نشر بتاريخ: 03/08/2017 ( آخر تحديث: 03/08/2017 الساعة: 11:28 )
الكاتب: جميل حامد
لا أعرف إن كنّا سنحزن أم سنفرح لأسر الجندي الإسرائيلي "هدار جولدن"، الذي أخذ من الاعلام والدعاية الإعلامية، وما زال آلاف أضعاف ما أخذته الحرب الأخيرة التي كلفتنا تدمير غزة واستشهاد (2139) شهيدًا، بينهم (579) طفلا، و(263) امرأة، و(102) مُسنّا، في حرب استمرت (51) يومًا، وخلفت أكثر من (11) ألف جريح، وألحقت خسائرَ تجاوزت (3 مليارات) دولار، عدا عن استمرار الحصار وإغلاق المعابر، وخاصة معبر رفح؛ التنفّس الوحيد لأهلنا في القطاع.
نعم، قد نكون احتفلنا بالنصر، بأن قياداتنا خرجت سالمة "والحمد لله"، ولم يمسّها أي ضرر أو أذى، بينما الحصار على غزة استمر ولم يتوقف حتى اللحظة، وأنّ الانقسام بين أبناء الشعب الواحد ما زال يسرد فصوله المرعبة البائسة، لكننا قطعًا لم ننسَ مئات الشهداء الذين قضَوْا، والدليل أنني أستشهد بهم في مقالي هذا، ومثلي المئات والآلاف من المهتمّين، كما أستشهد بالقدرة الخلاقة لحركتَيْ فتح وحماس، على محافظتهم على هذا الانقسام الذي لا يقلّ بطشًا ودمارًا، عن الفوضى الخلاقة التي أسّست لها كونداليزا رايس في حرب تموز 2006 ..!
ما دفعني للكتابة بهذا الاتجاه، والحكّ على جَرَب المرحلة التي أوْدت بنا ما بين شهيدٍ وطريدٍ من جهة، أو مُطَبّعٍ فريدٍ ومُستثمرٍ عتيدٍ على الجهة الأخرى، وأننا ذهبنا الى القدس منقسمين على أنفسنا، تجرّنا أذيال الخيبة، لولا إرادة وعزيمة أبناء القدس الذين لم تخدعهم رايات حزب التحرير، وغيره التي ارتفعت في لحظات النصر، في الوقت الذي ارتفع به العلم الفلسطيني، على مدى أسبوعين من الكفاح والصمود في القدس وباقي أرجاء مدن وقرى ومخيّمات الضفة الغربيّة..
وما دمنا نتحدث عن الانقسام والتطبيع، يجب أن نسأل كافة الدول العربية والسلطة الفلسطينية عن القدس والأقصى، طبعًا بما فيها حماس التي تعيش على أكتاف أوسلو، شأنها شأن حكومة الوفاق التي يديرها د.رامي الحمدلله، وباقي فصائل ومكونات منظمة التحرير، وشأنها شأن المجلس التشريعي الفلسطيني، الذي اذا ما ذهبنا الى خبراء السياسة والقانون الجنائي، سنجدهم يقرون بأن هذا المجلس هو أداة الجريمة التي أشبعت الشعب الفلسطيني تقسيمًا ودمارا، وما زال وما زالوا يمعنون في "استفقاعهم" للناس ..!
نعم أنا مع تجميد هذا المجلس والعمل على حله بأسرع وقت ممكن، وتسريح كافة أعضائه وإعادتهم الى بيوتهم، ومطالبتهم بكافة الأموال التي دخلت جيوبهم، على مدار أحد عشر عاما من المال العام دون وجه حق!!
أنا مع العودة الى القدس كعاصمة سياسية لفلسطين أولا، ثم أولا ثم عاشرا، فالمكانة الدينية للقدس حاضرة لكل الأديان، إن تدخل آل سعود أم لم يتدخلوا، لكن إذا ما عدنا الى الزمن الجميل قبل تشكيل السلطة وظهور حماس، كانت القدس عنوانًا لفلسطين سياسيّا ودينيّا، ونضالا جماهيريّا وكفاحيّا وإعلاميّا، وثقافيّا وإبداعيّا، وكانت "ولّادة" المناضلين والكوادر والنشطاء من القدس ومن كافة أرجاء فلسطين..
يجب أن نعترف بأننا نعرف شارع صلاح الدين والزهراء، والرشيد وباب العامود والخليل، وكل أبواب القدس وحارات القدس ومقاهيها، قبل أسر الجندي "هدار جولدن"، وقبل تأسيس وزارة الشؤون المدنية، وارتباط قضيتنا والقدس بالتصاريح والتنسيقات الأمنية والمدنية في الضفة الغربية وغزة..!؟
يجب أن نقر بتراجعنا آلاف الخطوات الى وراء وطننا، والى خارج العمق الوطني والوجداني للأسف، لتحيا هذه الوزارات ولتحيا المقاومة، وليحيا التطبيع ولتحيا ايران والسعودية وقطر والإمارات، وابن هيان ودحلان وحزب الله وعزمي بشارة، وكل أبواق الدول الناعقة باسم قضيتنا..
يجب أن نبدأ من جديد، ويجب ان نبدأ من القدس قبل أريحا وغزة، وقبل رام الله وغزة، ودون الالتفات لكل أشكال التطبيع العربي المُخزي، فمن هنا بدأنا، ومن القدس ستنتصر إرادة الوطن وأصحابه..