حتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

حتى ليست فعلا وليست اسما، وحتى حتحتت عقول العقلاء!! وكانت مشكلة دائمة لسيبويه الذي فاض به البوح حتى قال "أموت وفي نفسي شئ من حتى"!!.
وقال تعالى"سلام هي حتى مطلع الفجر". وقال قيصر "حتى أنت يا بروتوس" وقال أبو مازن "حتى سلطة واحدة وسلاح واحد" وقال جرير:بدِجلَةَ حتَّى ماءُ دجلة أَشْكَلُ فما زالت القتلى تَمُجُّ دِماءَها.
وقال المرحوم ياسر عرفات "ثورة حتى النصر" وقال "حتى يرفع شبل من أشبالنا او زهرة من زهراتنا العلم الفلسطيني فوق مساجد القدس وكنائس القدس".
وقال الشيخ احمد ياسين "حتى الوحدة الوطنية"، وقال خالد مشعل "حتى تنتهي الأزمة السورية". وقالت الجبهة الشعبية "حتى تحرير فلسطين من الماء الى الماء". وقالت القيادة العامة "حتى تحرير الارض والانسان" وقال المواطن "حتى يفرجها الله".
وحَتَّى حرف، قد تكون جارَّةً بمنزلة إلى انتهاء والى غاية.
وقد تكون عاطفة بمنزلة الواو، وقد تكون حرف ابتداء يُسْتأنفُ بها الكلام بعدها فإنْ أدخلتَها على الفعل المستقبل نصبتَة بإضمار أَنْ، تقول: سِرْتُ إلى القدس حتَّى أدخلَها، بمعنى إلى أَنُْ أدخلها. فإنْ كنتَ في حال دُخولِ رَفَعْتَ.
ويقال حتى "يشيب الغراب" وعن الكسائي: قوله شَفَّ الثوب أي رقّ حتى حكى ما تحته. وقال العرجي:أني أمرؤٌ لَجَّ بي حبٌّ فأحرضني حتى بليت وحتى شَفَّني السقـم.
ولـِ حتى مفاعيل سحرية تتفوق على غيرها من الحروف فهي أداة نصب حينا وأداة رفع أحيانا والغريب أنها تعمل كأداة جر أيضا وهي بذلك تتفوق على سواها من الحروف.
وفي حديث أَبي ذَرٍّ: لو صَلَّيْتُمْ حتى تكونوا كالحَنائِر ما نفعكم ذلك حتى تُحِبّوا آلَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وذكر الأَزهري هذا الحديث فقال: لو صليتم حتى تكونوا كالأَوْتارِ أَو صُمْتم حتى تكونوا كالحنائر ما نفعكم ذلك إِلاَّ بنية صادقة ووَرَعٍ صادق.
ورغم أنها مجرد حرف، الا أن حتى اصبحت مكونا اساسيا من مكونات خطابنا السياسي والثقافي، بل ان الشعب الفلسطيني قد يكون من أكثر الشعوب العربية. يستخدم حتى.
والغريب أن حتى ليست مرتبطة بزمان محدود، وكل من يستخدم حتى يعفي نفسه من طائل الزمان ويعطي نفسه شيكا مفتوحا لا حدود له من الوقت. رغم ان الله سبحانه وتعالى كان يستخدم حتى بزمان محدد فقال "سلام هي حتى مطلع الفجر" الا اننا نستخدمها من دون تحديد ما يجعلها سرمدية.
حتى نستطيع القول اننا شعب حتى، وحتى حتحتت عقولنا ايضا، ونموت وفي أنفسنا شيء من حتى.
حتى تحرير القدس والجولان ! منذ 40 عاما وحتى لا محدودة.
حتى نجاح الحوار الوطني ! ولا احد يلزم نفسه بوقت.
والمتهم برئ حتى يثبت براءته؟ ويموت النائب العام والمتهم حر.
حتى النصر حتى النصر حتى النصر ! واختلط السكر بالملح.
حتى ترضى النائحة عن أخبارنا ! والنائحة مبتدأ وليست خبر.
حتى يتبين الخيط الابيض من الاسود ! والليزر لم يترك لنا ابيضا ولا اسودا.
حتى وقف الفلتان الامني ! حتى تشكيل حكومة وحدة ! حتى يصبح فلان وزيرا ! حتى المجلس الوطني ! حتى فتح معبر رفح ! حتى صفقة التبادل ! حتى اطلاق سراح اخر أسير ! حتى عودة غزة ! حتى تحرير الضفة ! حتى تعريب القدس ! وحتى نموت .أو ننتصر. ويأتي رجال أعمال ويديرون لنا حياتنا بشكل راق!
نقول لمن هدموا بيته – حتى
ولمن قتلوا ابنه – حتى
ولمن جرحوا شقيقه – حتى
ولمن يريد وظيفة أمنية – حتى
ولمن يريد وثيقة سفر – حتى
ولمن يريد رقم وطني – حتى
ولمن يريد ترك الوطن – حتى
ولصراع البقاء – حتى
ولرخصة بغاء – حتى
ولموت الجنين – حتى
ولمخيم جنين – حتى
ولعرب 48 - حتى
ولمن تريد الطلاق – حتى
ولمن يريد الفراق – حتى
ولعشاق أمريكا - حتى
ولاتباع اّل البيت - حتى
ولولاية الفقيه - حتى
ولاطلاق سراح البرغوثي - حتى
وللجدار حتى. وللحاجز حتى
وحتـى ليست فعلا ولا اسما انها حرف- حرف سحري مطلق، دمّرتنا حتى. وحتحت عقولنا. وجعلتنا نصبح يهود التاريخ ونعوي في الصحراء بلا مأوى.
أموت وفي نفسي شئ من حتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى ......!!!!