الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

نحو حظر التدخلات الخارجية في العملية الأكاديمية

نشر بتاريخ: 06/08/2017 ( آخر تحديث: 06/08/2017 الساعة: 09:55 )

الكاتب: المحامي د. إيهاب عمرو
يفترض في العمل الأكاديمي أن يكون بمنأى عن أية تدخلات خارجية من جهات رسمية أو غير رسمية سواء كانت إدارية أو غير إدارية، ومرد ذلك أن الحريات الأكاديمية وإستقلالية المؤسسات الأكاديمية يجب أن تكون الضمانة الأساسية التي ترتكز عليها العملية الأكاديمية، مع ضرورة التأكيد على أن مفهوم الحريات الأكاديمية وإستقلالية المؤسسات الأكاديمية يجب أن تحكمه القوانين والأنظمة ذات العلاقة إبتداءً بالدستور أو القانون الأساسي في الدول التي لا يوجد فيها دستور كفلسطين، ومروراً بقانون التعليم العالي ساري المفعول، وإنتهاءً بالأنظمة المعمول بها داخل الحرم الجامعي. ونص القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003 في المادة (24) منه على ما يلي: 
"2. تشرف السلطة الوطنية على التعليم كله وفي جميع مراحله ومؤسساته وتعمل على رفع مستواه 3. يكفل القانون استقلالية الجامعات والمعاهد العليا ومراكز البحث العلمي، ويضمن حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والثقافي والفني، وتعمل السلطة الوطنية على تشجيعها وإعانتها".
ويلاحظ في الواقع العملي أن التدخلات الخارجية تلك في العملية الأكاديمية تزداد حدتها في دول العالم النامي بسبب غياب التطبيق الصحيح لمفهوم الحكم الرشيد. في حين أنها تقل في الدول المتحضرة في العالم الغربي، خصوصاً في دول غرب أوروبا، ومعظم الولايات الأميركية.
وتأخذ تلك التدخلات أشكالاً مختلفة منها ما هو مباشر يهدف إلى إخضاع العملية الأكاديمية برمتها أو في أجزاء كبيرة منها لمصلحة الجهة صاحبة القرار، ومنها ما هو غير مباشر بواسطة قرارات تهدف إلى التدخل في مسار العملية الأكاديمية من خلال تعيينات معينة، وكذلك من خلال بعض الأجسام الطلابية التي ينبغي أن تكون بمنأى عن أي تدخل سلبي في العملية الأكاديمية، حيث إن الدور المنوط بتلك الأجسام الطلابية -على أهميتها- ينبغي أن يكون دوراً إيجابياً يساهم في إستقرار العملية الأكاديمية ونماؤها لا العكس، كما يحدث في بعض الحالات للأسف دون إدراك لعواقب الأمور من قبل بعض تلك الأجسام الطلابية.
ويقع على عاتق إدارات الجامعات مسؤولية كبيرة من أجل الحد من إستشراء تلك التدخلات وصولاً إلى منعها كليةً بالتعاون مع المؤسسات الرسمية ذاتها، والأطر النقابية ومؤسسات المجتمع المدني من أجل الحفاظ على إستقلالية الجامعات.
ويقع على عاتق وزارة التربية والتعليم العالي واجب عدم السماح بتلك التدخلات ووأد أية محاولات من شأنها إلحاق الضرر بالعملية الأكاديمية في مهدها، من أجل تيسير السبل الكفيلة بسير العملية الأكاديمية بشكل يتسق والمعايير الدولية المرعية ذات العلاقة.
بناءً على كل ما سبق، يتعين وقف تلك التدخلات في العملية الأكاديمية وعدم السماح بأي مساس بها، ذلك أن العملية الأكاديمية يفترض أن تكون بعيدة عن أية تدخلات قد تشوبها وذلك صوناً للعملية الأكاديمية ذاتها من جهة، وحماية للمجتمع الفلسطيني ونسيجه الإجتماعي من عبث العابثين الذين يكون همهم الأول حرف البوصلة عن مسارها الصحيح ما يؤدي إلى نتائج سلبية لا تحمد عقباها من جهة أخرى. غير أن ذلك لا يمنع، ولا يجب أن يمنع، الجهات الرسمية ذات العلاقة كوزارة التعليم العالي من القيام بواجباتها ما يمكنها من الرقابة على البرامج الأكاديمية المطروحة وفقاً لأحكام قانون التعليم العالي النافذ، وكذلك ما يمكنها من الرقابة المالية والإدارية على الجامعات بواسطة ديوان الرقابة المالية والإدارية وفقاً لأحكام قانون ديوان الرقابة لعام 2004 والأنظمة ذات العلاقة.