نشر بتاريخ: 11/08/2017 ( آخر تحديث: 11/08/2017 الساعة: 20:04 )
الكاتب: د. ياسر عبد الله
مرت القضية الفلسطينية خلال العقود الماضية بأزمات وتحديات عصفت بالمنطقة، وكانت العلاقات الأردنية الفلسطينية دائما تجسد عمق الانتماء والقومية العربية الأصيلة، فقد تسلمت الأردن الوصاية على المقدسات في القدس، وكانت دائما تقف الى جانب الشعب الفلسطيني وقيادته في وجه الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني ضد القدس، وكانت دائما صمام أمان للوحدة العربية والتي جسدها رجالات القومية العربية الثلاث: جمال عبدالناصر، وصدام حسين، والحسين بن طلال -رحمهم الله جميعاً- ، فقد كانت قضيا الامة دائما تؤرقهم وتشغل حيزاً في حياتهم السياسية وحتى القمم العربية في عهدهم كان لها معنى، وكانت القضية الفلسطينية دائما تتصدر تلك القمم .
الأردن الدولة العربية الوحيدة التي منحت الفلسطينيين حق المواطنة الكامل من التملك، وجواز السفر، وحرية الحياة، كما هو بالنسبة للأردنيين أنفسهم حتى ان جزءأً من الشعب الفلسطيني والذي يعيش بالأردن يفتخر بالأردن ملكاَ وشعباً، ويعيش الفلسطينيون في الأردن مع إخوانهم من عشائر الأردن كما وأنهم اسرة واحدة تجمعهم اهداف مشتركة وطموحات كبيرة في ان تكون الأردن بلد السلم والسلام والامن والأمان ، ويبقى حوالي 140 لاجئاً فلسطينياَ من قطاع غزة يحملون جوازات سفر مؤقتة يعيشون في الأردن طموحهم ان يكون لهم ما هو للفلسطينيين اللاجئين من الضفة الغربية " ممن يحملون ارقاما وطنية وحقا في المواطنة الكاملة " ويبقى ذلك حتى تحرير فلسطين كاملة وعودة من يرغب منهم الى ارض الوطن فالكثير من الفلسطينيون في الأردن حتى لو تم تخيرهم بالعودة او البقاء في الأردن حتماً سوف يختاروا البقاء لان انتماءهم الى وطنهم الأردن تجذر في اعماقهم.
وقد مرت القضية في مراحل حرجة وكانت الأردن دائماً مع القيادة والشعب الفلسطيني واخرها قضية وضع البوابات الالكترونية على أبواب الأقصى، والتي زالت بصمود أبناء القدس، ولكن وحتى يحفظ التاريخ حق كل من وقف الى جانب القدس، فقد كان للأردن ملكاً وشعباً الموقف العربي والإسلامي الأصيل الذي كان له الدور المحوري في اقتلاع البوابات الصهيونية على أبواب المسجد الأقصى، وكانت الحكومة الأردنية متابعةً الموقف لحظة بلحظة، وكانت التحركات الدبلوماسية والأمنية في غرفة عمليات على مدار ال 24 ساعة الى ان هزمت الاحتلال، فقد كان وحدة عربية اردنية فلسطينية يفتخر بها، وقد يحاول البعض دق مسامير الفتنة والتقليل من الدور الأردني في الامة. الا ان الواقع هو ان الأردن وفلسطين بمثابة رئتين الامة العربية في مواقفهم الوحدوية والقومية الاصيلة.
وبدأت قيادة الكيان الصهيونية محاربة القيادة الفلسطينية بعد ان اوقف التنسيق الأمني بشكل كامل وبدأت التهديدات تتواصل بهدف اجبارها على التراجع والعودة الى التنسيق الأمني، الا ان الفلسطينيين أصروا على انهاء كافة اشكال الاتصال حتى عودة الأوضاع الى ما قبل العام 2000، ووقف كافة الانتهاكات اليومية ضد المواطنين في مناطق "أ"، والتي وفق اتفاق اوسلوا يحرم على قوات الاحتلال دخولها او تنفيذ مهام في تلك المناطق، وما زال الصراع قائم والضغوط قائمة حتى هذه اللحظة.
يأتي ملك الأردن لزيارة فلسطين متحدياً تلك الضغوط التي يمارسها الاحتلال ضد القيادة الفلسطينية، ومن اجل إعطاء رسالة الى العالم بأن الموقف الأردني الفلسطيني من القدس والمقدسات ثابت، وموحد، ولا تراجع عنه، فقد نشر الناطق الإعلامي للحكومة الأردنية الدكتور محمد المومني على موقع فيس بوك " إنّ "التنسيق الأردني الفلسطيني نموذج قومي يحتذى به، وهو دائم ومستمر على كافة المستويات، وهناك تطابق كامل في الرؤى والنهج والمواقف بما يخدم القضية الفلسطينية ويضمن إحقاق العدالة".
وكي يعرف كل العالم وكل المتربصون في استقرار وامن الأردن والمزاودين على مواقف الأردن القومية، والى كل أعداء القضية الفلسطينية بغض النظر عن جنسياتهم وانتماءاتهم، فإن زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الى فلسطين جاءت لتكون رسالة حاسمة بأن العلاقات الأردنية الفلسطينية لم تعد فقط علاقات بين دولتين عربيتين بل ارتقت الى اهداف قومية عربية مشتركة وفق آليات تنسيق متواصلة، ودائمة نحو تحقيق اهداف الامة العربية، وفي مقدمتها تحرير فلسطين، ورفع العلم الفلسطيني، فوق اسوار القدس، ومآذن القدس، وكنائس القدس، ويبقى حلم الامة في وحدتها، وترابطها، فالاحتلال الصهيوني أكثر ما يخيفه ويزعجه ويهدد كيانه ان نكون موحدين على المواقف القومية.