نشر بتاريخ: 25/07/2017 ( آخر تحديث: 25/07/2017 الساعة: 11:31 )
الكاتب: عوني المشني
هل انتهت الازمة ؟؟؟؟ الاجوبة مختلفة، هناك من يعتقد ان جولة انتهت لتبدأ جولة جديدة ، اخرون يروون ان الازمة غيرت مسارها لتاخذ مسارا جديدا ، بعضهم يذهب الى ان ما حصل لا يعدو كونه اختبار قوة للجولة الحقيقية القادمة لا محالة ، ولكن الذين يعتقدون ان التغيير الذي تم شكليا بازالة البوابات وتغيير الأسلوب فقط هم قلة ، ويبدو انه لا احد يعتقد بتلك نهاية للمشكلة وان صفحة السيطرة على الاقصى قد طويت .
سيمر الحل بطريقة او اخرى وسيسجل للأردن دور في حل الازمة ولكن سيسجل للمقدسيين على وجه الخصوص انهم نقلو المقاومة الشعبية السلمية الى مرحلة متقدمة جدا جدا ، قيادة سياسية ميدانية منضبطة ومتفقة وفاعلة وحيوية ، انضباط عالي من الجمهور وتجاوب كبير فاق كل التوقعات ، وإسقاط المفاهيم اليائسة المهزومة التي كانت تقول ان شعبنا قد تعب ولَم يعد باستطاعته فعل شيئ ، وصبر واصرار منقطعي النظير جعل كلمة القدس هي الكلمة الاخيرة وهي الكلمة المسموعة ، كل هذا ساهم بارتداد الهجمة ولو مؤقتا ، سيسجل للقدس انها لم تنتظر المدد من الخارج وأنها لم تستجدي احدا ، وأنها لم تنتظر قرارا من احد ، سيسجل للقدس ان قادرة على الانتظام سريعا بدون تحضيرات واجتماعات وفصائل ولجان تنسيق وهمية ، سيسجل للقدس انها لم تنتظر موازنات ولم تأخذ اذن احد ولم تلقي بالمسئولية على احد ، سيسجل للقدس انها لم تتأخر ولم نستعجل تحركت في الوقت المناسب وبدون ان تنتظر حلا سحريا ، انها إرادة شعبية منضبطة وواعية ، وحركة القدس هكذا تشكل ادانة صريحة وعلى الملأ لكل دعاة المقاومة الشعبية الذين ومنذ سنوات لم يستطيعو ان يشكلو ولو نموذج فاعل واحد لنجاح واحد في منطقة واحدة والذين صرفو ميزانيات تفوق بالالاف إعداد من شاركو في تلك المقاومة !!!!
نموذج القدس لا يستنسخ لذلك حذار من تجار المقاومة ان يفعلوها ، لكل حدث ظروفه وخصوصيته ، ما نجح هنا ليس بالضرورة ان ينقل حرفيا هناك ، ولو حاولو سيفشل ، كل ظرف له معطياته وأشكاله المناسبة والابداع في اكتشاف تلك الخصوصية وتوظيفها .
الاهم هو وماذا بعد ؟؟؟ ماذا بعد سياسيا ؟؟؟ ماذا بعد نضاليا ؟؟؟ ماذا بعد وطنيا ؟؟؟
سياسيا ازمة البوابات لم تترك مجالا للشك بان حكومة نتنياهو ماضية في طريق الاستيطان والتهويد ، من العبث الركون الى مفاوضات سياسية من اي نوع معها ، تراجعت تحت الضغط وبشكل تكتيكي ، لم تغير سياستها مطلقا ، اي مفاوضات معها هو عبث سياسي ، ربما لا يستطيع الفلسطينيين الإعلان عن رفض التفاوض معها ، لكن يستطيع الفلسطينيون التمسك اكثر بشروطهم وعدم التراجع عنها ، المفاوضات مع هذه الحكومة ليست فرصة للسلام وإنما فرصة للحكومة الاسرائيلية لتعميق احتلالها وسيطرتها واستيطانها ، فرصة لانقاذها من السقوط ، فرصة لتخفيف الضغط الدولي عنها ، فرصة لتخفيف حدة المقاطعة ضدها ، فرصة لتلميع صورة اسرائيل العنصرية ، فلم نعطيهم هذه الفرصة ؟؟؟!!!! سياسيا ليس صحيح ان الوقت يعمل لصالحهم ، اذا ما احسن إدارتنا للصراع فالوقت لصالحنا حتما ، كل المعطيات تقول هذا ، لا احد مسموح له ان يتحدث اننا بصدد " إنقاذ ما يمكن انقاذه " ربع قرن من المفاوضات والعبث المقاوم عززت الاستيطان والتهويد وضاعفته عشرات ان لم نقل مئات المرات !!! ما الذي انقذتموه عدا حساباتكم البنكية التي فاضت عما تتسع ؟!!! ما ينقذ الوضع وينقذ ما تم خسارته بمفاواضاتكم هو استلهام تجربة القدس بتأني وصبر وحنكة ومسئولية ودون حرق المراحل ، ما يمكن إنقاذ الذي تم تدميره بمقاومتكم الشكلية المفضوحة هو ترك الشعب يختار ويقرر ويتصرف بحرية وبدون مزاحمة على كراسي وهمية وسلطة وهمية ومكاسب وهمية . سياسيا ايضا ثبت بالملموس ان شعبنا موحد ولا يحتاج مصالحة وانهاء انقسام ، توحدت كل اطياف الشعب في القدس وبدون لجان مجتمعية ولا اجتماعات مصالحة ولا وساطات خارجية ، توحدت في المعركة " عرفنا طعم الوحدة بحق لما لبسنا البدلة الكاكي " بمعنى توحدت على ارضية وحدة الهدف ووحدة الأداء وفِي الشارع المقاوم ، الانقسام الموجود هو اختلاف مصالح لا اكثر ، اختلاف قيادات لا اكثر ، اختلاف على الحصص لا اكثر ، اختلاف الأسياد الذين وظفو عبيدا لهم لا اكثر ، وشعبنا مصالحه الحقيقية وقيادته الحقيقية وأدوات نضاله الحقيقية وسيده الحقيقي هي الارض الفلسطينية وموحدة وواحدة ولا تقبل القسمة ولا الجمع ولا الطرح ، وعلام عشر سنوات ردح وتخوين وتكفير وتعهير ؟؟!!!!! الوحدة يصنعها اسماء بلا مناصب ولا مصالح ولا اسياد وتمت صناعتها في القدس .
