الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

جيرمي كوربن شكرا لك

نشر بتاريخ: 05/11/2017 ( آخر تحديث: 05/11/2017 الساعة: 17:28 )

الكاتب: محمد خضر قرش

يستحق جيرمي كوربن شخصيا زعيم حزب العمال البريطاني المعارض أن نقول له شكرا لمعارضته العلنية القوية لدعوة رئيسة الوزراء تيريزا ماي لحضور احتفال الافتخار بالعار الذي اقامته بريطانيا في لندن بمناسبة مرور 100 عام على صدور الوعد المشؤوم من قبل بلفور اللعين. والشكر لا يمتد ولا يتساوق ابدا بما مارسته الحكومات البريطانية المتعاقبة من أفعال قبيحة بقيادة حزب العمال ضد الفلسطينيين والعرب. فدور الاستعمار البريطاني في الشرق العربي ملموس وظاهر للعيان منذ ما قبل وعد بلفور. لكن ما يهمنا في هذا السياق هو الموقف العلني المعارض الذي اتخذه رئيس الحزب شخصيا من حضور عار الاحتفال الذي تم في لندن بمشاركة بنيامين نتنياهو، المخادع والمدافع عن المجازر التي يرتكبها المستوطنون ضد المدنيين الفلسطينيين. 
فافتخار تيريزا ماي بالوعد العار والمشين وغير الإنساني وغير الأخلاقي والذي يتعارض مع ابسط حقوق الانسان، إنما يعكس العقلية الاستعمارية الاستعلائية البغيضة المتوحشة التي ما زالت تعشعش في فكر وسلوك وتصرفات الحكومات البريطانية المتعاقبة من كلا الحزبين على حد سواء. 
لكن ما يهمنا هنا هو الموقف الشجاع والجريء وغير المسبوق الذي صدر عن جيرمي كوربن بالذات بمعارضته تنظيم الاحتفال بالجريمة الكبرى الذي نفذتها الإمبراطورية البريطانية قبل قرن من الزمان وما زالت مستمرة حتى تاريخه. 
إن صدور تصريح واضح وصريح لا لبس فيه من قبل جيرمي كوربن شخصيا ضد الاحتفال بوعد العار المخجل والمشين وضد استقباله نتنياهو في الحفل، يعتبر عملا أخلاقيا يتطابق مع الضمير الإنساني يستحق الشكر عليه. 
ونسارع هنا لنقول بأن الشكر لا يمتد بالطبع لحزب العمال المعارض الذي تولى رئاسته العديد من الأشخاص واخرهم المرتشي طوني بلير الذي شغل منصب رئيس الحكومة البريطانية لنحو عقد شارك خلاله في حروب قذرة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية لتقسيم العراق ونهب موارده وثرواته وإحياء الفتن المذهبية والطائفية. فشتان بين الرجل الجريء كوربن والمرتشي بلير. من هنا نخص جيرمي بالشكر والتقدير على شجاعته ومواقفه المعلنة ضد الاحتفال بالعار وبين موقف ماي وبلير المفتخران بالوعد العار. كما نوجه الشكر لسائقي سيارات الأجرة في لندن وغيرها من المدن الذين قاموا من تلقاء أنفسهم بفضح النتائج التي ترتبت على الوعد المشين الذي صدر عن وزير خارجيتهم قبل 100 عام، من خلال الكتابة على أبواب سياراتهم تنديدا بجريمة الوعد. والشكر يمتد أيضا للبريطانيين الذين قدموا الى فلسطين مشيا على الاقدام كخطوة رمزية اعتذارية منهم عن الوعد المشؤوم. 
تيريزا ماي هي صورة مستنسخة طبق الأصل وسوداء عن وقاحة بلفور اللعين وتلميذة مارغريت تاتشر التي ضغطت بكل ثقلها لأقناع جورج بوش بشن حربه العدوانية ضد العراق العربي عام 1991. الحكومات البريطانية المتعاقبة مسؤولة عن كل الجرائم البشعة والبطش التي ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي كما انها مسؤولة عن التشريد والتشتت الذي يعيشه شعب فلسطين. بريطانيا يجب ان تدفع ثمن كل جرائمها التي ارتكبتها ضد الفلسطينيين والعرب منذ اتفاقية سايكس بيكو وحتى تاريخه. شعب فلسطين لن ينسى أبدا جرائم الإمبراطورية البريطانية ولن يغفر لها اعدامها البشع للمناضلين الفلسطينيين الذين جاهدوا وقاتلوا بشجاعة من اجل الحرية والاستقلال وضد التحالف البريطاني الصهيوني وفي مقدمتهم الشهداء الثلاث جمجوم وحجازي والزير وما تلاهم فيما بعد. اليوم الذي ستُحاسب به بريطانيا العظمى سابقا عن كل ما اقترفته من جرائم بشعة يندى لها جبين الإنسانية لم يعد بعيدا. 
الشكر لجيرمي كوربن على جرأته وشجاعته بعدم حضور احتفال الجريمة والخزي لتيريزا ماي وطوني بلير على احتفالهم بالعار المشين ومكافأة المُغتصب. فالاعتذار لم يعد كافيا ولن يغفر أو يمحو لبريطانيا جرائمها البشعة والمتواصلة ضد شعب فلسطين وقبل هذا فهو لن يعيد الأرض إلى اصحابها. ما قامت به تيريزا ماي لا يخرج عن كونه وقاحة وقلة ادب، فالافتخار بالعار وبممارسة الجرائم والخطايا والمجازر واغتصاب الأرض يعكس وجود نزعة فاشية متجذرة بالفكر والممارسات الحكومية البريطانية. 
فمن تصر على الافتخار بالجرائم التي ارتكبت ضد الفلسطينيين وظلمهم المستمر وتشريدهم ومصادرة أرضهم وطردهم من ديارهم من خلال استقبال نتنياهو الملطخة اياديه- كما هو حال كل رؤساء الحكومات الإسرائيلية - بدماء الفلسطينيين والعرب لا تستحق ان تكون رئيسة لوزراء دولة تدعي بأنها أول دولة ديمقراطية في العالم، فعملها هذا يشبه ما قام به هتلر حينما استقبل الفاشي موسوليني. ما فعلته تيريزا ماي يكاد يتطابق مع ما قام به النازيون والفاشيون حينما احتلوا فر نسا وغيرها من الدول الأوروبية. من العار على رئيسة وزراء بريطانيا أن تفتخر بمجازرها وظلمها لشعب فلسطين من خلال تبجحها بأنها فخورة بدعمها لوجود إسرائيل واحتلالها والتي نرفض الاعتراف بقرارات مجلس الامن الدولي الذي صوتت عليه بريطانيا نفسها. تيريزا ماي عليك ان تخجلي وليس أن تفتخري من موقفك المشين والداعم للاحتلال الذي يقهر ويبطش بشعب فلسطين ويعتقل اطفاله ونسائه ويصادر ارضهم ويهدم بيوتهم. من يفتخر بظلم شعب اخر يجب ان يصنف ويوضع في قائمة واحدة مع النازيين والفاشيين والإرهابيين.