نشر بتاريخ: 19/08/2017 ( آخر تحديث: 19/08/2017 الساعة: 17:09 )
الكاتب: د.مصطفى البرغوثي
خلال أسبوع واحد صعدت قوات الاحتلال جرائمها واعتداءاتها، من بلدة إلى أخرى .
فمنذ أحداث المسجد الأقصى تتعرض بلدة كوبر الى هجمات متتالية من قوات الاحتلال التي قامت بتجريف شوارع القرية ونصب السدود الحجرية والترابية لمحاصرة القرية ومنع أهلها من الخروج والدخول، ومع فجركل يوم يقوم أهل القرية بكل بسالة بإزالة الحواجز وفتح الطريق، ويسطرون ملحمة تضامن وتكاتف مع المتضررين من الإعتداءات، مفشلين أهداف الاحتلال.
أما دير أبو مشعل وسلواد فتعرضتا لعمليات هدم لبيوت شهداء وأسرى،وشهدتا إشتباكات مع قوات الاحتلال. واصطدم أهالي بيت ريما ببسالة مع جيش الاحتلال الذي إقتحم البلدة، فأصاب سبعة شبان بجراح بالرصاص الحي وفشل في حملته الإعتقالية .
وفي نفس الأسبوع تعرض مخيم نور شمس ومخيم الدهيشة ومخيم قلنديا ومخيم شعفاط والعيزرية وكفر عقب ومدن الخليل وطولكرم وجنين وبلدات دير استيا وفرعون لحملات الدهم والاعتقال الإسرائيلية .
وتصدى أهالي الولجة لجرافات الاحتلال ومنعوها من تنفيذ عمليات هدم في قريتهم .
وفي سلوان قام مستوطن مجرم بدهس أربعة أطفال وفر دون أن تتعرض له قوات الاحتلال.
أما قرى شمال غرب القدس العشرة فتتعرض لإغلاق متكرر بالحواجز العسكرية يعطل كل مناحي حياتها.
ولا يمر يوم دون أن تعتقل قوات الاحتلال ما لا يقل عن عشرين أسيرا جديدا.
أما حي الشيخ جراح المقدسي فيشهد نشاطا استعماريا يسعى لتهويده بالكامل، وتتعرض عائلة شماسنة لخطر الترحيل على يد جمعيات استيطانية بحماية نظام القضاء الاسرائيلي.
وفي النقب تتصاعد أعمال الهدم والتجريف من أم الحيران الى قرية العراقيب التي هٌدمت أكثر من مئة وست عشر مرة .
هذه الأحداث تمثل نموذجا لما يجري أسبوعيا في فلسطين، ومن المحظور التعود على هذه الأحداث دون فهم مغزاها.
فما يجري هو حرب متواصلة تشنها قوات الإحتلال ليس بهدف الحفاظ على الإحتلال فقط ، بل ولتعميق نظام الأبارتهايد العنصري الذي أنشأته والذي يطال كل الفلسطينيين بغض النظر عن أماكن إقامتهم .
وهذه الإعتداءات تستنفر المقاومة الشعبية في كل مكان.
لا ينفك الدبلوماسيون والصحفيون الأجانب عن تكرار السؤال، هل نحن على أبواب إنتفاضة ثالثة؟ وجوابي لهم ، أننا لسنا على أبوابها بل نعيشها أو نعيش بداياتها. فانتصار المسجد الأقصى أظهر قوة المقاومة الشعبية الموحدة، كما أكد أن حكومة نتنياهو لا تفهم الا لغة القوة .
ومع كل اعتقال جديد، وكل هدم جديد، وكل جريح جديد، وكل توسع إستيطاني لئيم جديد، تغذي هذه الحكومة قناعة الفلسطينيين بعبثية المراهنة على ما يسمى" بعملية السلام" أو انتظار المعونة من الآخرين .
و تتعززقناعتهم بمبادىء الإنتفاضة الشعبية الأولى: الإعتماد على النفس، وتنظيم النفس، وتحدي اجراءات الاحتلال.
ومن غير المستغرب، و ان كان يثير السخرية، أن كل أجهزة الأمن والإستخبارات ومراكز الأبحاث الإسرائيلية ، لم تستطع أن تقتنع، أو تقنع حكام اسرائيل بالتعلم من دروس و تجارب الأنظمة الإستعمارية الأخرى ، بأن القمع والاضطهاد والتمييز العنصري لا يزيد الشعوب المضطهدة الا عنادا واصرارا على الثورة من أجل حقوقها .
إن التاريخ لا يكرر نفسه بنفس الصورة ، ولا بنفس التفاصيل، فلكل مرحلة خصائصها وميزاتها.
ولن تكون الانتفاضة الشعبية الثالثة، إن جاز التعبير، مطابقة لأخواتها.
ولعل النضال الوطني الفلسطيني في هذه المرحلة قد إكتسب ،ويواصل إكتساب، سمات النضال ضد الأبارتهايد والتمييز العنصري كما يرتدي بصورة متعاظمة طابع المقاومة الشعبية السلمية في معظم الأوقات.
وذلك ما يجعله أشد تأثيرا وقدرة كما رأينا في تجربة القدس والمسجد الأقصى.
وذلك ما سيحقق اختراقا لوسائل الإعلام الدولية المنحازة للرواية الاسرائيلية بتقديم صورة اسرائيل كما هي ، إحتلال شرس مدجج بالسلاح يقمع شعبا مناضلا أعزل ولكنه صلب و مثابرفي دفاعه عن حقوقه ، ومنظومة أبارتهايد عنصرية تشعر كل من يدافع عنها بالخجل والعار، كونها تمارس في القرن الواحد والعشرين.
ونحن نذكر التأثير المدمر لسمعة اسرائيل الذي سببه شريط قصير يظهر الجنود الإسرائيليين وهم يكسرون عظام شبان فلسطينيين عزل .
ولعل في كل ما يجري رسالة من الشعب للقادة المتنازعين على سلطة تعيش بكاملها تحت الاحتلال والحصار الكامل بأن الأولوية الآن ،وبغض النظر عن كل ما جرى في الماضي، للوحدة الوطنية في مواجهة احتلال آن أوان زواله.