الكاتب: جميل السلحوت
انتظرت أربعة أيّام منذ هدم المنتجع السّياحيّ التّراثيّ، الذي أقامه الوجيه العشائريّ خلف العبيدي في منطقة حُجُر في برّيّة العبيديّة، في السّادسة والرّبع من صباح 15 تشرين أوّل –أكتوبر- الحالي، انتظرت هذه الأيّام لأقرأ أو أسمع بيانا من أيّ جهة فلسطينيّة رسميّة، توضح فيه أسباب الهدم، والقانون الذي اعتمدت عليه في الهدم، أو المخالفة التي ارتكبها صاحب المشروع ممّا استوجب هذا الهدم، لكنّ ذلك لم يحصل، ممّا جعلني أشكّ بأنّ الهدم غير قانونيّ، وآمل وأصلّي لله بأن لا يكون بناء على "ثارات عشائريّة"! وللاطّلاع على ما جرى قلت لا بدّ من زيارة الموقع والتّعرف عليه، وأصدقكم القول بأنّني عجبت من امكانيّة بناء منتجع سياحيّ في براري قاحلة! ومن سيرتاد هكذا منتجع؟ فقصدت المكان -بصحبة صديق يعرفه- عصر الأربعاء 18 اكتوبر، ووجدت نفسي عند انحناء واد سحيق، يحيط به جبلان مرتفعان، وهناك بيت صغير، حظيرة خيول، حظيرة أغنام، كهف مفروش، مطبخ ومنافع، ومن هذا الموقع لا يرى المرء سوى جبال جرداء، واغتنمت الفرصة لمشاهدة المنتجع المهدوم، حيث تمّ شق شارع ترابيّ يصل إلى منطقة قريبة تمّ تجريفها وتسهيلها، وبناء خيام تراثيّة عليها، وهناك صفائح زجاجيّة لتوليد الطاقة الشّمسيّة تمّ تكسيرها. وهالني المنظر أنّ الخيام ممزّقة، والطّاولات والكراسي والبسط التراثيّة، كلّها مدمّرة، شاهدت الأراجيل، "دلّات القهوة" المتناثرة والمحطّمة في المنحدرات، وصاحبها يشير إليها وسط تنهيدات تعبّر عن ألم حبيس الصّدر،وعند الانحناءة في الوادي شاهدت عشرات أشجار الزّيتون، التي زرعها خلف العبيدي عام 1983، هذه الشّجرة المباركة، التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، نظر خلف إلى السّماء وهو يقول "وهذا البلد الأمين" لم يعد آمنا يا ربّ. استمعت لما قاله صاحب المشروع خلف العبيدي بانتباه، وعندما عدنا للجلوس سألته عن البيت الملاصق للمنتجع، وعن حظيرتي الخيل والأغنام، ومتى بنيت؟ فأجاب عام 1982، وعاودت السّؤال عن عدم هدمها مع المنتجع؟ فأجاب: لا أعلم! وعندها قام باخراج ملف فيه ما يثبت ملكيّته للأرض. وعاد يشرح عن مخططاته التي كان يحلم بتحقيقها، وأشار إلى الخيول التي يشاركها السّكن جمل، وقال كنت أنوي تشجيع الجذب السّياحيّ المحليّ والخارجي، من خلال القيام بجولات للسّيّاح على ظهور الخيل في البراري. وهنا سألته: وماذا سيرون في هذه الجبال القاحلة؟ فأخذ يشرح جمال الطبيعة في فلسطين، وعند حلول المساء كانت قطيع من الضّباع يقترب منّا، فأشرت إليها وقلت: