السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

القدس مرة اخرى

نشر بتاريخ: 23/07/2017 ( آخر تحديث: 23/07/2017 الساعة: 11:20 )

الكاتب: عوني المشني

معركة قبلها ليس كما بعدها عوني المشني كسر نتنياهو الإستاتيكو عبر وضع البوابات الالكترونية ، والصراع الان يدور حول الاستاتيكو الجديد المراد تثبيته ، اسرائيل تود زيادة سيطرتها على القدس وبالتحديد على المسجد الاقصى ، يعتقدون واهمين ان الفرصة متاحة ، ومبعث اعتقادهم هذا هو تجربة الحرم الإبراهيمي في الخليل وموازين القوى المختلة لصالح اسرائيل ، الفلسطينيون لهم وجهة نظر اخرى ، انتفاضة الاقصى نتاج عبث شارون خلفت اكثر من الف ومئتان قتيل إسرائيلي واكثر من خمسة عشر الف شهيد فلسطيني ، بالتالي التجربة في القدس وبالتحديد في الاقصى مغامرة كبيرة لا سيتحسن على احد القيام بها ، الاهم ان كسر الاستاتيكو قد حصل ، والمهم ان صراع الإرادات قد بدأ ، والمهم ان اعادة الاستاتيكو الجديد سيكون نتاج صراع دموي حقيقي لا رحمة فيه ولا تهاون ، خمسة شهداء فلسطينيين ليس عدد كبير لكنه البداية ، والبداية فقط ، لكنها بداية دموية تشير بوضوح الى معالم مستقبل صراع الإرادات من احل تثبيت ستاتسكو جديد وان كان احد يعتقد ان القتلى سيكونو فلسطينيين فقط فهو واهم ، سيكون الدم النازف من الطرفين بالتأكيد حتى لو كان اغلبه دم فلسطيني ، وها هو قد بدأ ينزف من الطرفين ، فثلاث قتلى من الاسرائيليين في احدى مستوطنات منطقة وأم الله هي بداية غاضبة ، وتتسع دائرة القتل عندما يتحول الغضب الى جنون ، وها هو في طريقه الى هذا التحول ، حينها لن يكون اي منطق يحكم الفعل او ود الفعل ، لن يكون الفعل الفلسطيني تحت سيطرة احد ، الفصائل الفلسطينية ابعد ما تكون عن السيطرة ، قيادة جديدة شعبية دينية مستقلة تتشكل في القدس ولن تبقى في القدس فقط ، ستمتد التجربة ، وستكون قيادات جديدة في مدن اخرى ومن ذات المستوى والنوع ، الفصائل ستبعث خلف الأحداث ، في اسرائيل الوضع ليس كثيرا مختلف ، عندما تقرر القيادة السياسية ان الشرطة صاحبة الرأي في ابقاء البوابات الالكترونية هذا بعني ان المستوطنين وبما يمثلهم من ضباط شرطة هم اصحاب القرار والحكومة تحولت الى جهة تنفيذية ، انها مهزلة على كل المستويات ، الجنون سيد الموقف لدى الطرفين ، ورجال العقل والمنطق تراجعو في دورهم وقدرتهم على التأثير ، اكثر من ذلك واخطر ان معادلات ستنهار وتحالفات ستنهار وتفاهمات ستنهار ، وقف او تجميد العلاقات مع اسرائيل وان كان خطوة رمزية الا ان أهميتها انها ستعيد العلاقة مع اسرائيل الى منطق المحرمات ، العلاقات الغير مشرعة ، العلاقات المخجلة ، العلاقات السرية ، وهذا تراجع اكثر من كبير ، في طل هذا الوضع ستنشأ تحالفات وتفاهمات ومعادلات جديدة ، ربما في القول مبالغة ولكنها وان كانت كذلك فهي اقل خطورة من العبث بالاقصى واشعال نار حرب دينية لها اول وليس لها اخر ، في ظل معركة الاقصى من هو الفلسطيني الذي سيجرؤ على العودة للمفاوضات ؟؟؟؟ في ظل معركة الاقصى من هو الزعيم العربي الذي يجرؤ على الإعلان عن تحالفه مع اسرائيل ضد إيران ؟؟!!! في ظل معركة الاقصى سيكون هناك وقودا جديدا يصب على نار " الاٍرهاب " المتأججة في اكثر مكان في العالم وتحت يافطة الاسلام !!!! مع ذلك ورغم أهمية وخطورة ما يجري فان هذا لا يشكل سوى الفصل الاول في حرب طويلة ومريرة هي حرب مستقبل فلسطين التاريخية ، فاسرائيل تسعى لتكريس إنكار الاخر وحقوقه ومقدساته وأحلامه ، انها فعلا تنكر الفلسطينيين بمقدساتهم وتاريخهم وحقوقهم وأحلامهم وطموحاتهم ، وتسطوا على كل ما يخصهم حتى التراث الفلسطيني لم يسلم من عمليات السلب ، وما يقلقها هو انه رغم حالة الضعف الفلسطينية والانكسار العربي فان الفلسطينيين لم ولن يستسلموا للهزيمة ولَم ولن يوقعوا وثيقة استسلام تحت يافطة اتفاقية سلام بالشروط الاسرائيلية . لقد تمت هزيمة الفلسطينيين عشرات ألمرات ، وتم احتلال كل فلسطين التاريخية وتم الاستيطان في كل زاوية من فلسطين ، رغم ذلك فالفلسطينيين عادو بقوة كيانية سياسية وفرضوا حضورهم دوليا وإنسانيا ، هنا عظمة ياسر عرفات ، استطاع بحنكة وصبر واصرار ان يعيد الفلسطينيين الى خارطة الأحداث كشعب ، أنقذهم من الذوبان ومتاهات التشرد النفسي والضياع الوطني ، وفرضهم بقوة ، والأكثر أهمية فانهم يشكلون الأغلبية النسبية في وطنهم التاريخي وخلال اكثر من ربع قرن سيكونوا الأغلبية المطلقة ، واكثر من هذا الفلسطينيون وان هزمو عشرات المرات فانهم ينتظرون الخطأ الاول والذي سيكون الخطأ الأخير ، حيث ومهما بلغت دقة وحرص القيادة الاسرائيلية فإنها سترتكب الخطأ القاتل اكثر المؤسسات العلمية دقة يوجد لديها هامش للخطأ ولو واحد بالمليون وإسرائيل ليست بمستوى تلك المؤسسات دقة بل هي الأكثر غباءاستراتيجي لهذا فإنها حتما وبلا أدنى شك ستقع في المحظور وترتكب الخطأ ، هذا الخطأ الذي سيشكل مقتلا ونهاية للمشروع باكمله ، سيحصل هذا الخطأ اليوم او بعد وقت ، ربما الكثيرون يعتبروا انه سيكون ولكن شخصيا اعتقد ان اسرائيل قد فعلتها وارتكبت ذلك الخطأ ، نعم بتضييع فرصة السلام مع ياسر عرفات تكون اسرائيل قد ارتكبت الخطأ القاتل وضيعت الفرصة التاريخية . ولا اعرف على وجه الدقة ان كان هناك مكان لتلك الفرصة التاريخية ، لكن ما انا متأكد منه ان ياسر عرفات كان جادا وقادرا وراغبا في صنع سلام ولكن قادة اسوائيليين اغبياء فقط ، ليس لديهم اي بعد إستراتجي هم من ضيعوا الفرصة . قادة اضاعوا ياسر عرفات وأضاعوا قبلها رابين هم فقط نموذج فج لإضاعة الفرص . ليس مبالغة القول ان القدس هي مفتاح الحرب وهي مفتاح السلام ، القدس هي الحد الفاصل بين المنطق وبين الجنون ، القدس هي مثال للتعايش او مثال الاحتراب ، هكذا هي لا تقبل التأويل ، تستطيع ان تتعاطى مع القدس كما تريد وتستطيع القدس ان تكون ما تريد ، وهذه المرة ارادها نتنياهو مدينة الاحقاد والدم والاحتراب وشرارة تحرق الحقل كله ، هكذا ارادتها حكومة اليمين الإسرائيل المتطرف الغبي والساذج والمجنون والحاقد والعنصري والمهزوز من