سياسيا ووطنيا ونصاليا ايضا هنا ، وهنا على وجه الدقة ، عرف شعبنا أين هي المصلحة الوطنية العليا ، مصلحته العليا حماية ارضه وقضيته ، هذا هو معيار المصلحة الوطنية وبوصلتها وايقونتها ، لا مصلحة لنا في اعتقالات ونظم بوليسية وتنسيق مشبوه وتقاسم ادوار وتقاسم مصالح وتقاسم مواقع ، سياسيا ونضاليا ووطنيا واخلاقيا ما يحصل مدان ويمثل اختطاف للمصلحة الوطنية وانحراف عنها ، أعاده تصويب اداء السلطتين بما يحقق المصلحة الوطنية مطلب بعيد المنال ، فالقطة لا تلد الا قطة ، وكل إناء بما فيه ينضح والمشروع الذي بني على تقاسم الأدوار والمصالح لا يمكن ان ينسجم مع المصلحة الوطنية ، مع ذلك لا بد من ان يبقى هذا مطلبا وحلما ودون ان نعلق امالا كبيره على تحقيقه .
وطنيا ، عرف شعبنا من جديد كما عرف في كل مراحل التاريخ كيف يصنع قيادته ، القدس ام الأماكن وأم المعارف وأم القيادات ، القدس لا احد ولا شيئ يشبهها ، ولا يعلو عليها عاليا ، القدس قالت بوضوح القيادة التزام ومسئولية ومشاركة ، دون مقاربات ولا مواربات ولا مماحكات ، القيادة احتياج وطني نضالي ، دون هذا الاحتياج ودون المشاركة ما معنى قيادة ؟؟!!!
القدس قالت وعملت وصنعت ، متدينيين وعلمانيين ومستقلين ومنتظمين ومنتمين لفصائل وحدتهم المعركة في قيادة ومرجعية وبصلابة ووعي ، لا اجتماعات مركزي ولا وطني ولا تقاسم ، لم يحتاجوا بروتوكول او نظام داخلي او حتى وثيقة شرف ، النار تصنع الفولاذ ، والشارع هو صندوق اقتراع ، والحكمة في تحويل نبض الشارع الى قرار ، لا مراكز بحث ولا خبراء مدفوعي الأجرة ولا كولسات ولا كوتة ، قيادة يستدعيها الحدث تشارك فيه وتقرر مساره وتلتزم باهداف شعبها ، هذا حصل في القدس ومن لم يرى من الغربال فانه اعمى .
ليس تقييما لما جرى ، التقييم مبكرا عليه ويحتاج الى وقت ، ومن سيقيم نضالات الشعب غير الشعب ذاته ؟!!!! لست انا من يقيم ، شباب وشيوخ ونساء القدس هم يقيمون ، وبالتاكيد يفعلو ذلك ، وتقييمهم هو الأكثر دقة والأكثر وعي والأكثر جدوى ، فقط قراءة وطنية لما جرى ، نعم قراءة وطنية لان هناك قراءات اخرى لما جرى ، قراءة ترى فيه سحب بساط من تحت ارجل قيادة تقليدية ، وقراءة ترى فيه كشف لعجز وشلل أصحابها ، وقراءة تعتبر ما جرى قد عكر صفو العلاقات الطيبة مع " الطرف الاخر " وفق مصطلحاتهم ، وقراءة تعتبر ما جرى غوغاء أحرج القيادة ، وهكذا .
ادامك الله قدسنا ، ما اقدسك حقا ، ما طهرك حقا ، ما انبلك حقا ، ولنا شرف ان نتعلم منك ، ولكن ما يعتبرو أنفسهم اساتذة نضال عليهم ان يعودو للصف الاول او ربما التمهيدي ليتعلموا من القدس ،