الكاتب: خليل اللحام
لا نقصد بالحديث عن حق العودة كحق فردي إهمال الحديث عن المأساة الجماعية التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948، فقضية التهجير الجماعي للفلسطينيين تشكل بحقيقتها القضية المركزية في تاريخ الصراع، كذلك تكمن رمزيتها وجدانياً بالشعور الجماعي بالظلم، والدور الذي لعبه هذا الشعور في تغذية حالة الثورة على المحتل طوال عقود من المسيرة النضالية للشعب الفلسطيني، كما أن الحديث عن حق العودة كحق فردي في هذا النص له اعتبارات منهجية وتاريخية وليس إهمالا لحق العودة كحق جماعي.
فمن جهة، يشتمل القانون الدولي لحقوق الإنسان على حقوق محمية ومتصلة بشكل مباشر بحق اللاجئ الفلسطيني في العودة، مثل حق الفرد وحريته في الحركة وحقه بالتمتع بممتلكاته المكتسبة قانوناً. فجل المواثيق الدولية لحقوق الإنسان تحمي هذين الحقين، بالإضافة إلى تمتعهما بقيمة عرفية لا خلاف عليها. فقد نشأ القانون الدولي لحقوق الإنسان وتطور ضمن سياق فلسفي/سياسي/اجتماعي قائم على الفرد وحقوقه، لذلك فإن لغته وآلية تطبيق قواعده قائمة على الفردية. إن نصنا هذا يسلط الضوء على حقوقاً محمية ضمن إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان.
من جهة أخرى، عاش الشعب الفلسطيني مأساة التهجير بشكل جماعي، كذلك ناضل ويناضل الفلسطينيون من اجل عودتهم بشكل جماعي، غير أن المقترحات التي أفرزتها المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل أخذت منحاً آخر، فقبول منظمة التحرير بالتفاوض على حق عودة اللاجئين اظهر عودة اللاجئين كمسألة خلافية في الصراع مثل غيرها من المسائل، والتي يمكن تسويتها بتقديم تنازلات خاصة من الطرف الفلسطيني. هذا ما تقودنا إليه المشاريع المقترحة لتسوية قضية اللاجئين والتي صدرت بالتوازي مع جولات المفاوضات التي دارت بعد اتفاق أوسلو.
فالحلول التي تم طرحها تقترح عودة بضعة آلاف من اللاجئين في أحسن الأحوال، مسوغة ذلك بدوافع إنسانية وبحق إسرائيل في الوجود، ومسقطة قصداً ملكية اللاجئين المكتسبة قانوناً لأراضيهم التي شردوا منها وحقهم القانوني في العودة. فالحديث عن حق العودة على أساس انه حق فردي يؤكد حق كل لاجئ بالعودة بمقتضى ملكيته القانونية لأرضه وحقه في الحركة داخل بلده، مما يُبعد كل لُبس أو شك أدخلته المفاوضات والمشاريع التي وازتها بإسناد الحق في العودة إلى أي دافع آخر غير قانوني؛ كالمقترح الذي يدعو لعودة بضعة آلاف من اللاجئين لدوافع إنسانية.
بعد احتلال إسرائيل لأراضي الفلسطينيين عام 1948، اعترف عددٌ من الدول وخاصة الدول الغربية بإسرائيل ككيان سياسي، مما منحها وجوداً سياسياً وقانونياً على الصعيد الدولي. ولو اتفقنا جدلاً على أن وجود إسرائيل اليوم أصبح أمراً واقعياً بالاستناد إلى اعتراف جزء كبير من دول العالم، وبفعل احتلالها لأراضي الفلسطينيين بالقوة، فإنه من غير الممكن أن يبقى ثمن هذا الاعتراف وجود ما يزيد على 5 مليون لاجئ فلسطيني في المنفى وحرمانهم من ابسط حقوقهم الأساسية كحقهم في العودة، والذي يضمن حقهم في حرية الحركة بالدخول والخروج من أراضيهم متى أرادوا، وحقهم بالتمتع بملكيتهم القانونية لأملاكهم، وهذا ما سيحاول المقال تبيانه لاحقاً.
يعيش اللاجئون الفلسطينيون في مختلف مناطق تواجدهم اليوم ظروفاً صعبة. فعلى المستوى القانوني، ساهم إقصاء اللاجئين الفلسطينيين من نطاق تطبيق معاهدة جنيف لعام 1951 في تفاقم ظروف معيشتهم الصعبة، وترتب على ذلك أيضا استثنائهم من حماية مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، حيث اقتصرت التزامات المجتمع الدولي تجاه اللاجئين الفلسطينيين على تقديم المساعدة الإنسانية دون توفير الحماية القانونية والفيزيائية كما هو متعارف عليه في القانون الدولي للاجئين.
