نشر بتاريخ: 26/10/2017 ( آخر تحديث: 26/10/2017 الساعة: 12:33 )
الكاتب: ماهر حسين
كنت قد كتبت سابقاً مقالاً يتناول ضرورات التأني في المصالحة، وواجهت والمقال إنتقادات واسعة. وصل الأمر بالبعض لإعتبار المطالبة بالتأني خيانة لأهلنا في غزة، والبعض الآخر إعتبر أنه عليّ أن أكون ضد المصالحة كونها تعطي حماس طوق النجاة.
في الحقيقة استغربت من التناقض في فهم المقال وإن كنت أشرت بوضوح الى أخطر الملفات التي تعيق المصالحة وشرحتها، وأشرت كذلك بأن دعوتي للتأني هي دعوة للتأني في الإجراءات وليس في القرار؛ بمعنى أنه يجب على المصالحة أن تكون مدعومة ومحسومة، ويجب ان تكون جزءا من ثقافة ووعي وقرار القيادة والشعب.
مع تأكيدي على أن المصالحة ضرورة وطنية، سياسة، ثقافية، أخلاقية وشعبية.
وبالمقابل أشرت كذلك الى ضرورة التأني في التعامل مع المشاكل الكبرى في غزة فالحل يجب أن يكون دائماً وليس مؤقتاً فهناك ضرورة ملحة لوقف معاناة أهلنا في غزة ولرفع الظلم عنهم.
الآن ...
ما زالت ضرورات التأني قائمة ويعزز موقفي هذا تحركات حمـــاس السياسية على صعيد إعادة العلاقات مع إيران ومحاولاتها الإستفادة من المصالحة قبل إنجازهــــا.
حماس ترغب في تجاوز سنوات الإنقسام وسنوات الإستقلال (الإخواني) في دولة غزة بسرعة، وهذا مخيف سياسيا" وتنظيميا" ووطنيا" وما زال بالنسبة لي غير مفهوم.
بالمحصلة ...
هناك ملفات يجب التعامل معها بجدية وسرعة وحسم ودراسة بحيث تكون الحلول دائمـــة. وأتحدث هنا عن الملفات المرتبطة بحياة المواطن في غزة (كهرباء – ماء – خدمات – تعليم – صحة – سفر) وفي المقابل هناك ملفات خطيرة يجب تدارسها للتوصل الى تفاهمات حاسمة حولها ولو كانت هذه التفاهمات (شفهية) أو على شكل (ضمانات)، وأعني بها السلاح وقرار المواجهة والحرب والصواريخ والديمقراطية والعلاقات السياسية.
أهم القضايا التي تٌعيق المصالحة هي السلاح فالحديث المتلاحق عن رفض القيادة الفلسطينية للميلشيات هو حديث صحيح وواجب ويجب أن يتم دعمــه شعبيا، فلا مكان للسلاح والميلشيا في بلد يسعى للتحرر بالطرق التي تتناسب مع شرعية نضاله السياسي أي عبر وسائل النضال السلمي والمقاومة الشعبية السلمية، لهذا يجب أن يكون السلاح فقط بيد السلطة ويجب أن يكون قرار المواجهة بيد القيادة السياسية لا بيد أي جماعة أو تكتل أو مجموعة.
الكلام حول ضرورة وجود سلطة واحدة وسلاح واحد هو كلام سليم ولا غبار عليه، بل إن هذا النوع من المواقف الشجاعة هو ما يبني وطناً ويحقق أهدافاً ويجعلنا أقرب للدولة والسلام الساعين له.
وللتوضيح ...
لقد طبقت حمـــاس هذا المفهوم حول ضرورة وجود السلاح الواحد والسلطة الواحدة والنظام الواحد في غزة عند محاولتهــا لإقامة الدولة هناك وقامت حمـــاس بمنع السلاح وبل منع إستخدامه ضد الإحتلال عندما حكمت غزة.
طبعاً المطالبات بعدم وجود سلاح بيد أي تنظيم لا تعني المباشرة بتحديد مواقع لتسليم سلاح الكتائب والمنظمات لتقوم كل مجموعة مسلحة بتسليم السلاح في هذه المعسكرات !!!!! فالعملية بحاجة الى وقت وتدرج وتفاهم، وحتماً بحاجة الى ضمانات إقليمية وبشكل خاص مصرية.
العديد من القضايا تضع المصالحة في خطرو كثيرون يرغبون بافشالها ولكن كلي ثقة أن التفاهم السياسي وتقارب المواقف والأهداف وغياب المصلحة الشخصية والثقة بين الطرفين ستساهم في تجاوز الصعوبات بحسم أصعب الملفات ولكن بهدوء وبعيداً عن الفوضى والتحريض وعبر تغليب مصلحة فلسطين على مصالح التنظيمات.