الخميس: 16/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

أوسلو وأكذوبة السلام الإقتصادي

نشر بتاريخ: 28/09/2017 ( آخر تحديث: 28/09/2017 الساعة: 11:13 )

الكاتب: د.ماهر تيسير الطباع

صادف هذا الشهر ذكرى مرور أربع وعشرين عاماً على توقيع إتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل كإتفاق مرحلي لمدة خمس سنوات وأنعش توقيع الاتفاق آمال كبيرة للفلسطينيين لتحقيق حلم دولتهم الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وتبع توقيع إتفاق أوسلو توقيع اتفاقية باريس الاقتصادية , بتاريخ 29/4/1994م في مدينة باريس كأحد الملاحق الهامة لاتفاقية أوسلو وكان من المفترض أن تكون فترة تلك الاتفاقية للمرحلة الانتقالية لمدة خمس سنوات , لكن للأسف الشديد استمرت حتى يومنا هذا.
وبعد مرور أربع و عشرين عاما على توقيع اتفاقية أوسلو أصبحت من الزمن الماضي , حيث أن هذه الإتفاقية لم تعط أي فائدة أو تضيف أي شيء على الصعيدين السياسي والإقتصادي، وما نتج عنها فقط سوى سلطة فلسطينية ضعيفة لا حول ولا قوة لها ولا تمتلك أو تسيطر على أي شيء على أرض الواقع , حيث أن قطاع غزة والضفة الغربية مازالا يعانيان من إجراءات وسياسات الإحتلال الإسرائيلي , ففي قطاع غزة وبالرغم من الإنسحاب الإسرائيلي عام 2005 , إلا أن إسرائيل أبقت سيطرتها على معابره ومنافذه البرية والبحرية والجوية , وفرضت حصاراً مطبقاً منذ أكثر من عشر سنوات , وفي الضفة الغربية ما تزال إسرائيل تسيطر أمنياً وإدارياً على نحو 60% من أراضيها وتتحكم بمنافذها , كما تتحكم إسرائيل بحركة الافراد والبضائع وتضع المئات من الحواجز داخل الضفة الغربية , وعززت ذلك ببناء الجدار العنصري العازل الذي اضر بشكل هائل بالحياة الاقتصادية والاجتماعية لمئات الالاف من الفلسطينيين , ويسيطر الاحتلال الإسرائيلي على نحو 85% من مصادر المياه في الضفة الغربية.
وكثر الحديث خلال السنوات الماضية عن المبادرات الاقتصادية الخاصة بالاقتصاد الفلسطيني , فتارة تسمى مبادرة وتارة يطلق عليها السلام الاقتصادي وكلها تأتي في سياق إنعاش الاقتصاد الفلسطيني وتطويره وتنميته , لكن للأسف الشديد لم تتحقق أي نتائج مرجوة من تلك المبادرات وهذا على الرغم من تخصيص ما يزيد عن 30 مليار دولار من المساعدات التنموية الدولية للأراضي الفلسطينية المحتلة في الفترة ما بين عامي 1993 و2014 , وما زال الاقتصاد الفلسطيني يعاني من ضعف في كافة الأنشطة الاقتصادية وارتفاع في معدلات البطالة والفقر وانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض في مستوى الدخل وارتفاع في مستوى المعيشة.
وشهدت البطالة في فلسطين ارتفاعاً كبيراً خلال السنوات الاخيرة حيث إرتفعت من 18.2% في العام 1995 الى 26.9% في العام 2016 ، و ارتفع المعدل في الضفة الغربية من 13.9% عام 1995 إلى 18.2% في عام 2016، كما ارتفع في قطاع غزة من 29.4% عام 1995 إلى 41.7% عام 2016.
كما شهدت السنوات الأخيرة نمواً بطيئاً في الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة والضفة الغربية , حيث أشارت التقديرات الأولية بالأسعار الثابتة إلى أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة والضفة الغربية قد بلغت 3,080 مليون دولار خلال عام 1994 وإرتفعت إلى 8,058 مليون دولار خلال العام 2016.
وإرتفع الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة بنسبة 80% خلال تلك الفترة , حيث بلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة خلال العام 1994 بالأسعار الثابتة 1,099,5 مليون دولار أمريكي , مقارنة مع قيمة الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2016 والذي بلغ 1,975,9مليون دولار أمريكي.
وبحسب تقرير للبنك الدولي صادر في العام 2014 ، أكد على أن الناتج المحلي الإجمالي لغزة حالياً أعلى مما كان عليه قبل 20 عاماً، وتقدر نسبة النمو السكاني في القطاع بـ 230%، وبالتالي أصبح دخل الفرد في غزة أقل بنسبة 31% مما كان عليه في العام 1994.
وفي المقابل ارتفع النمو في الناتج المحلى الإجمالي للضفة الغربية بشكل كبير وملحوظ , حيث أشارت التقديرات الأولية بالأسعار الثابتة إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية بنسبة 307% خلال تلك الفترة, حيث بلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية خلال العام 1994 بالأسعار الثابتة 1,981,2 مليون دولار أمريكي , مقارنة مع قيمة الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2016 والتي بلغت 6,082,10 مليون دولار أمريكي , وهو عبارة عن ما يزيد عن ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة.
وثبت بالدليل القاطع أن كافة المبادرات والخطط الاقتصادية التي تطرح في الوقت والوضع الراهن سوف تبقى حبراً على ورق دون الوصول إلى حل سياسي جذري للقضية الفلسطينية يمهد لإستقرار سياسي وإقتصادي في المنطقة لعده سنوات قادمة , يهيئ الفرصة لإجتذاب الإستثمارات المحلية والعربية والأجنبية من خلال مشاريع اقتصادية ذات تنمية حقيقية ومستدامة تساهم في رفع حقيقي لمعدلات نمو الاقتصاد الفلسطيني وخفض معدلات البطالة والفقر المرتفعة وتحسين الأوضاع المعيشية في فلسطين.
ويبقى التساؤل الهام الذي يحتاج إلى وقفه حقيقية: ماهي الإنجازات التي تحققت بعد مرور أربع و عشرين عاماً على إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية؟