نشر بتاريخ: 20/08/2017 ( آخر تحديث: 20/08/2017 الساعة: 10:02 )
الكاتب: أحمد الحاج علي
لم يكن 21 آب/أغسطس 1969، مفصولاً عن تاريخ وتفاعلات اجتماعية وسياسية حصلت، شجعت الأسترالي مايكل دينس روهن على تنفيذ جريمته بإحراق المسجد الأقصى المبارك.
أولى الملاحظات أن روهن لم يكن يهودياً، بل كان صهيونياً متعصباً، وجاء في إطار تنامي نفوذ الصهيونية غير اليهودية، والصهيونية الإنجيلية بشكل خاص. هذه الصهيونية الإنجيلية وجدت، كما الصهيونية اليهودية، في هزيمة عام 1967 دفعاً معنوياً كبيراً لتوسعها، والترويج لأهدافها. خصوصاً مع وصول ليندون بينز جونسون إلى موقع الرئاسة الأميركية (1963-1969)، وهو المتحمس للكيان الصهيوني، لكن لم تثبت صهيونيته، وإن كانت صديقته والمؤثرة جداً على قراراته؛ ماتيلدا، تركت الدين الكاثوليكي، وأصبحت يهودية ومقاتلة صهيونية متحمسة، إلى أن ورث الرئاسة ريتشارد نيكسون، وهو الرئيس الأميركي الأول الذي زار "إسرائيل".
كذلك فإن حريق المسجد الأقصى، على صعيد انتشار التدين لدى اليهود، مرتبط بالزلزال العسكري نفسه، أي هزيمة الجيوش العربية عام 1967، فهذه الهزيمة شكلت نقطة تراجع للصهيونية كعقيدة سياسية مرتبطة بمصالح اليهود وبهوية عرقية طاغية على الهوية الدينية. فسرعة وسهولة الهزيمة العربية شكل منعطفاً في الكيان الصهيوني ومؤسساته الكبرى، وخصوصاً مؤسسة الجيش، وكان بداية توسع نفوذ اليهود المتدينين في المجتمع وصولاً إلى تسلّم الليكود للحكـــــــــم عام 1977.
كل ذلك دفع المتدينين اليهود إلى الشعور بأن اللحظة باتت سانحة لبناء الهيكل المزعوم، وأنهم يحظون بدعم المؤسسات الحاكمة، فانتشرت بشكل أكبر من ذي قبل الجمعياتُ الداعية لتحقيق هذا الهدف. وبعد أن كان قادة الاحتلال، الذين كان يغلب عليهم الإلحاد، يرون في "الهيكل" المزعوم مجرد رمز يُستخدم خطابياً لاستقطاب الجمهور، أصبح في نظر القادة الجدد هدفاً بحدّ ذاته، يؤمنون به، ويسعون لتحقيقه. ومن هنا جاء التعاطف المجتمعي والحكومي الصهيوني الذي قاد إلى إطلاق سراح روهن، بذريعة أنه "معتوه". وقبل ذلك قطع المياه عن الحرم الشريف ليأتي الحريق على نفائس تاريخية داخل الحرم.
لكن ورغم أن التحرك العربي والإسلامي لم يكن كبيراً، إلا أن حدثين قرأهما الاحتلال جيداً، جعلاه يتريث في استكمال مخطط هدم المسجد الأقصى. أولهما هو اندفاع الناس بطريقة جماعية لإخماد الحريق، وإبداء مشاعر قوية تجاه الحدث. وهو ما لم يتوقعه الاحتلال لظنه أن الهزيمة قبل عامين من الحريق قضت على أية مشاعر مقاومة. الحدث الثاني كان الضغط الشعبي العربي والإسلامي الذي دفع الحكومات إلى عقد أول مؤتمر إسلامي رسمي، وتأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي.
إن العدو، ورغم قوته الظاهرة، إلاّ أنه يعلم عمق المشاعر التي يكنها العرب والمسلمون للحرم القدسي الشريف. وقد أثبتت ثورة الأقصى في تموز/يوليو الماضي، أن المساس بالمسجد الأقصى لا يمكن إلا أن يفجر غضباً وثورة ستترك عظيم الأثر على الكيان الصهيوني، لذلك هو يتريث في المضي لتحقيق أهدافه.
*منسق حملة "الأقصى جرحنا الثائر"