اللاجئ الفلسطيني واللاجئ بموجب اتفاقية 1951
يلقى تعريف اللاجئ الذي تطرحه معاهدة جنيف[1] قبولاً واسعاً لدى القانونين، فالمادة 1ـ (أ) من هذه المعاهدة تُعرف اللاجئ على انه "كل شخص يوجد [...] بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلي فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، خارج بلد جنسيته، ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يستظل بحماية ذلك البلد، أو كل شخص لا يملك جنسية ويوجد خارج بلد إقامته المعتادة السابق بنتيجة مثل تلك الأحداث ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يعود إلي ذلك البلد." نرى بأن تعريف اللاجئ بحسب معاهدة جنيف قائم بشكل أساسي على عنصري الاضطهاد، والتمييز بسب العرق، او الدين، او الجنسية/القومية، او الانتماء الاجتماعي او الرأي السياسي. ويُمثل اعتراف الدول بوضعية اللاجئ طبقاً لمعاهدة جنيف أهمية كبيرة بالنسبة للشخص اللاجئ، فمن ناحية قانونية تلتزم الدول بموجب هذه المعاهدة بضمان حقوق اللاجئ الأساسية ومعاملته معاملة مماثلة لمواطنيها في كثير من المجالات،[2] وتلتزم أيضا بضمان حقوقه الأساسية كما تقتضي بنود معاهدة جنيف والمعايير الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان.[3] كذلك، يشكل اعتراف الدول بوضعية اللاجئ ومنحه بعضاً من حقوقه المسلوبة اعترافاً ضمنياً بالمعاناة والاضطهاد الذي تعرض له بسب الاضطهاد للاسباب المذكورة، وما لذلك من آثار نفسية تدفع اللاجئ للثقة بالدولة المستضيفة واستثمار مستقبله فيها حتى عودته لبلده.
وبرغم التهجير والاضطهاد الذي تعرض له الفلسطينيون خصوصا بسبب انتمائهم الاثني والوطني/القومي والديني؛ إلا أن نصوص معاهدة جنيف تستثنيهم بشكل ضمني من تطبيق بنودها ومن التمتع بمنافع هذه الاتفاقية. فالمادة 1ـ (د) من اتفاقية جنيف ترتأي عدم انطباقها على "أشخاص يتلقون حاليا حماية أو مساعدة من أجهزة أو وكالات تابعة للأمم المتحدة غير المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين." وبالرغم من عدم ذكر اللاجئين الفلسطينيين بشكل صريح في هذه المادة، إلا انه من الواضح من تاريخ الصياغة وارتباط المادة 1ـ (د) بوثائق أخرى أن اللاجئين الفلسطينيين هم الفئة الوحيدة التي ينطبق عليها هذا النص،[4] كونهم كانوا وقت وضع النص المستفيدين من حماية لجنة التوفيق الدولية بشأن فلسطين والمساعدات التي تقدمها الأونروا. كذلك يتوافق محتوى هذه المادة مع نص المادة 7ـ (ج) من النظام الأساسي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.[5]
يعزي البعض استثناء اللاجئين الفلسطينيين من تطبيق بنود معاهدة جنيف وبنود النظام الأساسي المنظم لعمل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، إلى "تمييز ايجابي" أرادته الدول العربية آنذاك للضغط على الأمم المتحدة لتتحمل مسؤولية خاصة تجاه اللاجئين الفلسطينيين،[6] إلا أن ظروف العيش الصعبة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون اليوم في الدول المستضيفة، واستمرارية حرمانهم من الحقوق الأساسية كحقهم في العمل، والحق في السفر، وفي التملك،[7] يجعلنا نشكك في جدوى هذا "التمييز الايجابي". وفي كل الأحوال، لم يؤد إهمال الدول العربية المستضيفة للاجئين الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم الأساسية إلى تفاقم معاناتهم الانسانية والقانونية وحسب، وانما ادى كذلك إلى إعفاء الأمم المتحدة، بشكل أو بآخر، من الايفاء بمسؤوليتها بشكل كاف تجاههم إلى حين عودتهم.
ويجب الإشارة هنا الى أن استثناء اللاجئين الفلسطينيين من تطبيق بنود معاهدة جنيف يستثنيهم أيضاً من "حماية" المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، على اعتبار ان لجنة التوفيق الدولية (التي لم تعد فاعلة منذ مطلع الخمسينيات) كانت قد فوّضت آنذاك بتقدبم الحماية الدولية لهم بما في ذلك ايجاد حل نهائي لقضيتهم. يترتب على ذلك عدم التزام المفوضية السامية بمراقبة ممارسات الدول في تمكين اللاجئين من الاستفادة من حقوقهم الأساسية المضمونة بمقتضى معاهدة جنيف.
