نشر بتاريخ: 28/09/2017 ( آخر تحديث: 28/09/2017 الساعة: 18:42 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
بلغ الانقسام عشر سنوات من العمر، شبّ في الارض شبا. وترك ندوب كثيرة في نفسية المواطن الفلسطيني في كل مكان، وانتشرت مفاهيم الانقسام وأرخت بذيولها على الاعلام والقضاء والسياسة والاقتصاد والعشائر والنقابات وحتى الاسرة الواحدة.
ومن خلال انطباعاتنا كصحفيين يبدو ان عديدين ظلّوا يشكّكون بامكانية نجاح الاتفاق المصري هذه المرة ايضا، ولهم في ذلك عبرة من الايام الخوالي والاتفاقات السابقة. الا انّ الخبر الجيد الان أنه يمكن نجاح الاتفاق وصموده حتى يخرج من الحضانة والكوتا، وينزرع في الرمال ويحصل على المناعات المطلوبة.
المواطنون يراقبون كل شاردة وواردة، ويرخون السمع لكل همسة هنا او زلة لسان هناك. لأنهم يريدون الاطمئنان على مستقبلهم ومستقبل أولادهم، ومن خلال متابعتي لامور الاتفاق المصري أستطيع أن أتلمس النواحي الايجابية التالية:
- ان أخطر وأهم عامل هو العامل السيكولوجي، واذا اقتنع الطرفان ان هذا الاتفاق حقيقي ونافذ فانه سينجح والعكس صحيح.
- الرئيس أصدر اوامره للحكومة، ورئيس الحكومة أصدر اوامره للوزراء والهيئات والامن لانجاح هذا الاتفاق بكل ما له وما عليه. وهذا فأل خير.
- حركة حماس وعلى رأسها السيد يحيى السنوار أعلنت التزامها الكامل نظريا وعمليا بالاتفاق. وهو فأل خير يزيد من الشعور بالاطمئنان.
- جمهورية مصر، لم تعد تنظر وراءها وتصبو الان لتحقيق هذا الانجاز الكبير ورتق رقعة الثوب الفلسطيني الممزق حتى تبدأ كل المنطقة صفحة جديدة.
- الاعلام الرسمي وشبه الرسمي والمؤسساتي والحزبي استثمر بكل قوة في بورصة انجاح هذا الاتفاق، ما يضاعف من فرصة نجاحه، وليس المطلوب ان يتحول الاعلام الفلسطيني الى ببغاء يكرر ما يسمعه، لكننا نقول ان الاعلام الفلسطيني والمجتمعي احترف العمل بشكل ديناميكي وبات يوفر الان الحاضنة السوسيولوجية لانجاز المصالحة على الارض.
- الامن الفلسطيني والقضاء الفلسطيني يشارك في العمل والسفر والحضور الى غزة ما يعني ان ( فيتو ) الاجهزة الامنية غير موجود، وأن الامن الفلسطيني يعطي شبكة امان للحكومة للانطلاق وتحقيق النجاح المطلوب.وعلى مجلس القضاء الاعلى، وعلى وزارة العدل، وعلى القضاء العسكري. التوجه الى غزة فورا لاعطاء الشرعية الدستورية والقانونية اللازمة لكل ما سيجري بناؤه هناك.
- التنظيمات والاحزاب والقوى الفلسطينية، كانت شريكا واعيا وكريما مع حماس وفتح، ووفرت الأجواء التنظيمية والمناخات الحزبية اللازمة لنجاح المهمة.
- الازمة المالية.. يعتقد كثيرون ان الاتفاق بين فتح وحماس انما هو محاصصة بين فصيلين كبيرين ولم يرتق بعد الى مستوى مفهوم الشراكة. وهنا لا بد من الاشارة ان قيام الحكومة بتحويل الاف الموظفين الى التقاعد يعني ان الحكومة باتت قادرة الان على توظيف الاف بدلا منهم. ولتصبح غزة شريكا منتجا من خلال طاقاتها وامكاناتها وليس أي ادعاء انها مجرد مستهلك.
ان غزة تعطي اكثر مما تأخذ. ولو أن الحكومة تنجح في تشغيل المعابر والميناء والمطار لصارت الحكومة تغرف من خيرات غزة ولا تصرف عليها. دون ان ننسى حقول الغاز قبالة شواطئها.
- المصالحة تنجح الان لأن تل أبيب وواشنطن، اعطتا الضوء الأخضر لانجاحها، وهي فرصة ذهبية لتشغيل قطار بين غزة ورام الله، والفكرة لا تحتاج الى تفكير ولجان بيروقراطية، وانما طلب مستعجل وشديد للامم المتحدة ولاسرائيل ولامريكا وللرباعية للقيام بفتح حدود غزة على الضفة فورا فلا مجال للانتظار أكثر، والشروع بعمل قطار فورا مسألة وجود وليست فانتازيا مواصلات. والمسألة لا تحتمل سنوات أخرى من المفاوضات.
- دولة واحدة، وسلطة واحدة، وجغرافيا واحدة، وحكومة واحدة، وسلاح واحد في الشارع، فلن ينفع دولة داخل دولة ولا حكومة داخل حكومة، وحماس موجودة في البرلمان والوزارات ولا تحتاج الى مسلحين في الشارع لاثبات وجودها. تماما مثلما انضبطت كتائب شهداء الاقصى للحكومة قبل عشر سنوات، على الجميع في غزة الاقرار انه لن تقوم دولة وفيها أكثر من سلاح في الشارع، لان سلاح المقاومة بأمان في أيدي المقاومين، وليس في الشوارع وفي وجه شرطة السير أو أمام الجامعات والفنادق.
نعم يمكن.
نعم يمكن.
كل شيء متوفر، ولا ينقصنا سوى قادة مؤمنون بالنجاح، قادة يستطيعون التنفيذ..