الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

دلالات واستخلاصات معركة الاقصى

نشر بتاريخ: 02/08/2017 ( آخر تحديث: 02/08/2017 الساعة: 16:12 )

الكاتب: احسان الجمل

ان ما جرى ويجري الان على الساحة الفلسطينية، وتحديدا المقدسية، جدير باعادة تقييم الامور، واستخلاص العبر، من تلك الاحداث التي شهدت انقلاب الصورة، والواقع والمنطق، التي تركت فيها القدس واهلها وحيدين، يصارعان الاحتلال، بارادة الفلسطيني الحقيقي، وعزيمته، وارادته بالتحدي دفاعا عن حقوقه الوطنية ومقدساته، طبعا هذا يستثني بعض الجهود من هنا وهناك التي شاركت القدس معركتها ميدانيا، وليس عبر وسائل الاعلام.
فموضوع القدس ليس حدثا جديدا، ولا مفاجئا، فالاحتلال يعد له من زمن، وكل سياسته العدوانية تجاه القدس والمقدسيين كانت تحمل دلالات ذلك، فالاحتلال منذ زمن كان يسعى الى تقسيم الاقصى في الزمان والمكان، ومارس الضغط على المقدسيين، لفرض مزيد من الوقائع عليهم.
لم تكن العملية البطولية لابناء جبارين، القادمين من ارض فلسطين العام1948 مبررا وذريعة، فالمخطط موجود في بنك الاهداف عند الاحتلال، رغم انه للاسف البعض شكك بالعملية!!!! والبعض ادان. وهذا ليس موضوع بحثنا الان.
ماذا استخلصنا من هذه المعركة التي ستخلد في التاريخ الفلسطيني؟ما هي الدلالات؟ وما هو المطلوب لمنع تكرارها مستقبلا، وخاصة ان الاحتلال لم ينه استفزازاته وقطعان مستوطنيه.
اولا: بينت احداث الاقصى ان الروح الكفاحية النضالية، للشعب الفلسطيني، لم تستطع كل سياسات الهوان والسكوت، ان تحبطها رغم كل ما تعانيه، مع الاقرار ان هناك نسبة معينة من الاحباط والياس، لكن جذوة النضال الوطني ما زالت تشكل مخزونا كبيرا لدى ابناء الشعب الفلسطيني.
ثانيا: ان الشعب الفلسطيني، اينما كان، لا تفرقه الجغرافيا ولا الحدود، ولا الظروف المختلفة التي تتحكم بالفلسطيني حيث يقيم. بل انه شعب موحد في اطار وحدة الجسم الفلسطيني الوطني الشعبي.
ثالثا: ان الشعب الفلسطيني قادر على الابداع، وانتج ادوات قيادية وفق الحدث، في ظل غياب القيادة الرسمية والفصائلية والحزبية. التي ادلت بخطاباتها الشعبوية، دون ترجمة ذلك الى برنامج له ادواته النضالية. ولم نر ان خلية ازمة شكلت لقيادة الميدان وفق رؤية مشتركة للجميع.
رابعا: هناك هوة كبيرة بين السلطة ومعظم النخب القيادية والشعب، هذه الهيئات التي سجلت غيابها، ولو ان بعضها جاء متاخرا لحفظ ماء الوجه، او لحسابات خاصة.
خامسا: وحدت احداث الاقصى الشارع الفلسطيني برمته، في حين حاولت القيادة السياسية استثمار الحدث لتوجيه رسائل سياسية خاصة.
سادسا رفض الشعب الفلسطيني، رغم اهمية البعد العقائدي للاقصى، اعطاء الصراع بعده الديني، فتجلت صورة المسيحي والمسلم كتفا الى كتف في الدفاع عن المقدسات الاسلامية، لتأكيد البعد الوطني للصراع.
سابعا: اغتراب القضية الفلسطينية، عن بعدها العربي القومي والاسلامي، فلم نشاهد جهدا مشتركا، رغم الاجتماع المتاخر لوزراء الخارجية العرب.
الاستخلاصات من كل ما تقدم، ان الوضع الفلسطيني، يعيش ازمة خانقة، وهي انعكاس لـ: اولا سياسة السلطة الرسمية المكبلة نفسها بالتزامات دولية، ورغم اعلان وقف التنسيق، الا ان ذلك لم يكن مبدئيا واستراتيجيا، بل ظرفيا مشروطا بعودة الوضع الى ما قبل14/7. ثانيا حالة الانقسام التي يعيشها الوضع الفسطيني، والتي كان من المفترض حسب الفهم والمنطق السياسي ان توحد الصفوف، وان تترفع الهيئات والقوى عن مصالحها الخاصة لحساب مصلحة الوطن، لكن شاهدنا اشتراطات طرفي الانقسام.
لذا، يجب تشكيل قيادة موحدة تستوعب كل الطيف الفلسطيني، وتشكيل خلية ازمة منها تتابع ميدانيا البرنامج الكفاحي المفترض من هذه الهيئة اقراره، كسبيل حتمي لمواجهة سياسة الاحتلال، وحماية الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية والعقائدية. وهذا كفيل بالغاء حد الانقسام، وفتح مجال واسع لاستعادة الوحدة الوطنية. لان البعض وجد في احداث الاقصى، منصة لتصويب سهامه نحو الاخر، ووضع سياسة العصا والجزرة، لاسقاط تفاهمات جرت بين اقطاب فلسطينية، اخافت اقطاب اخرى، رغم ان التفاهمات خطوة يؤسس عليها لتوسيع مروحتها بما يشمل الكل الفلسطيني.
وجدت القيادة الرسمية نفسها يتيمة وظهرها للحائط، لا حليف لها، حتى من اقرب الجلفاء لها واقص الامريكان والاحتلال اللذان تجاهلا السلطة، ولم يقما باي تنسيق معها، او تقديم مبادرة يشركانها بها، كمان ان البعض العربي فتح خطوطا مع الاحتلال بعيدا عن التنسيق مع القيادة الفلسطينية الرسمية.
من هنا جاءت ردة الفعل قوية، على طريقة علي وعلى اعدائي، فكان وقف التنسيق الامني هو رد فعل على هذا التجاهل، وهنا على القيادة ان تستخلص انه لا يحك جلدها غير اظافرها، وان تعود لحركة الشعب الفلسطيني، وان تعيد ترتيب البيت الفلسطيني وفق مصلحة الوطن وليس المصالح الضيقة، وهذا الاستخلاص الاخير ينطبق على معظم القوى.

احسان الجمل
[email protected]