الأحد: 09/03/2025 بتوقيت القدس الشريف

اسرائيل بين المتغيرات الاستراتيجية وجمود المواقف

نشر بتاريخ: 27/08/2017 ( آخر تحديث: 27/08/2017 الساعة: 14:27 )

الكاتب: عوني المشني

اذا ما صح ما تسرب عن الاجتماعين المهمين جدا والمفصليين جدا والذي عقد الاول بين الموفد الامريكي كوشنير والرئيس الفلسطيني محمود عباس بينما الثاني كان بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي بوتين ، اذا صح ما تسرب عن هذين الاجتماعين فان رياح المتغيرات الإستراتيجية قد بدأت تهب على المنطقة، أمريكيا أبلغت الرئيس الاسرائيلي بشكل جاد انه لا يمكن وقف الاستيطان لان ذلك يسقط حكومة نتنياهو ، وكأن حكومة نتنياهو اهم من إنهاء إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة !!!! بينما بوتين ابلغ نتنياهو بان ايران حليف استراتيجي لروسيا وان الدور الإيراني لإيران في سوريا لا اعتراض روسي عليه ، ماذا يعني ذلك ؟؟؟؟
ليس جديدا ولا مفاجئا ان تحسم أمريكيا انحيازها لإسرائيل ، الجديد ان الذين يتوهمون بامكانية ان تكون أمريكيا وسيطا لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي قد سقطت أوهامهم وبدون اي شكوك واصبحوا وجها لوجه امام الحقيقة هذه التي تهربوا منها عشرات السنوات، هذا من جانب ومن جانب اخر فان الجديد ان ايران تتحول عبر نفوذها الى دولة مواجهة مع اسرائيل قد اصبح حقيقة ايضا رغم كل الجهد الاسرائيلي ، ايران ومن خلال نفوذها المتعاظم في سوريا ولبنان أصبحت اقوى واهم دول المواجهة ، وأي جهد إسرائيلي لكبح هذا التوجه قد تجاوزه الزمن الا اذا ارادت اسرائيل ان تشعل حرب نووية في المنطقة اقرب الى حرب عالمية وهذا مستبعد حتى اللحظة .
ومن كل هذا فان الروس يعودون للمنطقة وبتحالف استراتيجي مع ايران لا ليسيطروا على سوريا ولبنان فحسب بل والعراق ايضا لان العراق واذا ما وضعت امام حسم موقفها من ايران او أمريكيا ستختار ايران حتما للطابع لأكثر من سبب ليس اهم تلك الأسباب العامل المذهبي المشترك .
ان مقولة نتنياهو " استمرار الوضع الراهن " كانت صادقة في جانب ، استمر الوضع الراهن في تعاطي اسرائيل مع دينماميكية الصراعات في المنطقة بطريقة ميكانيكية ساذجة بينما تغير الواقع من حول اسرائيل بدرجة جعل منها متخلفة عن مواكبة التطورات . لقد اقترب الوقت كثيرا والذي ستعض اسرائيل على إصبعها ندما لانها اضاعت فرصة السلام مع الفلسطينيين متسلحة بوهم القوة لان الصراع الفلسطيني الاسرائيلي في ظل المعطيات القادمة والتي بدأت لن يبقى فلسطينيا اسرائيليا ولا عربيا اسرائيليا بل سيغدو اسلاميا اسرائيليا وحينها لو ارادت اسرائيل السلام مع الفلسطينيين الذين لن يستطيعوا الاتفاق مع اسرائيل حتى لو رغبوا، فإيران التي ستكون على الحدود سيكون لها كلمة الفصل وستكون العلاقة بين الرئيس الفلسطيني أيا كان وطهران هي التي ستحدد مستقبل السلام في المنطقة.
هذا ليس خيالا ولا امنيات ، لقد صمد الفلسطينيين الى الحد الذي تجاوز فيه شعبنا مرحلة فرض استسلام مذل ، هذا يكفي ، المتغيرات القادمة ستصنع معادلات جديدة ترفع والى حد لا تتخيله اسرائيل سقف المطالَب الفلسطينية ، وهذا ليس مزاجية فلسطينية ولكنه متطلبات المتغيرات والتحالفات الجديدة ستفرض منطق جديد .
هذا يستدعي فلسطينيا اعادة النظر في الاستراتيجية السياسية دون مغامرة ولكن دون تردد ، التوازن بين المغامرة والتردد هي صلب السياسة الحكيمة ، والواعدة ، والمثمرة . فلسطينيا ان نقف على ارض الواقع ونتطلع الى المستقبل هو جوهر موقفنا .
اسرائيليا الوضع مختلف ، اسرائيل عليها ان تقرأ أخطاءها ، اما ان تتجاوز تلك الأخطاء فذلك امر مشكوك فيه ، مشكوك فيه بحكم عقلية المكابرة الاسرائيلية وبحكم ان الزمن لا يعود الى الوراء .