السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

القدس.. روح الكينونة الشخصية والوطنية

نشر بتاريخ: 23/07/2017 ( آخر تحديث: 23/07/2017 الساعة: 18:08 )

الكاتب: موفق مطر

يعتقد الفلسطينيون الوطنيون أن نجاح دولة الاحتلال بفرض سيادتها على الحرم القدسي والمسجد الأقصى تحديدا يعني بداية انهيار المشروع الوطني، رغم ايمانهم ان الصراع مع المشروع الاحتلالي الاستيطاني الاسرائيلي، تحرري وطني، لا ديني، فالوطني الحقيقي يعتبر المقدسات جزءًا من هويته الوطنية، وان صونها وحمايتها يعني حماية الأمل والهدف الوطني، فالفلسطيني لا يدافع عن المسجد ألاقصى كونه اولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحسب، بل لأنه كذلك المؤشر الدقيق على مستوى نبض حياته الطبيعية، يمكننا الذهاب لأبعد من ذلك اذا قلنا ان الفلسطيني الوطني يعتبر القدس بمقدساتها المسيحية والاسلامية، بالمسجد الأقصى وكنيسة القيامة، مجال الجاذبية الحافظ لتوازنه الفكري والسلوكي وبمجموعيهما الوطني، وان سيطرة دولة الاحتلال المطلقة على القدس ومركزها الروحي تعني له بكل بساطة، أن دولة المستوطنين قد اخرجته ليس من وطنه وحسب، بل دفعته بقوة الى خارج نظام كوكب الأرض، واسقطته من سجل التاريخ الانساني، وهذا لن يحصل مادام الفلسطيني الوطني يعكس قداسة روحه ونفسه ودمه على المكان فيصير المصير واحدا.
لم يكن يوم الجمعة الماضي يوم غضب، أو حدثا يتسابق البعض لاطلاق تسمية مستحدثة عليه او لرفع رقم الانتفاضات، كل ما هنالك ان الفلسطينيين التواقين للحرية والاستقلال قد استشعروا متطلبات اللحظة التاريخية، ساعة طوق المحتلون الاسرائيليون ببواباتهم الالكترونية بوابات المسجد ألأقصى، فرأوا في الافق البعيد مخطط اغتيال القدس عاصمة وطنهم الأبدية، واستشعروا عملية اغتيال الروح الوطنية الكامنة في مقدسات فلسطين، ورأوا بأمهات عيونهم قناصي حكومة المستوطنين المجرمين العنصريين وهم يصوبون فوهات قناصاتهم نحو مركز الحياة الحقيقية والروحية للوطني الفلسطيني، نحو (المسجد الأقصى)، فتسابقوا ليفتدي كل منهم ما يعتقد انه كيانه الشخصي والوطني.
القادة الوطنيون المؤمنون بحتمية انتصار الارادة الفلسطينية، وأن المرحلة تتطلب القرارات في اللحظات المناسبة لضمان سير مركبة الزمان الفلسطيني نحو المكان الفلسطيني حيث بريق الحق التاريخي والطبيعي يطغى على وهج الشمس.
القادة قرروا وباسمهم اعلن رئيس الشعب الفلسطيني تجميد الاتصالات مع دولة الاحتلال على كافة المستويات الى حين الغاء اجراءاتها بحق القدس والمسجد الأقصى والشعب الفلسطيني.
المؤمنون الوطنيون الفلسطينيون المقدسيون الذين استطاعوا الوصول وصلّوا على ارصفة وشوارع المدينة المقدسة، وكذلك الذين لم يستطيعوا فأقاموها تحت وابل الرصاص المطاطي والحي ايضا والغاز المسيل للدموع في قلنديا وبيت لحم والخليل وحوارة قد اثبتوا أن للمقدسات في فلسطين عموما وللمسجد الأقصى خصوصا شعبا يحميه.
عمل قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية محمود عباس على أن تكون القدس على رأس أجندة مهمات المحافل الدولية باعتبارها جوهر الصراع، فالتقطت الجماهير مقاصد التوجه، كما في كل مرة، فاستثمرت حماقة وغطرسة حكومة دولة الاحتلال وبعض قادة اجهزتها الأمنية، وصنعت اول امس الجمعة حدثا تاريخيا، قد يتدحرج ليذكر العالم إن سها او غفا او تجاهل أن القدس الشرقية الحرة مفتاح السلام، وأنها العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المستقلة، وانها بوابة الفلسطينيين نحو المستقبل، والبوابة الاجبارية للمجتمع الدولي ان اراد ألأمن والاستقرار في هذا الجزء الحيوي والمهم جدا من العالم.