نشر بتاريخ: 19/08/2017 ( آخر تحديث: 19/08/2017 الساعة: 17:13 )
الكاتب: د. وليد القططي
قبل ما يُقرب من ثلاثة سنين في لقاء- كنت أحد حضوره- مع مجموعة من قيادات حركة حماس البارزة تم فيه مناقشة بعض القضايا العامة في البلد، قمت بالتطرق فيه إلى خطب الجمعة منتقداً المسؤولين عن وزارة الأوقاف في قطاع غزة لسماحهم للكثير من خطباء الفكر التكفيري باعتلاء المنابر نافثين سمومهم في عقول المصلين، كما انتقدت السماح لأصحاب الفكر التكفيري بإنشاء الجمعيات الخيرية والمؤسسات التعليمية التي تحمل أسماء رموز الفكر التكفيري الإرهابي مشكلين بذلك البُنية التحتية والقاعدة الأساسية التي تخرّج الإرهابيين القتلة، الذين كانت أولى بواكيرهم في تفجير رفح الإجرامي الذي يُعتبر الحلقة الأخيرة من سلسلة الدم التي تبدأ من خطبة الجمعة والمؤسسات التعليمية التكفيرية.
ولقد جرّدت قلمي لكتابة العشرات من المقالات التي تناقش هذه الظاهرة وتدحض الفكر التكفيري وتهاجم أطروحاتهم المنحرفة رغم أن البعض نصحني بالابتعاد عن هذا الملف طلباً للسلامة وبُعداً عن وجع الرأس، إلا أنني اعتبرتها قضية لا تقل أهمية عن قضايا الاحتلال والانقسام والاستبداد والفقر... التي اكتب فيها، وفي هذا المقال من المفيد إعادة نشر بعض المقتطفات اقتبستها كما هي من بعض المقالات المنشورة في الأربع سنوات الماضية في قضية الفكر التكفيري.
في يناير 2014 في مقال بعنوان (عندما تنحرف البوصلة عن القدس وفلسطين) حذرت من ظاهرة خروج الشباب من فلسطين للقتال خارجها "وهذه الدعوات للجهاد في أماكن أخرى غير فلسطين تندرج ضمن مخطط أعداء الأمة للحفاظ على أمن الكيان الصهيوني وصرف أنظار الأمة عن عدوها المركزي وحلفائه ليتحوّل الصراع بين الأمة وأعدائها إلى صراع داخل الأمة الواحدة والدولة الواحدة والمجتمع الواحد؛لتندلع حروباً أهلية: دينية ومذهبية وعرقية وقومية وغيرها".
وفي مايو 2015 في مقال بعنوان (أنت القاتل يا شيخ) حذرت من دور علماء التكفير والفتنة في التحريض على القتل "... فمن ينفذ عمليات القتل على الخلفية المذهبية أو الفكرية أو السياسية أو الحزبية يُعتبر هو الحلقة الأخيرة في مسلسل طويل تبدأ أولى حلقاته بهذه الفتاوى التكفيرية التي تُبيح دم وعرض ومال من يتم تكفيره، والمنبثقة بدورها من أرضية عقائدية وخلفية فكرية تُنظّر لهذه العقيدة المتعصبة ولهذا الفكر المتطرف وتعطي الشرعية لعمليات القتل وغيرها من الجرائم بل وتشجعها، فيصبح الدين دافعاً للقتل والجريمة بدلاً من أن يكون مانعاً للقتل والجريمة".
وفي يونيو 2015 ف مقال بعنوان (سلاح الفتنة وسلاح المقاومة.. ليسا سواء) حذّرت من التهاون في ترك جماعات (السلفية الجهادية) من التسلّح لأن أولوياتهم ليست مقاومة العدو الصهيوني "... إن هذا العبث الذي يقوم به بعض الصبيان المُغرر بهم، الذي يطلقون الصواريخ من حينٍ لآخر لأسباب ليست لها علاقة بالمقاومة أو تحرير فلسطين، يملكون في أيديهم سلاحاً لا ينتمي للمقاومة والجهاد، بل هو سلاح الفتنة والشقاق، هذا السلاح موّجه لكل الاتجاهات ما عدا فلسطين، وتلك البندقية المصوّبة إلى كل الصدور ما عدا الكيان الصهيوني...".
