السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

قراءة في وصية الشهيد (عمر العبد)

نشر بتاريخ: 23/07/2017 ( آخر تحديث: 23/07/2017 الساعة: 11:52 )

الكاتب: د.عاطف القانوع

يقول سالفه النحيل المنتهي إلى لحية مصففة بطريقة ما، وشعره المنضد المتصاعد الجميل، مثلما تقول ابتسامته الآسرة...ووصيته التي قدها من روحه المغادرة: إن عمر العبد، الشاب البالغ من العمر (18) عاما، المقيم في قرية كوبر، إحدى البلدات التابعة لمحافظة رام الله:
إنه ينتمي إلى عصر، وطنية ما قبل الأحزاب والتنظيمات، وإسلام ما قبل المذاهب، وإنسانية ما قبل المبشرين الكذبة بحقوق الإنسان، وينتمي إلى طريقة إيمان العجائز...
وإنه كان منشغلا بترتيب أمانيه وأحلامه وحراستها، حينما دهمته قرارات نتنياهو العابثة، غير المسئولة بشأن المسجد الأقصى. " أنا شاب لم يتجاوز عمري العشرين، لي أحلام وطموحات كثيرة "
وإنه لم يكن عدميا، متشائما، هاربا من جحيم الحياة، كلا ... بل كان محبا للحياة، عاشقا لها، واحدة من أمانيه الجموحة، أن يرسم البسمة على شفاه الناس، ويهب الحياة لمن يستحقها، وليس غريبا أن يهب الحياة لأطفال صغار في ساحة العملية، فلا تمتد يده إليهم، فيتركهم في أمان، ويغادر...مثلما أكدت القناة العاشرة الإسرائيلية " كنت أعشق الحياة لرسم البسمة على شفاه الناس. "
وإنه يدرك مرارة الحزن، وعذاب الفقد اللامتناهي، ويعرف جيدا معنى أن يسلم الآباء أبناءهم إلى التراب... مرهفا عمر، حساسا، ولم يكن بليدا لا يقدر مشاعر الآخرين. " أمي أبي أخوتي يا من ستشقون من بعدي ... سامحوني "
يدشن عمر حالة من الوعي الوطني الفريد، حالة من التجسيد العملي للوحدة، وحيث إنه لم يسعد عينيه الجميلتين برؤيتها على الأرض، فلا بأس إذن إن يدشنها على جسده الطاهر، يقسمه بين المتناحرين، الرأس لعصبة القسام، والصدر لعصبة أبو عمار.
" لفوني برايات رسول الله، ولفوا رأسي بعصبة القسام، ولفوا على صدري عصبة أبو عمار، وادخلوهم معي في القبر، أنا أعي ما أقول".
وحيث إنه يعلم أن وعيه الوطني الفريد، الذي يريد أن يدشنه للأجيال، سوف يلقى إنكارا من الطرفين وغرابة، فلسوف ينكر الإسلاميون عليه (ولفوا على صدري عصبة أبو عمار)، مثلما سينكر عليه الوطنيون (لفوا رأسي بعصبة القسام) ...لأجل هذا كله أكد مقولته (وأدخلوهم معي في القبر، أنا أعي ما أقول).