إن إقصاء اللاجئين الفلسطينيين من نطاق حماية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لا يعني إقصائهم من المساعدة الإنسانية كتلك التي تفرضها نصوص القانون الدولي الإنساني المطبق في أوقات النزاعات المسلحة، ولا يعني أيضاً إقصائهم من المساعدة الإنسانية الخاصة كتلك التي تقوم بها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا"، بحيث يحدد القرار 302 الصادر عن الجمعية العامة الهدف من إنشاء الاونروا ب "مواصلة مساعدة اللاجئين الفلسطينيين وإغاثتهم من اجل منع المجاعة والمحنة من التفشي بينهم."[8] ورغم تغيير شكل المساعدات التي تقوم بها الاونروا إلا انه من الممكن تلخيص مهمتها بتحسين الظروف المعيشية للاجئين الفلسطينيين، ومحاولة دمجهم بشكل فردي وجماعي باقتصاد البلدان المستضيفة.[9]
نخلص الى انه من الواجب التفريق هنا بين مفهومين أساسيين في القانون الدولي للاجئين: أولاً، مفهوم الحماية الدولية وما له من دلالة على حقوق اللاجئين بالمعنى الواسع، بما في ذلك كافة الحقوق الأساسية للأفراد. ثانياً، مفهوم المساعدة الدولية التي تنحصر على تقديم الخدمات الأساسية من مأكل ومشرب وغذاء وفي أفضل الأحوال التعليم الأساسي. ومن الممكن الاستنتاج أن استثناء اللاجئين الفلسطينيين من تطبيق بنود معاهدة جنيف يستثنيهم بالتالي من الحماية الدولية، وما يترتب على ذلك من حرمان من حقوقهم الأساسية، هذا رغم أنهم ما زالوا مستفيدين نظرياً من مساعدة إنسانية تقدمها الاونروا.
إن استثناء اللاجئ الفلسطيني من الحماية الدولية، يبعث في الحقيقة على حرمان اللاجئين الفلسطينيين من الحقوق الأساسية التي تضمنها نصوص القانون الدولي لحقوق الإنسان للأفراد. وبالرغم من تفاوت شدة حرمان اللاجئين من هذه الحقوق الأساسية بحسب مناطق تواجدهم في الوطن وفي الشتات، إلا أن حرمانهم من حقهم في العودة إلى ديارهم في فلسطين المحتلة، والتمتع بممتلكاتهم المسلوبة، يشكلان القاسم المشترك بين كل اللاجئين الفلسطينيين في مختلف مناطق تواجدهم على حد سواء.
حق العودة في الحل السياسي: العودة حق وليست هبة لدوافع إنسانية
يعتبر قرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بمثابة الإطار الدولي الأساسي الذي يقرّ بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم، إذ تنص الفقرة 11 من قرار 194 على "حق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم في أسرع وقت ممكن وبالعيش في سلام مع جيرانهم." وعلى "حق اللاجئين الذي لا يرغبون بالعودة بالحصول على تعويضات عن أملاكهم المسلوبة." وبالرغم من أهمية هذا القرار إلا انه يضع قيوداً على حق عودة مطلق، هذا بالإضافة إلى أن المشاريع المقترحة لعودة اللاجئين كانت في الواقع بعيدة كل البعد عن لغة ونص هذا القرار.
ويعتبر رشيد الخالدي:
"إن منظمة التحرير الفلسطينية بقبولها الصريح لعبارات القرار 194 لسنة 1948 قد قبلت قيوداً حاسمة معينة على حق عودة مطلق مفترض. أولها هو أن الفلسطينيين الذين اكرهوا على اللجوء في سنة 1948 مطروح عليها خيار مؤداه أن الذين ((يختارون عدم العودة)) يصبحون مؤهلين لنيل تعويضات عن أملاكهم ... وقبول نشأة إسرائيل كأمر واقع في سنة 1948 على حساب الفلسطينيين أصبح الآن في الواقع مشرعنا من قبل منظمة التحرير الفلسطينية ... والطلب المستحيل سياسيا والقائل بأن يسمح بعودة جميع الفلسطينيين الذين اكرهوا على اللجوء في سنة 1948، قد اسقط، من دون إسقاط مبدأ أن لمثل هؤلاء حقوقا محددة في سياق تسوية متفاوض بشأنها، ومن التخلي عن قراءة التاريخ التي هي أساس هذا المبدأ. كما أن هذا يجعل طلب تنفيذ حق العودة أكثر واقعية بمقدار قليل، من دون أن تبدو منظمة التحرير مقدمة لتنازل."[10]
كما يورد جوزيف مسعد في مقال[11] عن حق العودة مثالين على المشاريع التي تم طرحها لقضية اللاجئين: مشروع دونا أرست،[12] ومشروع جامعة هارفرد بشأن تحليل النزاع الدولي وحله، والذي ناقشه مجموعة من الفلسطينيين والإسرائيليين،[13] حيث ينتقد الكاتب وصف هذه المشاريع بالواقعية باعتبار أن كل ما ترفضه إسرائيل ليس واقعياً وكل ما تقبله فهو واقعي.[14]