الداخل والفاقد لليقين بالمستقبل والمرعوب حتى الفوبيا القدس اليوم معركة تشتعل ، أشعل اليمين الحاكم في اسرائيل المعركة ، ونتائج المعركة لم تتضح بعد مون المعركة في بدايتها لكن ما يمكن اعتباره نتائج أولية المعركة اعادت علاقات اسرائيل العربية والفلسطينية الى مرحلة العلاقات المشبوهة ، العلاقات المحرمة ، العلاقات المعيبة ، صحيح لم تتوقف العلاقات عمليا سواء مع أطراف عربية او فلسطينية لكنها أصبحت اكثر إحراجا واكثر خجلا لاصحابها ، ووهم التحالفات الإقليمية ضد ايران بمعزل عن حل القضية الفلسطينية تبخر كما هي حكمة قادة اسرائيل التي تبخرت نتاج خمرة القوة التي اسكرتهم . المعركة أسقطت وهم القدس الموحدة ، القدس قدسين ، بالمكان القدس قدسين ، بالتعاطي الرسمي القدس قدسين ، بالعلاقات بين أبناء المدينة القدس قدسين ، ناهيك عن مستوى الخدمات والتمثيل الاجتماعي وهكذا ... وهم القدس الموحدة سقط وبدون اي تردد القدس ظهرت كمدينة خاضعة للاحتلال لا اكثر المعركة أظهرت زيف الدعاية الاسوائيلية عن حرية ممارسة العبادات تحت سلطتها ، لم تعد هذه الكذبة تنطلي حتى على أصدقاء اسرائيل ، اسرائيل الان دولة تقمع اتباع الديانات الاخرى وتصادر حريتهم في العبادة ما يجري في القدس ليس اختبار قوة فحسب بل اعادة تصحيح لمعادلة الصراع ، اعادة العرب والمسلمين الى الصراع بعد ان تم اخراجهم منهم بدواعي مختلفة ، القدس تعيدهم لصراع حتى ولو اعلاميا ، تعيد المستوى الشعبي ، تعيد الرأي العام العربي والإسلامي ، هذا لا يكفي ولكنه بداية فقط معركة القدس أسقطت الوهم بمفاوضات مع الجانب الاسرائيلي ، من يريد السيطرة على الاقصى لا يمكن ان يكون شريكا في سلام ولا مفاوضات لتحقيقه سلام ، من يريد السيطرة على الاقصى يصبح التفاوض معه عبث لا جدوى منه ، هذا هو الواقع وهذا هو الاستنتاج الأبسط لمعركة القدس ومن يجرؤ في ظل معركة الاقصى على الحديث عن مفاوضات !!!!!السؤال الاهم كيف والى متى نخوض معركة القدس ؟!!!! اعتقد ان شعبنا ببسطائه وجمهوره يعرف طريقه ويعرف مراده ويبدع في اختيار أدواته النضالية ، شعبنا لا يحتاج للمنظرين ولا الى قيادات ، يصنع قيادته ومن الميدان مباشرة ويحفر مساره النضالي في الصخر وبدون اي شك يستطيع تحديد مساراته ، انه شعب يسبق قيادته ويمتلك حس وأصالة ورؤيا أعمق وارقى من كل أشباه القيادات ، يستطيع شعبنا الدمج بين كافة أشكال النضال وبطريقة مبدعة خلاقة متميزة ليعطي افضل النتائج باقل الخسائر ، من يعتقد ان شعبنا سيستنسخ أشكال نضالية سابقة مخطئ ، سيكون ما هو جديد ، ما هو إبداعي ، ما هو متميز ، ما هو عبقري ، وسسيفاجئ المحللون وخبراء الأمن كما فوجئوا اكثر من مرة وسيجد الإسرائيليين أنفسهم مرة جديدة امام " ما كنّا نتوقع ذلك " وطالما ان أشباه القيادات لا تتسلق على كفاح شعبنا ولا تخضعه للبيع والصفقات فكفاح شعبنا بخير وسيصل الى نهايته المكللة بالنصر . انها معركة ليست كمثلها معركة لا بالشكل ولا بالمضمون ولا بالاستراتيجية ، ولن يكون قبلها كما بعدها .