الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

في الحرم الشريف؛ أنتم تغتالون الحقيقة

نشر بتاريخ: 15/07/2017 ( آخر تحديث: 15/07/2017 الساعة: 20:20 )

الكاتب: أحمد الغندور

ليس من الغريب أن نسأل من منحكم الحق بإغلاق الحرم القدسي الشريف، ومنع عشرات أم مئات الآلاف من المصلين من تأدية شعائرهم الدينية كالمعتاد منذ مئات السنين؟
ومن الذي أذن لكم باختطاف مفتي الديار المقدسة فضيلة الشيخ/ محمد حسين واعتقاله، والتحقيق معه لأنه أم المصلين في الشارع نتيجة لإغلاق الحرم الشريف، ولأنه عبر عن رأيه في عدم شرعية إغلاق المسجد ومنع الصلاة والآذان فيه، وطالب المسلمين بشد الرحال إليه؛ فما الذنب الذي ارتكبه؟
ما حصل بالأمس عملية ضد الاحتلال وقعت خارج نطاق الحرم الشريف وقام بها شبان يعانون من سياسة الفصل العنصري (الأبارتهيد) "Apartheid" من أبناء أم الفحم في الداخل الفلسطيني المحتل الذين قضوا حياتهم يعانون من التمييز في المدرسة، والشارع، والنادي، ومكان العمل.
هذه السياسات التي قضمت حقوقهم الإنسانية وتهدف إلى شطب مشاعرهم القومية رغم وجودهم على أرض بلداتهم الأصلية التي ينتمون إليها؛ فما كان منهم إلا أن ثاروا على الاحتلال وسياساته العنصرية.
فما الذي أقحم المسجد الأقصى المبارك في هذه الحادثة؟ وهو المحاصر ليل نهار بالمئات من الجنود ورجال المخابرات المدججين بمختلف أنواع الأسلحة؛ فضلاً عن الحواجز التي تنتصب بصلف وغرور لتحول بين الفلسطينيين ومسجدهم المبارك.
من الذي دفع الشبان إلى داخل المسجد؛ ليقتل منهم من يشاء أمام العدسات في تلك الساعة المبكرة من صبيحة الجمعة، ثم يغلق الحرم الشريف وتبدأ إجراءاته بالتنكيل بالفلسطينيين؛ شيوخاً ورموزا إضافة إلى حراس المسجد المعروفين لديه.
ثم بأي حق تدعون بأن الرئيس عباس هو من يتحمل مسؤولية ما حدث، فهو المحرض على ما حدث حسب ادعائكم؛ فأي تحريض هذا؟ وما الشكل الذي اتخذه هذا التحريض؟
لعل التفكير في مثل هذه الأسئلة يدفعنا للقول بأنه قد صدقت الحكومة الأردنية الشقيقة حين أعلنت على لسان ناطقها الرسمي الوزير د. محمد المومني حين طالبت الاحتلال بإعادة فتح الحرم الشريف فوراً أمام المصلين، وعدم اتخاذ أية إجراءات من شأنها تغيير الوضع التاريخي القائم في القدس والمسجد الأقصى المبارك منذ العام 1967، ووفقاً لما جرى عليه الاتفاق في معاهدة السلام مع الأردن في العام 1994 من منحه الوصاية على الأماكن الدينية في القدس.
إن القيادة الفلسطينية، والأردن الشقيق والعالمين العربي والإسلامي يدركون ما يخطط له الاحتلال من خرق الوضع القائم في القدس والحرم الشريف، والعمل على جر المنطقة إلى حرب دينية، وهذا ما تفضحه تصريحات أعضاء حكومة الاحتلال الذين يطالبون بالاستمرار في إغلاق الحرم الشريف ومنع إقامة الصلوات فيه؛ كذلك فإن تصريحات ما يسمى "منظمة جبل الهيكل" التي أعلنت " إن الرد على عملية القدس سيكون من خلال زيادة البناء وزيادة ساعات الاقتحام للأقصى" تؤكد على سوء النية المُبيتة لديهم والتي تصل إلى التخطيط بهدم الأقصى المبارك.
إن المجتمع الدولي بات يدرك التوجهات والسياسات الإسرائيلية في المنطقة، وخير شاهد على ذلك قرارات اليونسكو التي تنتصر للحقوق التاريخية الفلسطينية في القدس والخليل لتؤكد على عدم علاقة الاحتلال بهذه الأماكن الدينية والتاريخية المميزة، فلابد من الانتباه إلى ما يخططه الاحتلال من أعمال غير قانونية وغير شرعية للمساس بالحقوق الفلسطينية، والعمل على دمج المؤسسات الدولية على كافة المستويات؛ إقليميا ودوليا للوقوف صفا واحدا في إفشال سياسات الاحتلال، مع التنويه بضرورة إسكات بعض أصوات النشاز للمتصهينين من العرب الذين يتماهون مع الاحتلال.
كما علينا استنفار الجهات الواعية في المجتمع الإسرائيلي للنهوض في وجه هذه الحكومة العنصرية التي يقودها المتطرفون من أجل منع أنفسنا من الانزلاق إلى حرب جديدة تفتك بألاف الأبرياء، وتفسد أية فرصة لسلام قادم.
لذلك يجب فتح أبواب الأقصى الشريف فوراً، والحفاظ على قدسيته وتمكين رجال الوقف من القيام بدورهم المسند إليهم، ومنع المستوطنين من العربدة فيه، فهما كان عليه حال الشعب الفلسطيني أو الأمتين العربية والإسلامية يظل الأقصى المبارك خطاً أحمر.