ويقترح مشروع أرست توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم الحالي في الضفة والدول المجاورة، مع إمكانية عودة 75,000 لاجئ إلى إسرائيل دون تحديد الجهة المسؤولة عن تهجيرهم عام 1948، مما يُعفي إسرائيل ضمناً من مسؤولية دفع التعويضات لمن لم يسمح لهم العودة.[15] ويحرص مشروع أرست على حصر المجموعة التي سيسمح بعودتها في الأشخاص الذين تم تهجيرهم من أراضيهم عام 1948 ولا يزالون على قيد الحياة، وهم الأشخاص الذين لهم ذكريات شخصية في الأماكن التي شردوا منها. إن اختيار السماح لهذه الفئة من السكان بالعودة له علاقة بحماية إسرائيل من "الخطر الديمغرافي" الذي قد يشكله السماح بعودة فلسطينيين من فئة الشباب لهم قدرة على التناسل، في حين سعى مشروع هارفارد لإيجاد تسوية قائمة على القواسم المشتركة بين المقترحات الفلسطينية والمقترحات الإسرائيلية.[16]
وبالنظر إلى الحالة التي وصلت إليها المفاوضات بين ممثلي الشعب الفلسطيني وإسرائيل فيما يخص اللاجئين، فإنه من الممكن الاعتقاد بانه جرى التعامل مع قضية اللاجئين بمنطق "الصفقة السياسية" التي يستخدمها الطرفان كورقة ضغط لتحسين ظروف الحل السياسي القائم على الحكم الذاتي. ومما لا شك فيه أن طبيعة المأساة الجماعية التي حدثت للشعب الفلسطيني عام 1948 تستدعى بالضرورة إيجاد حل جماعي للعودة، لكن المقترحات التي تم طرحها تنم عن محاولة إيجاد حل رمزي أكثر منه حل واقعي يأخذ بالحسبان حقوق اللاجئين المكتسبة قانوناً. فمشروع أرست على سبيل المثال يسند عودة بضعة آلاف من اللاجئين إلى "دوافع إنسانية" وليس إلى حقهم القانوني في ملكية أرضهم.[17]
إن الحل الواقعي من وجهة النظر القانونية هو عودة اللاجئين إلى ديارهم باعتبارهم المالكين القانونيين لها، حتى لو كانت أراضيهم خاضعة حالياً للسيادة الإسرائيلية. وتختلف هذه النظرة الواقعية عن الواقعية التي تقصدها أرست ونخبة جامعة هارفارد؛ وهي النظرة المصطنعة والمجتزئة للصراع. سنحاول تبيان الطرح القانوني فيما يلي بالاستناد إلى حقوق الفرد الأساسية في القانون الدولي، والذي يفند محاولة اقتراح حلول للعودة بالاستناد إلى دوافع إنسانية، لكن وجب الحديث قبلاً عن سيادة إسرائيل حالياً على الأراضي التي تحتلها منذ عام 1948 ومحاولة شرعنه الطبيعة الاستعمارية لاسرائيل بمقتضى القانون الإسرائيلي.
إقصاء الفلسطينيين وشرعنه الاستعمار الاسرائيلي
في عام 1950 تبنى الكنيست الإسرائيلي قانونه المعروف باسم "أملاك الغائبين"،[18] والذي يعتبر ان الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم من ديارهم "غائبين"،[19] ويمنح سلطة إدارة أملاكهم لصالح وزير المالية الإسرائيلي.[20] بحسب المادة 1ـ (ب) من هذا القانون فان كلمة "غائب" تعني أي شخص قد توقف عن الوجود خلال الفترة الواقعة ما بين 29 نوفمبر 1947 وتاريخ نشر هذا القانون ( 1950)، وكان مالكاً قانونياً لأي أملاك واقعة في إسرائيل أو متمتعا بها، أو ذو حق شخصي أو عيني في أي وقت خلال هذه الفترة، أو كان ذو جنسية فلسطينية وترك مكان إقامته المعتاد في فلسطين.[21]
قد تدل كلمة غائب في اللغة اليومية عن عدم ذهاب شخص ما إلى عمله أو إلى مكان دراسته، أو قد تستخدم قانوناً للدلالة عن غياب عن موعد إداري أو قضائي، لكن أن تستخدم هذه الكلمة للتعبير عن غياب مئات الآلاف من الفلسطينيين عن أملاكهم وديارهم، فهذا يبعث على الاستغراب والسخرية من جهة، وعلى الطغيان من جهة أخرى. فلم تكتف اسرائيل بالتهجير الفعلي للفلسطينيين والعرب من أراضيهم في فلسطين المحتلة، بل حاولت إقصائهم قانونياً ووجودياً بوصفهم "غائبين". إن اغتراب المحتل عن المكان والزمان جعله يحاول جاهداً إعطاء الشرعية لوجوده باسم القانون، حيث دأبت المؤسسات الرسمية الإسرائيلية حديثة النشأة على سن القوانين التي تشمل مصطلحات قانونية مألوفة، أو بإدراج بعض الشكليات التي تعمل بها اغلب النظم القانونية الحديثة، كذلك جسدت أولى القوانين التي سنها الكنيست بمضمونها نظرية الصهيونية العنصرية بنسخة الدولة، إذ شكل استثناء السكان العرب في قانون "أملاك الغائبين" وقانون "العودة والجنسية" أولى بذور نظام الأبارتهايد الذي ما زال قائماً حتى يومنا هذا.
