السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

إجراءاتكم تُشكل جرائم حرب

نشر بتاريخ: 23/07/2017 ( آخر تحديث: 23/07/2017 الساعة: 18:06 )

الكاتب: أحمد طه الغندور

للأسبوع الثاني على التوالي والاحتلال ماضٍ في جريمته المتمثلة في إغلاق المسجد الأقصى أمام جموع المصلين وإصراره على منع الآذان والعبادة فيه؛ بل شرع في إجراءات أخرى لا تقل بشاعة عن جريمته الأولى؛ وجميعها تعتبر من جرائم الحرب وفقاً لنص المادة (8) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية للعام 1998، والمعروف باسم "ميثاق روما"ـ والتي تعتبر جميعها من الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف للعام 1949ـ ولعلنا هنا في هذه العُجالة نورد بعضاً من أبرزها؛ وهي:
• جريمة القتل العمد؛ من الملاحظ أن أعداد الشهداء في تزايد منذ اندلاع أحداث الأقصى الشريف منذ أسبوعين، فمنهم من قتله جنود الاحتلال، ومنهم من قُتل من قِبل مجرمي المستوطنين مثل الشهيد "محمد شرف" وفقاً لما أثبتته كاميرات التسجيل كما أفاد والده لجريدة القدس، ومن المهم الأخذ في الاعتبار أن جريمة القتل العمد تعتبر أيضاً من الجرائم ضد الإنسانية وفقاً للمادة (7) من ميثاق روما المشار إليه سابقاً.
• جريمة المعاملة غير الإنسانية؛ ولعل من أبرز صورها والتي يجدر الإشارة إليها هنا، اعتداء الجندي الإسرائيلي على أحد المصلين أثناء تأديته للصلاة والتي نقلتها بوضوح جلي وسائل الإعلام إلى العالم كافة والتي لا تحتاج إلى إي مزيد من التعليق حول همجية التصرفات الاحتلالية التي تعبر بمثابة سياسة إسرائيلية تمارس ضد الحق في العبادة.
• جريمة إلحاق أذى خطير بالجسم أو الصحة؛ ونمثل لها هنا بالاعتداء الصارخ على سماحة الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى المبارك، والذي خضع بسببه للعلاج في المشفى، وهناك المئات من الإصابات التي حدثت للمصلين أثناء قيامهم بممارسة شعائرهم الدينية.
• جريمة إلحاق تدمير واسع بالممتلكات والاستيلاء عليها؛ ولعل هذه الجريمة هي الجريمة الأولى والأخطر للاحتلال الإسرائيلي في القدس، فالأقصى الشريف في عين الحدث والهدف تدميره وبناء ما يسمى بالهيكل الثالث على أنقاضه، لذلك كانت الحفريات والمصادرات وتدمير المعالم التاريخية، وسرقة وثائق الوقف الإسلامي تعتبر هي المشهد الأخير من سلسلة هذه الجرائم والتي تجاسر عليها الاحتلال بشكل أكبر بعد القرارات المنصفة لمنظمة اليونسكو الدولية والتي أعلنت على رؤوس الأشهاد عدم تبعية الأقصى الشريف أو القدس للاحتلال بأي شكل كان.
• جريمة الحبس غير المشروع والابعاد؛ وهذه جريمة أخرى من جرائم الحرب والتي لم ينفك الاحتلال عن ممارستها، وكان من أخر صورها اعتقال شخصيات مقدسية بارزة وهامة؛ فقد تعرض فضيلة الشيخ/ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية للاعتقال غير المشروع ولازال عدداً أخر من هذه القيادات رهن الاعتقال ومنهم الأخ/ حاتم عبد القادر والذي يمكن اعتباره رهينة لدى الاحتلال؛ مما يشكل جريمة أخرى من جرائم الحرب التي يمارسها الاحتلال بفظاعة. وفي هذا الإطار لا يمكن أن نغفل جريم إبعاد الكثير من المرابطين عن الأقصى المبارك والقدس الشريف مدينتهم ومكان إقامتهم ولا جرم لهم يعاقبون عليه إلا قيامهم بدورهم في حماية المقدسات.
من هنا نقول؛ يجب أن ندرك أهمية عدم التعاطي مع سياسات الاحتلال في إخفاء جرائمه، وتصوير المسألة بأنها خلافات على إجراءات حماية لأماكن العبادة، فممارسات الاحتلال وأقوال مسؤوليه، وتصرفات المتطرفين وما يرتكب من جرائم بشكل يومي تفضح نوايا الاحتلال في هدم المسجد الأقصى المبارك دون وجل أو خجل، وللأسف بات عدد من المسؤولين العرب المنفصلين عن الواقع ونتيجة لضغوط سياسية معينة وعدم معرفة بالوقائع على الأرض يتعاطون مع بعض طروحات الاحتلال الذي يروج لها هنا أو هناك؛ ولا هدف لمثل هؤلاء المتصهينين إلا تملق تل أبيب.
لذلك؛ فإنه من الأجدر معرفة الحقيقة من أهل الحق وأهل الرباط على هذه الأرض المقدسة، فالقيادة الفلسطينية والأردن الشقيق والمرجعيات الدينية في القدس الشريف هم خير من يعينكم على فهم الحقيقة بحذافيرها عن الواقع المؤلم في القدس والأقصى المبارك؛ فهم من يكابدون الهم ليل نهار للحفاظ على الأقصى الشريف والمقدسات. ولا ولن يسهل خداعهم.
إن كشف وفهم طبيعة جرائم الاحتلال فيما يخص الأقصى المبارك والقدس عاصمة دولة فلسطين، يسهم في إماطة الخجل السياسي في تعاطي بعض العرب مع الاحتلال؛ فهذا الخجل لن يقنع الاحتلال في التوقف عن ارتكاب جرائمه وتغيير سياساته التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية والانطلاق إلى الدول العربية الأخرى لتحقيق خرافة "إسرائيل الكبرى" وبسط هيمنتهم من النيل إلى الفرات.
علينا فهم الواقع؛ وتوظيف كافة الطاقات لحماية الأقصى المبارك؛ لأن العدوان شامل ومن يتخاذل فلن يجد ورقة التوت لستر عورته؛ والقادم أعظم، والله المستعان.