نشر بتاريخ: 03/11/2017 ( آخر تحديث: 03/11/2017 الساعة: 10:12 )
الكاتب: أحمد طه الغندور
انقضى أسبوع حمل في جعبته الكثير من التناقضات؛ فبين النزيف الدامي لشهداء النفق، وبين جريمة بلفور التاريخية التي لا تُغتفر؛ نهضت المصالحة الوطنية هذا الأسبوع لتؤكد على نهاية الانشقاق والانقسام الفلسطيني دون رجعة بإذن الله، فكيف نقرأ هذه التناقضات؟
بدايةً إذا نظرنا إلى جريمة قصف النفق شرق خان يونس الأسبوع الماضي، ونفياً للرواية الإسرائيلية حول السيادة بادعاء أن النفق تجاوز الحدود إلى الداخل، وهذا غير صحيح وغير منطقي؛ فمن كشف للواقع تفاصيل النفق وأبعاده؟ ومن أعطى الاحتلال الشرعية القانونية حتى يدعي بأن له حدود معترف بها؛ ومن ثم يدعي بالسيادة؟
كل هذا الدجل جاء بنتيجة واحدة، أن الاحتلال قتل أبرياء في جريمة عدوانية وبأسلحة محرمة دولية وبصورة مبالغ فيها وغير متكافئة تعدت لتطال طواقم الإسعاف من المحميين في شرائع القتال؛ إذا ما افترضنا أن هناك قتال! ثم أسرع يعوي مستنجداً بمصر وأطراف أخرى بأنه لا يريد القتال ـ وهو صادق رغم كذبه ـ حيث أن غاية ما يريد تجربة نوع جديد من الأسلحة المحرمة دولياً على الأبرياء الذين لا يحق لهم الدفاع عن أنفسهم ضد العدوان، فماذا نحن فاعلون؟
أما بشأن المشهد الثاني هذا الأسبوع فهو الذكرى المئوية لجريمة بلفور وإصرار بريطانيا على الاحتفال بها ومساندة تل أبيب دون اكتراث بالظلم الذي وقع على الفلسطينيين.
وبالرغم من الجهد الكبير والمميز الذي قام به الفلسطينيون هذا العام في الوطن والشتات وفي بريطانيا نفسها؛ وحتى المقال الذي كتبه السيد الرئيس على صفحة الجارديان بعنوان "وعد بلفور ليس مناسبة للاحتفال"، يدفعنا إلى أن نفكر، كيف يمكن أن نقيس المردود الحقيقي لما تم؟ هل يكفينا اعتذار عدد من الشخصيات البريطانية عليه؟
بالطبع لا يكفي ذلك، فالأمر ليس كما يقال ـ فشة خلق ـ لذلك علينا ألا نشتت جهودنا ومواردنا المحدودة بإجراءات قليلة النتائج، بل علينا أن نكون أكثر صدقاً مع أنفسنا باللجوء إلى أساليب أكثر تأثيرا؛ كالقضاء مثلاً لوضع النقاط على الحروف، ووضع بريطانيا عند مسؤولياتها مهما طال الزمن.
أما الأمر الثالث؛ وهو الأمر المفرح فهو صدق المصالحة الوطنية، فالحمد لله بدأنا نلمس بعض النتائج المبشرة ونشاهدها في الواقع وبأم أعيينا.
حيث حمل الأسبوع المنصرم في جعبته الكثير من الخير في تمكين الحكومة الوطنية الفلسطينية من عدد جديد من المؤسسات الرسمية، واستلامها دفة الأمور على المعابر في المحافظات الجنوبية إضافة إلى خطوات قانونية واقتصادية هامة، تُشكل رافعة نحو وحدة الوطن وخير المواطنين.
لذلك فإن النجاح الحقيقي للمصالحة يكمن في التخطيط لما هو قادم؛ وخاصةً في مواجهة الحلول السياسية التي تسعى إلى الاستمرار في فرض وقائع الاحتلال على الأرض بتحويل الضفة إلى كنتونات لا تشكل إقليم تقوم عليه مقومات السيادة، وقطاع بشرت احدى وكالات الأمم المتحدة بعدم صلاحيته للحياة الأدمية في المستقبل القريب، فماذا نحن فاعلون؟
من هنا جاء الحث على التخطيط مع القيام بالمصالحة، وعلى سبيل المثال؛ ما دام البحث الأن في قضية المعابر، فلما لا يتم الضغط لاستعادة المطار في غزة وهو ضرورة؛ خاصة أنهم لا يستجيبون لإنشاء مطار في أريحا أو في تسليم مطار قلنديا؟
وكذلك الأمر بالنسبة للميناء وهناك موافقات سابقة وطروحات عديدة متداولة الأن بشأنه كرزمة للحل السياسي ولا غنى لفلسطين عنه في الحاضر والمستقبل!
أيضا إمكانية استخدام الغاز الطبيعي لإنتاج الكهرباء لكل فلسطين والاستغناء عن المصدر الاحتلالي، حيث يمكننا إضافة الطاقة الشمسية لذلك كما يجري في العديد من دول العالم!
كما أنه من المناسب العمل الجدي والحثيث لإقامة معبر آمن لا دخل للاحتلال فيه بأي شكل من الاشكال للربط بين محافظات الوطن، ويسمح بالتنقل السكاني والتجاري، ويقدم حلول تواجه ما يسعى اليه الاحتلال في خنق الضفة بالمستوطنات وتخفيف الكثافة السكنية في المحافظات الجنوبية.
آمال كثيرة تبرزها المصالحة في الاختراق لما هو أفضل، فلا تخنقوها بتوجس غير مقبول من البعض لا يحرص إلا على مصالحة الأنانية، فماذا نحن فاعلون؟