لقد ترتب على احتلال أراضي الفلسطينيين في عام 1948 نتيجتين قانونيتين: فمن جهة، تم إحلال قوة جديدة تسيطر إدارياً وسياسياً على فلسطين ترتب عليها إقامة دولة إسرائيل، والتي فرضت سيطرتها على الأراضي التي احتلتها عام 1948. ومن جهة أخرى، تم إلغاء حق ما يقارب 075 ألف فلسطيني من التمتع بالجنسية الفلسطينية، وما ترتب عن ذلك من حرمانهم من حقوقهم الأساسية، خاصة حقهم في ملكيتهم لأموالهم، وحقهم في الإقامة، وحريتهم في الحركة في الدخول والخروج من والى بلدهم وممتلكاتهم.
وفي الوقت الذي تجد فيه إسرائيل اليوم شرعيتها القانونية باعتراف 157 دولة صراحة بها كدولة ذات سيادة على حدود الأراض التي احتلتها عام 1948، فإن حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية ومنها حقهم في العودة لا يجد الاعتراف الصريح من قبل هذه الدول رغم مخالفته الفجة لقواعد القانون الدولي. فحق العودة يتصل بمضمونه بحق الأشخاص في حرية الحركة في الدخول والخروج إلى أراضيهم، وحقهم بالتمتع بملكيتهم القانونية لأموالهم، كذلك تضمن جل اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية بشكل صريح احترام هذه الحقوق وعدم جواز الاعتداء عليها، كذلك يتمتع هذان الحقّان بقيمة عرفية لا خلاف عليها بمقتضى قواعد القانون الدولي العرفية.
ويعبر قانون "أملاك الغائبين" عن السياسة الاسرائيلية المتبعة منذ البداية في استخدام القانون كأداة لشرعنه وجودها ونفي الوجود الفلسطيني، غير أن هذا لا ينفي عدم مشروعية القوانين الإسرائيلية ذاتها وفقاً للقانون الدولي. فمن القواعد الراسخة دولياً انه من غير الممكن الاعتداد بالقانون الداخلي للدول لتبرير مخالفاتها لقواعد القانون الدولي، حيث قامت لجنة القانون الدولي بتدوين هذه القاعدة العرفية بموجب المادة 32[22] من نصها عن مسؤولية الدول لعام 2001.[23] وعليه، فإن قانون "أملاك الغائبين" الذي سنّه الكنيست مخالف بذاته لقواعد القانون الدولي.
وإذا كانت السيادة الإسرائيلية معترفاً بها على الأرض المحتلة عام 1948 بحكم التواطؤ والصمت الدوليين إزاء الجريمة التي حلت بالشعب الفلسطيني، فإن ذلك لا يُنقص من الحق القانوني للفلسطينيين كأفراد بملكيتهم لبيوتهم وبحريتهم بالدخول والخروج والإقامة في ديارهم حتى بعد مرور عقود على وقوع هذه الجريمة. فمن المتعارف عليه بموجب قانون المسؤولية الدولية عند تعاقب الدول (اي تغيير السيادة على اقليم معين) ان مسؤولية الدولة الناشئة لا تسقط حيال الحقوق المعترف بها للسكان الاصليين. وعليه، لا ينقص مرور هذه العقود الطويلة على تغير السيادة على اراضي عام 1948 من ملكية الفلسطينيين القانونية لأرضهم وحقهم القانوني في الدخول والخروج منها واليها بحرية.
استمرار حرمان الفلسطيني من العودة جريمة مستمرة
يُعتبر مبدأ استمرارية المسؤولية من المبادئ الراسخة في القانون الدولي، فمسؤولية إسرائيل تجاه الفلسطينيين كشعب وكأفراد لم تنته بتهجيرهم من بيوتهم وأراضيهم، بل تمتد إلى حرمان الفلسطينيين من حقهم في الإقامة في ديارهم، وحريتهم في الدخول وفي الخروج منها واليها منذ لحظة تغير السيادة حتى يومنا هذا.
ولقد تم التأكيد على هذا المبدأ من طرف محكمة العدل الدولية في أكثر من مناسبة،[24] كذلك قامت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة بتأكيد هذا المبدأ بمقتضى المادة 14 من نصها المتعلق بمسؤولية الدول لعام 2001، إذ تحدد المادة 14ـ (2) من نص لجنة القانون الدولي المتعلق بمسؤولية الدول على أن مسؤولية خرق الالتزامات الدولية تبقى قائمة طوال المدة التي تستغرقها هذه الخروقات،[25] وتورد اللجنة عددا من الأمثلة على هذه الخروقات مثل إبقاء سريان بعض النصوص القانونية الداخلية والمخالفة بذاتها لقواعد القانون الدولي، والاحتلال غير الشرعي للأراضي.[26]
ورغم الاعرتاف الدولي بتغيير السيادة على اراضي 1948، تشكل استمرارية تنكر اسرائيل لحقوق السكان الاصليين خرقاً لعدد من حقوق الأفراد المحميين والتي تتصل بمضمونها بحق العودة، فالمادة 13ـ (2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تحدد أن " لكلِّ فرد حقٌّ في مغادرة أيِّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده"، وتحدد المادة 17 من نفس هذا الإعلان انه "لا يجوز تجريدُ أحدٍ من مُلكه تعسُّفًا". في الحالة الفلسطينية، دأبت العصابات الصهيونية ودولة إسرائيل لاحقاً على تجريد الإنسان الفلسطيني بشكل كامل من أرضه واعتباره "غائباً" في قوانينها الاستعمارية. فحتى لو اتفقنا جدلاً مع الدعاية الصهيونية التي تدعي هروب الفلسطيني من أرضه دون ارتكاب مجازر وترهيب بحقه، فإن هذا الادعاء لا يُنقص من حقه في العودة إلى بيته بمقتضى حريته في مغادرة بلده والعودة إليها، ولا ينقص من حقه القانوني في ملكية أرضه.
