الأماكن الدينية والتاريخية والتراثية في مدينة القدس المحتلة و استباحة حرمة المسجد الأقصى باقتحامه المتكرر من جيش الاحتلال والجماعات اليهودية المتطرفة.
لابد أن تبقى المقاومة الدبلوماسية والثقافية والفكرية مشتعلة مع الاحتلال الصهيوني على كافة الصعد والجبهات، من خلال الحفاظ على الأماكن المقدسة والأثرية والمقتنيات والموروث الثقافي في بلادنا فلسطين باعتباره جزءا لا يتجزأ من الشخصية الحضارية والوطنية لشعبنا العربي الفلسطيني يؤكد على حضورها المادي والمعنوي في المكان والزمان وأصالتها وتاريخها العريق ووجودها وتجذرها في هذه الأرض.
يجب على المجتمع الدولي العمل على حماية الحرم الإبراهيمي ومدينة الخليل ومنع تغول الاحتلال الصهيوني ومستوطنيه الذين يحاولون جاهدين لتهويده هذه المنطقة وطرد سكانها والاستيلاء على أراضيهم.
إن الكيان الصهيوني يواصل جرائمه التهويدية التدميرية بحق الإنسان والأرض الفلسطينية مستغلا كافة الظروف العصيبة التي يحياها العالم العربي وقد يصحو العرب المسلمين على هدم قباب المسجد الأقصى وهم غارقون في مشاكلهم وقضاياهم الداخلية وأزماتهم المتواصلة .