نشر بتاريخ: 08/10/2017 ( آخر تحديث: 08/10/2017 الساعة: 10:26 )
الكاتب: عوني المشني
الزوبعة التي رافقت الدعوة التي وجهها مكتب التواصل مع المجتمع الاسرائيلي للمشاركة في مسيرة نساء من اجل السلام في اريحا تعيدنا لطرح قضية العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية من جديد، فتح هذا الموضوع للنقاش من جديد ليس خطأ فالمراجعات للمواقف مسألة تعبر عن مسئولية.
لنحدد اولا: ما هي العلاقة الممكنة والعلاقة غير الممكنة مع الوسط الاسرائيلي؟؟!!!! ما هي علاقات التطبيع وما هي العلاقات النضالية ؟؟؟!!!!وهل المتغيرات السياسية تؤدي الى تغيير في العلاقات ؟؟!!!!
من باب التذكير نشير ان التطبيع يتلخص في اي علاقة من اي نوع مع اسرائيل كمؤسسة او أفراد تقوم على قاعدة التكيف مع الاحتلال او تشريعه او تبريره. يدخل في ذلك العلاقات الثقافية والاجتماعية والسياسية. بينما العلاقة النضالية هي العكس تماما فهي العلاقة التي تساهم بشكل او باخر في إنهاء الاحتلال وتكريس الحقوق الوطنية الفلسطيني بحدها الأدنى المقر فلسطينيا . ما بين هذين الفهمين - التطبيع والعلاقات النضالية يحصل ان تختلط الامور او تتداخل ، وفِي حالة كهذه يفضّل الابتعاد عن علاقة غير واضحة او التداخل فيها يضعها في دائرة الشبهة .
ومن باب التذكير ايضا فان هناك علاقات مفروضة بقوة الواقع لا مناص منها، مثلا تسعون بالمائة من الكهرباء الفلسطينية هي كهرباء إسرائيلية، وكذلك الإسمنت بأغلبيته، اكثر من هذا فان العمالة الفلسطينية في المستوطنات تمثل اكثر من تسعون بالمائة ، وهناك تنسيق مدني وتنسيق أمني وتعامل بالعملة الاسرائيلية.
نحن امام وضع معقد الى حد كبير، لا يستطيع من يغض البصر عن العمل في المستوطنات ان يرفض مسيرة نساء من اجل السلام الا اذا وافق على مفهوم ان لقمة الخبز تبرر كل ما دونها ، وحينها سندخل في تبرير ما لا يمكن تبريره.
الجانب الاخر في الموضوع لماذا لم تخضع مسيرة نساء من اجل السلام للقاعدة الذهبية في تحديد العلاقة، مثلا هل تلك المنظمة نساء من اجل السلام تقر بحق الشعب الفلسطيني بدولته المستقلة وحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير ؟؟؟ اذا كان الجواب نعم فإنها عمل يفترض ليس المشاركة به بل مساندته ايضا وبكل قوة، اما اذا كان الجواب ب " لا " حينها سنقول بالفم الملآن نحن لسنا مع السلام باي شكل ، سلام دون حقوقنا هو تطبيع وتكريس للاحتلال .
مسألة اخرى ، واضح ان خيار الدولتين يتهاوى ، بل اصبح في غرفة إنعاش ، والتوجه لدولة ديمقراطية على كامل ارض فلسطين التاريخية يضعنا اما سؤال : ما هي الأدوات لتحقيق ذلك ؟؟؟حينها سيكون التحالف ، وليس العلاقة فقط ، مع فئات إسرائيلية تحت عنوان المساواة الكاملة هو ابرز الأدوات المفترض الأخذ بها . وتحالف مع جهات إسرائيلية على قاعدة الحد الأدنى ، سيكون منها ما هو صهيوني ومنها ما هو يميني ومنها ما هو شرقي ومنها ما هو في الوسط ، ومنها تحالف مؤقت ومنها تحالف لمنتصف الطريق ومنها تحالف استراتيجي ، اليست تلك هي أدوات العمل التي تتناسب مع ذلك الهدف ؟؟!!! ام انهم يريدون فرض الدولة الديمقراطية على كل الاسرائيليين بالقوة ؟؟؟
ان استخدام فزاعة التطبيع في المناكفة ليس هو المنهج الذي يؤدي الى حماية المشروع الوطني الفلسطيني ، بالمقابل فتحت يافطة العلاقات المطلوبة مع المجتمع الاسرائيلي لا يجوز تمرير اعمال من شأنها تكريس الاحتلال والتكيف معه ، المعادلة هنا دقيقة وكل حالة تدرس في سياقها ، لهذا فان التعميم فيه تبسيط ساذج .
لمن لم يفهم عليه ان يعيد حساباته ان استراتيجيتنا الوطنية في هذه المرحلة ترتكز في أدواتها على ثلاث ركائز أساسية : المقاطعة والجهد السياسي على الساحة الدولية وخلق تحالفات لنا داخل المجتمع الاسرائيلي ، ومن يتحدث عن غير ذلك فانه يتحدث في حكاية ليس لها علاقة بفهم معادلة الصراع وظروفه ، ان ان نبقى نتحدث عم كفاح مسلح ونمارس عكسه فذلك لن يتقدم بِنَا خطوة واحدة للأمام . وعلى كل وحتى لو كان من يفكر بشكل مختلف فان خلق تحالفات لنا في المجتمع الاسرائيلي على قاعدة مشروعنا الوطني هو عمل ضروري مهما تنوعت او اختلفت أدواتنا الاخرى .
لا يمكن ان يكون مقبولا ومن باب التطهرية حينا ومن باب المناكفة احيانا ان يطعن في وطنية وتاريخ الاخرين تحت عنوان محاربة التطبيع ، المسيرة الفلسطيني دوما تحتمل الاجتهادات ، وتحتمل اختلاف في الأدوات ، والفيصل في هذا هو تقبل بل وتأكيد التنوع هذا لخدمة الهدف الأوحد الا وهو الحقوق الوطنية الفلسطينية . بات مفهوما ان البعض يستمد دوره النضالي من التشكيك في جهد الاخرين ، لا يمارس اي شكل نضال ، وجل همه مهاجمة الاخرين وإعطاء توصيفات وتخوين حينا وتكفير حينا ، وخطابه السياسي يستند على مصطلح يجب على الشعب الفلسطيني ...... . بمعنى ان دوره فقط ان يضع للشعب الفلسطيني ما يجب عمله !!!! ولم يسأل نفسه مرة ما يجب هو ان يعمله !!!!