وإن كان من الصعب ملاحقة الدول لمخالفتها مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لأنه لا يتمتع بقيمة ملزمة، فلا أحد يستطيع أن يشكك في القيمة العرفية لمواد هذا الإعلان بما في ذلك المادة 13 بخصوص حرية الأفراد في المغادرة والعودة، فاغلب هذه المواد تم دمجها في كل المعاهدات الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966. وعليه، فإن إسرائيل ملزمة تعاقدياً بالسماح للفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم بحكم المادة 12 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه منذ 3 أكتوبر 1991.
وتؤكد المادة 12 من هذا النص على أن: "1) لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته. 2) لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده." وبالرغم من التحفظ الذي أخذته إسرائيل على بعض نصوص هذا العهد، إلا أن أياً من هذه التحفظات له علاقة بالمادة 12. فهل من الممكن اعتبار إسرائيل مسؤولة قانونياً عن إحداث سابقة بموجب مصادقتها على العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1991)، واستمرارها في تهجير الفلسطينيين ومصادرة أملاكهم عام 1948؟
بالرغم من أن اسرائيل قد قامت بالتوقيع على هذه المعاهدة بعد عقودٍ من تهجير الفلسطينيين، وتعتبر نفسها غير ملزمة بأحداث سابقة لتاريخ انضمامها للمعاهدات الدولية التي تضمن مبدأ عدم رجعية القوانين،[27] واقتصار مسؤولية الدول عن أحداث لاحقة لتاريخ انضمامها للمعاهدات الدولية،[28] إلا أن العرف والممارسة القانونية الدولية تحد من تغالي هذا المبدأ، حيث يمكن القول بأنه ينطبق فقط على الخروق "المنجزة" لقواعد القانون الدولي (أي الخروقات غير المستمرة) ولا ينطبق على الاعتداءات المستمرة.
وفي معرض تعليقها على المادة 14 المتعلقة بالفعل المستمر، تذكر لجنة القانون الدولي عدداً من قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان كتطبيقات عملية لمبدأ الفعل المستمر،[29] حيث قامت المحكمة بتطبيق هذا المبدأ في عدد من القضايا. ففي إحدى الدعاوى المعروفة باسم قضية لوازيدو[30]، قامت مواطنة من قبرص الشمالية المحتلة بتقديم دعوى ضد تركيا التي تحتل الجزء الشمالي من الجزيرة منذ عام 1974، حيث تطرح القضية مصادرة تركيا لأملاك عقارية تعود للسيدة لوازيدو في سياق الاحتلال التركي للجزيرة، إذ تم منعها من الدخول والخروج بحرية إلى أرضها في القسم المحتل من الجزيرة طوال سنوات طويلة.
وبالرغم من أن فعل مصادرة ارض السيدة لوازيدو قد تم في فترة سابقة لتاريخ قبول تركيا لاختصاص المحكمة الإلزامي (عام 1991)، حكمت المحكمة الأوربية باختصاصها بالنظر في هذه القضية على اعتبار أن السيدة لوازيدو هي المالك الشرعي لأرضها، وعلى اعتبار أن الاعتداء على حق السيدة لوازيدو لم ينته بمصادرة الأرض فعلياً غداة الاحتلال التركي للقسم الشمالي من الجزيرة، بل أن الاعتداء على حقها في التمتع بملكيتها القانونية لأرضها قد استمر طوال فترة حرمانها من الدخول والخروج إلى ممتلكاتها.
وقد ادعت تركيا أمام المحكمة بأن هذه المصادرة تمت بشكل قانوني بمقتضى المادة 159 من دستور جمهورية قبرص التركية، الا ان المحكمة لم تقبل بهذا الادعاء وأقرت بالاعتداء على حق السيدة لوازيدو بالتمتع في أملاكها. كما خلصت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية باباميخالوبولوس المماثلة في أحداثها للقضية السابقة إلى نفس النتيجة. [31]
نستنتج مما سبق أن اعتداء إسرائيل على حق الأفراد الفلسطينيين في التمتع بملكيتهم القانونية لأرضهم، وحقهم في حرية الحركة، ما زال مستمراً منذ النكبة حتى يومنا هذا، وتبقى إسرائيل بذلك المسؤولة عن هذه الاعتداءات بفعل استعمارها لأراضي الأفراد الفلسطينيين ومنعهم من الوصول إليها، الامر الذي يترتب عليه قانوناً إعادة هذه الأراضي لمالكيها القانونيين،[32] وتعويضهم عن الإضرار المادية والمعنوية الناتجة عن هذا الاعتداء طول فترة السيطرة غير المشروعة.[33]
----------------------
*خليل اللحام: طالب باحث في القانون الدولي
[1] اتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين لعام 1951.