وفي يوليو 2015 في مقال بعنوان (تفجيرات غزة.. إما أن ننهض جميعاً أو نُقتل فُرادى) في أعقاب تفجيرات سيارات المقاومين من كتائب القسام وسرايا القدس حذرت من خطر المخطط الذي يقف خلف تلك التفجيرات "إن الخطر الذي يُمثّله هذا الفكر وتجلياته التكفيرية المتطرفة على أرض الواقع... يقع في إطار فتنة مُخطط لها لإيقاع قطاع غزة بشعبه ومقاومته في أتون حرب أهلية وفتنة داخلية تكون نسخة أخرى لما يحدث في بلدان عربية مجاورة... والتصدي لهذا الخطر لا يتم بالمعالجة الأمنية فقط رغم أهميتها الكبيرة، بل يتم بمعالجة أوسع يتحمل مسئولتها الجميع... فلا مجال للنأي بالنفس أو التخاذل أو الحياد في مواجهة هذا الخطر... ورحم الله القائل: إما أن ننهض جميعاً أو نُقتل فُرادى".
وفي أكتوبر 2015 في مقال بعنوان (تهديد داعش لإسرائيل وأولوية قتال المرتدين لا يستقيمان) توضيحاً لنشر فيديو منسوب لتنظيم داعش يهدد فيه بكسر الحدود ونحر اليهود مفنداً مضمونه "إن تهديد داعش لــ(إسرائيل) وأولوية قتلا (المرتدين) لا يستقيمان، ولا يستقيمان إلا بتغيير أولويات القتال ليكون الكيان الصهيوني هو بوصلة الجهاد الأولى وفلسطين هي قبلة المجاهدين المركزية، وقبل ذلك لا بد من تصحيح مفاهيم الكفر والردة الخاطئة المسؤولة عن سفك دماء الملايين من المسلمين وإدخال المسلمين في متاهة الفتن والصراعات".
وفي فبراير 2016 في مقال بعنوان (هزيمة الداعشية قبل هزيمة داعش) حذرت من نمط التفكير الداعشي "إن هزيمة الداعشية كنمط تفكير وفلسفة تاريخية ونظرية حكم يتطلب جهداً فكرياً يقوم به العلماء والمفكرون والكُتّاب وغيرهم لدحض هذه الأفكار وتفنيدها وإزالتها من العقول ونشر الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل، والتركيز على قيم التسامح والرحمة وتقبّل التعددية وقبول الآخر المختلف وغيرها من القيم الإسلامية الحضارية التي بها ساد المسلمون العالم، كما أن هزيمة الداعشية يتطلب إزالة مسبباتها من استبداد الأنظمة الحاكمة وفسادها وإرهابها ضد شعوبها".
وفي يوليو 2016 في مقال بعنوان (هل شرب الدواعش من خلاصة الشر؟) جاء فيه " وربما كانت خلطة خُلاصة الشر التي أعدها الشيطان خصيصاً لهم وأتت أُكلها إرهاباً وقتلاً وتدميراً وإفساداً في البر والبحر قد أُخذ بعضها.. وربما كلها. من خُلاصة الشر التي شرب منها الصهاينة، فالتقت القراءة الخاطئة لعقيدة الفرقة الناجية مع عقيدة شعب الله المختار لينتجا معاً أصل العنصرية ومنبع الكراهية وأم الفواحش ممثلة في تقديس الذات الفردية والجمعية وتشرّبها لصفات العُجب والكِبر والغطرسة والغرور واحتقار الآخر - الكفار أو الغوييم – ونزع الصفة الإنسانية عنه أو جعله في مرتبة أدنى من البشر لتبرير قتله واستباحة دمه وعرضه وماله".
وآخر ما كتبته في هذا الموضوع كان الشهر الماضي يوليو 2017 بعنوان (في عقلنا داعش) منادياً للتخلّص من الثقافة التكفيرية "... لإخراج داعش – كمنهج تفكير وثقافة – من عقولنا وليس فقط من واقعنا لا بد من بذل جهد كبير في مختلف المجالات منها إخراجها من تراثنا الثقافي خاصة الديني والسياسي وإخراجها من مناهجها التعليمية والتربوية خاصة في المدارس والمساجد، وإخراجها من عقولنا وقلوبنا ... وإخراج المجتمع من رواسب الثقافة الداعشية".