السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

أهل القدس.. أهل العزم والنصر

نشر بتاريخ: 08/08/2017 ( آخر تحديث: 08/08/2017 الساعة: 10:41 )

الكاتب: بهاء رحال

أبدع المقدسيون في الدفاع عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وأثبتوا بأنهم أهل للرباط الذي كرمنا وإياهم به الله، في الأرض المقدسة التي بارك حولها، فكان صمودهم بمثابة الاعجاز الحقيقي الذي كسر شوكة المحتل وحكومة اليمين المتطرف التي حاولت أن تفرض شروطاً جديدة وقيوداً تضاف إلى مجموعة القيود المفروضة بقوة الاحتلال وغطرسته. ذلك الاعجاز الذي تحقق بفعل وحدة المواقف ووحدة الهدف الذي كانَ أقوى من كل المحاولات التي سعت للنيل من عزيمة المرابطين.
هزيمة مُنيَ بها الاحتلال وجنوده وأركان حربه وحكومته وفي مقدمتهم كبيرهم الفاسد نتنياهو، والأيام التي تلت الصمود والانتصار الذي تحقق تثبت أنهم يموتون غيظاً وهم يواصلون عمليات التنكيل والدَهم والاقتحام، وعمليات الاعتقال التي ما توقفت بحق المقدسيين على وجه الخصوص، رغبة من حكومة نتنياهو تغييب صورة الحقيقة التي كانت واضحة لكل العالم، شعب أعزل لا يملك إلا الدعاء في مواجهة ترسانة جيش قوي العتاد والعدة، وهذا ما كان في أزقة وحارات القدس العتيقة وعلى بوابات المسجد الأقصى، وهذا ما تحقق في وحدة وتماسك شكل صورة الفسيفساء الفلسطينية الناصعة البياض والجمال. الرجل بجانب المرأة والشاب بجانب الشيخ، والطفل إلى جانب الفتاة. فتيان وفتايات وشبان وشابات، رجال ونساء، مسيحيون ومسلمون، أبطال آمنوا فصدقوا وعدهم وصدقوا ما عاهدوا عليه. لهذا استحقوا هذا النصر الكبير الذي حاول البعض تقزيمه، وحاول البعض الاستهانة بما تم تحقيقه، وحاول البعض الطعن من الخلف، لكن المرابطون بثباتهم وقوة ايمانهم العميق تجاوزوا تلك المحاولات التي هدف بعضها إلى تشتيت وحدة المرابطين والنيل من قوتهم وقدرتهم التي تجسدت على الأرض. وهذا ما تحقق، فعل على الأرض وتماسك في المواقف، وقوة الحق التي ارتكز عليها المرابطون الذين امتلأت قلوبهم بالصبر والايمان، وملأت الدنيا عنفواناً وصلابة وقوة، فكان النصر حليفهم وجرَّ نتنياهو ووزرائه وجنوده ذيول الخيبة والهزيمة.
الدرس الذي جسده المقدسيون عنوانه الصمود والارادة والوحدة والتكامل في الهدف والمصير المشترك، وهذا درس للكل الفلسطيني، للقيادة والوزراء والفصائل والتنظيمات، ولكل شرائح المجتمع الفلسطيني، وعلى الجميع أن ينتهز الفرصة التاريخية التي بدأها المقدسيون بخطوة مهمة، فيها الوحدة والتكامل والتعاضد والتماسك، وفيها روح العمل المشترك والمواقف التي لا تراجع عنها، هذه الخطوة التي إن أمسكنا بها جيداً ستعيد للقضية الفلسطينية اعتبارها، وستعيد لها مكانتها، وستوفر سبل النجاة من الأخطار التي تحيط بها، وسط ما يعصف بالمنطقة من مخططات وتقسيمات وتدخلات خارجية، وهذا التغول الأمريكي الإسرائيلي الذي يسعى لتنفذ أجندات واسعة على مختلف الصعد، الهدف منها زيادة الفرقة ونشر المزيد من العصبيات والتطرف والاقتتال.
وثقَ المقدسيون ومن حولهم ممن جاءوا واستبسلوا للدفاع عن المسجد الأقصى الذي تعرض ولا زال يتعرض لموجات من التهويد والاقتحام، ويتعرض بشكل مستمر لاعتداءات الجنود والمستوطنين وجماعات ما يسمى بالهيكل وغيرهم من أتباع التطرف والإرهاب، أن كل ما تقوم به حكومة الاحتلال ومستوطنيها من محاولات ماهي إلا عبث مطلق، فهذا الأقصى مسجداً للمسلمين أبدياً ولن يترك لأي من أولئك الحمقى، كما أن القيامة كنيسة للمسيحيين، ومن دافع عن الحق في المسجد الأقصى سيدافع عن كنيسة القيامة، هم ذاتهم مسلمين ومسيحيين في مواجهة التطرف والارهاب الذي يمثله الاحتلال وجنوده ومستوطنيه.
في الختام، نقول: لعل الكل الفلسطيني يستلهم من تلك المواقف البطولية الشجاعة التي جسدها أهل القدس، بثباتهم وصمودهم وعزيمتهم التي لم تتراجع قيد أنملة، لنكون جديرين بمواجهة التحديات التي تنتظرنا في الحاضر والمستقبل، ونكون بمستوى التحدي في ظل الواقع المعقد، لنعيد للقضية الوطنية هيبتها وحضورها، وهذا لا يحدث إلا بمواقف شجاعة وجريئة يلتف حولها الكل الفلسطيني بعيداً عن كل أشكال التشتت والتمزق والانقسام.