[2] نذكر على سبيل المثال عددا من هذه الحقوق: حق اللاجئ في الحصول على معاملة مماثلة لمواطني الدولة المستضيفة في ما يتعلق بالمساعدات الاجتماعية، قوانين العمل، التأمين الصحي(المادة 24).. / حق اللاجئ في الحركة وحريته في اختيار أماكن سكنه داخل حدود الدولة المستضيفة (المادة 26)/ حق اللاجئ في الحصول على جنسية الدولة المستضيفة وتسهيل الإجراءات المتعلقة بذلك (المادة 34)/ حق اللاجئ في ملكية الأموال المنقولة والعقارية (المادة13)/ الحق في حماية ممتلكاته وابتكاراته الفكرية والفنية والصناعية (المادة 14)ضمن الظروف التي يتم حماية هذه الحقوق لمواطني الدولة المستضيفة/ الحق في تأسيس الجمعيات والنقابات (المادة 15).
[3] انظر المادة 5 من معاهدة جنيف والمتعلقة بحقوق اللاجئين المكتسبة بمقتضى المعاهدات الأخرى.
[4] سوزان اكرم، الفصل العاشر " اعادة تفسير حقوق اللاجئين الفلسطينيين بمقتضى القانون الدولي" في اللاجئون الفلسطينيون : حق العودة/ ادوارد سعيد...[وأخرون]، تحرير نصير عاروري، ترجمة حسن حسن، ص. 258.
[5] تحدد المادة 7ـ(ج) من النظام الأساسي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين:" لا تشمل ولاية المفوض السامي، كما عرفت في المادة 6 أعلاه، أي شخص: يواصل التمتع بحماية أو مساعدة هيئات أو وكالات أخري تابعة للأمم المتحدة،".
[6] J. Al HUSSEINI, L’UNRWA et les r fugi s : enjeux humanitaires, int r ts nationaux , in Le Droit au retour : le probl me des r fugi s palestiniens [Textes r unis et pr sent s pat F. MARDAM et E. SANBAR], p. 227.
[7] عن ظروف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مثلا انظر :
Mohamed Kamel Dora , Les r fugi s palestiniens du Liban : une g ographie de l’exile, CNRS dition, 2006.
[8] الفقرة 5 من قرار الجمعية العامة رقم 302 والصادر بتاريخ 8 ديسمبر لعام 1949.
[9] J. Al HUSSEINI, L’UNRWA et les r fugi s : enjeux humanitaires, int r ts nationaux , in Le Droit au retour : le probl me des r fugi s palestiniens [Textes r unis et pr sent s pat F. MARDAM et E. SANBAR], p. 209.
[10] Rashid I. Khalidi, Observations on the Right of Return , Journal of Palestine Studies, vol. 21, no.2 (Winter 1992), pp.35-36. URL : [http://www.palestine-studies.org/sites/default/files/jps-articles/Observations on the Right of Return.pdf]
الترجمة مأخوذة من اقتباس جوزيف مسعد لنفس النص انظر :
جوزيف مسعد، " عودة أم منفى مقيم ؟" في، اللاجئون الفلسطينيون : حق العودة/ ادوارد سعيد...[وآخرون]، تحرير نصير عاروري، ترجمة حسن حسن، ص. 179.
[11] جوزيف مسعد، المرجع السابق.
[12] Donna E. Arzt, Refuees into Citizens: Palestinians and the E nd of the Arab-Israeli Conflict (New York : Council of Foreign Relations Press, 1997).
[13] Joseph Alpher and Khalil Shikaki, The Palestinian Refugee Peoblem and the The Right of Return, ( Cambridge, MA, Harvard University, Weatherhead Center For International Affairs, 1998).
[14] جوزيف مسعد، المرجع السابق، ص. 179.
[15] نفس المرجع.
[16] نفس المرجع، ص. 181.
[17] نفس المرجع،ص. 179.
[18]ABSENTEES&
39; Property, and shall designate one of its members to be the chairman of the Council. The chairman of the Council shall be called the Custodian.(b) The Custodian may bring an action and institute any other legal proceeding against any person and be a plaintiff, defendant or otherwise a party in any legal proceeding.(c) The Custodian is entitled to be represented in any legal proceeding by the Attorney-General or his representative.(d) When the Custodian ceases to hold office, his functions, powers, rights ,and duties shall automatically pass to the Minister of Finance; when another person is appointed Custodian, the said functions, powers, rights and duties shall automatically pass to him, and so on from Custodian to Custodian.
انظر أيضا المادة 7 من هذا القانون.
[21] (b) "absentee" means - (1) a person who, at any time during the period between the 16th Kislev, 5708 (29th November, 1947) and the day on which a declaration is published, under section 9(d) of the Law and Administration Ordinance, 5708-1948(1), that the state of emergency declared by the Provisional Council of State on the 10th Iyar, 5708 (19th May, 1948)(2) has ceased to exist, was a legal owner of any property situated in the area of Israel or enjoyed or held it, whether by himself or through another, and who, at any time during the said period -(i) was a national or citizen of the Lebanon, Egypt, Syria, SaudiArabia, Trans-Jordan, Iraq or the Yemen, or (ii) was in one of these countries or in any part of Palestine outside the area of Israel, or (iii) was a Palestinian citizen and left his ordinary place of residence in Palestine
[22]" لا يجوز للدولة المسئولة أن تحتج بأحكام قانونها الداخلي كمبرر لعدم الامتثال لالتزاماتها بموجب هذا الباب المادة 32: "
يتصل مضمون هذه المادة مع مضمون المادة 27 من معاهدة فينا لتنظيم المعاهدات الدولية لعام 1969. فيما يتعلق بالتزامات الدول التعاقدية.
[23] للإطلاع على نص لجنة القانون الدولي حول مسؤولية الدول باللغة العربية انظر الرابط التالي:
URL : [http://legal.un.org/ilc/publications/yearbooks/arabic/ilc_2001_v2_p2.pdf]
[24] نذكر على سبيل المثال الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بخصوص الاحتلال الجنوب افريقي لناميبيا:
south Africa, being responsible for having created and maintained a situation which the Court has found to have been validly declared illegal, has the obligation to put an end to it. It is therefore under obligation to withdraw its administration from the Territory of Namibia. By maintaining the present illegal situation, and occupying the Territory without title, South Africa incurs international responsibilities arising from a continuing violation of an international obligation. ICJ, Legal Consequences for States of the Contitiued Presence of South Africa in Namibia, 21, june 1971, par. 118.
[25] المادة ـ الامتداد الزمني لخرق الالتزام الدولي: " [...] 2ـ يمتد خرق الدولة لالتزام دولي بفعل ذي طـابع استمراري طوال فترة استمرار الفعل وبقائه غير مطابق للالتزام الدولي".
[26] النقطة 3 من تعليق لجنة القانون الدولي على المادة 14 تعدد عددا من الأمثلة على الفعل الغير مشروع والمستمر :
"يمتد الفعل غير المشروع المستمر، في المقابل، طوال فترة استمرار الفعل وبقائه غير مطـابق للالتزام الدولي، شريطة أن يكون الالتزام الدولي واقعاً على خلال تلك الفترة وتشمل الأمثلة على الأفعال غير المشروعة المستمرة مواصلة إنفاذ أحكام تشريعية تتنافى مع الالتزامات التعاهدية للدولة التي سنت تلك الأحكام، أو الاحتجاز غير المشروع لموظف أجنبي أو الاحـتلال غـير المشروع لمباني سفارة، أو إبقاء السيطرة الاستعمارية بالقوة، أو الاحتلال غير المشروع لجزء من إقليم دولة أخـرى، أو مرابطة قوات مسلحة في أراضي دولة أخرى بدون موافقة تلك الدولة."، اللون الغامق مضاف من طرفنا وغير موجود في النص الأصلي بهذه الطريقة.
[27] مبدأ عدم رجعية القانون يُلزم الدول بأحداث لاحقة لتاريخ دخولها المعاهدات الدولية فقط، ولا يتطرق لأحداث سابقة لتاريخ الانضمام.
[28] المادة13 - وجوب أن يكون الالتزام الدولي نافذاً إزاء الدولة "لا يشكل فعل الدولة خرقاً لالتزام دولي ما لم يكن هذا الالتزام واقعاً على الدولة وقت حدوث ذلك الفعل."
[29] انظر النقطة 9 والنقطة 10 من تعليق اللجنة على المادة 14.
[30] ECHR, Loizidou v. Turkey, Application no. 15318/89, 18 December 1996.
[31] ECHR, Papamichalopoulos and Others v. Greece, Application No 14556/89, 24 June 1993.
[32] المادة 30 -الكف وعدم التكرار : "على الدولة المسؤولة عن الفعل غير المـشروع دوليـاً التزام بأن: (أ) تكف عن الفعل، إذا كان مستمراً؛ ب) تقدم التأكيدات والضمانات الملائمة بعـدم التكرار، إذا اقتضت الظروف ذلك ".
[33] المادة 36 –التعويض " ١ -على الدولة المسؤولة عن فعل غير مـشروع دوليـاً التزام بالتعويض عن الضرر الناتج عن هذا الفعل، في حال عدم إصلاح هـذا الضرر بالرد. ٢ -يشمل التعويض أي ضرر يكون قابلاً للتقييم من الناحية المالية، بما في ذلك ما فات من الكسب، بقدر ما يكـون هـذا الكسب مؤكداً."
* هذا البحث نشر في العدد 69 من جريدة حق العودة لبديل