نشر بتاريخ: 05/11/2017 ( آخر تحديث: 05/11/2017 الساعة: 18:07 )
الكاتب: ياسر المصري
بحسب تصريحات اللواء برهان حماد وكيل جهاز المخابرات المصرية السابق ، لصحيفة الأهرام العربي ، فإنه حدثت مؤامرة كبرى لتصفية القضية الفلسطينية ، وإن إستشهاد ياسر عرفات مسموما ، وإغتيال أحمد ياسين وغيرهم من الشهداء ، وكذلك إستحضار الكومبرس بحسب وصفه ، ليكونوا قيادات للشعب الفلسطيني ، إن كل هذا تم لتمرير المؤامرة وإيقاع الإنقسام الفلسطيني الفلسطيني ، وإن أموالا وأراضي عربية كانت مسرحا لخدمة هذه المؤامرة ، وإن وسيطا دوليا قد لعب دورا محوريا لتحقيق هذا الإنقسام يشابه دور لورانس العرب .
وهذا كله كان مع وجود دور خياني قد أوكل لبعض الخونة في الصف الفلسطيني ، ليقوموا ومعهم بعض الجهلة لخلق بيئة وظروف الإنقسام ، لتكون صورة اللاعبين بحسب هذه الشهادة (وسيط دولي ، أطراف وأموال عربية ، خونة ، جهلة ) ، ما كشفه اللواء حماد لم يكن غريبا أو مفاجئا لي بأي شيء ، فقد كنت في تلك الفترة سكرتيرا خاصا للقائد الوطني الكبير المرحوم هاني الحسن ، والذي كان في أكثر من مناسبة ، يسمي هذا الإنقسام بمخطط المنسق الأمني الأمريكي الجنرال دايتون ، وفي برنامج مع الصحفي أحمد منصور في برنامج بلا حدود على قناة الجزيرة بتاريخ 27/6/2007 فضح المرحوم هذه المؤامرة ، وسمى أدوات الجنرال دايتون بالإسم ، إضافة إلى أنه قد قال أن حماس ذهبت لأبعد مما يريده دايتون ، مضافا لكل هذا أنه حذر آنذاك من نوء عاصف قادم إلى المنطقة ، بهدف ضرب العرب وتفكيك دولهم .
فما شهادة اللواء برهان حماد رغم البسيط الذي قدمته ، غير أنها ترجمة دلالية على ما كان يقوله المرحوم القائد الكبير هاني الحسن ، من وجود مؤامرة تستهدف القضية الفلسطينية والعرب دول ومجتمعات ، ولعل اللواء حماد حين صرح بأن هذا (النوء العاصف بحسب تسمية هاني الحسن ) الربيع العربي لم يبدأ من تونس ، بل بدأ من فلسطين ليدلل بما ليس به مجالا للشك ، أن هذا التخريب أصحابه وعناوينه والمستفيدين منه معروفين وهي دولة الإحتلال والإستعمار
لم ينجح الإنقسام الفلسطيني الفلسطيني ، إلى حين غذي بكل ما يصنع بيئته ويساعد على ميلاده ، وكذلك التخريب للمجتمعات العربية تعرض بنفس السياق والقياس لمثل ذلك ، من حيث الخلط ما بين مفهوم الظلم والحرية ، فعدد الذين سقطوا نتاج الإستبداد في كل أنظمة الحكم العربية مجتمعة ، هو أقل من عدد شهداء محافظة واحدة ، بأية دولة عربية صنع بداخلها ما يسمى بالربيع العربي ، وإن العمل الذي تم على زعزعة وتفتيت المنظومة القيمية الوطنية والإنسانية بهذه المجتمعات ، لم يكن إلى في سبيل تشريع الجريمة على حساب الحق ، فمن يدعو للخلاص من الظلم لا يمكن له أن يتحالف مع أسوء ظلم (الإستعمار) .
وبحسب شهادة وزير خارجية دولة قطر لمحطة (bbc) ، فإن ما قامت به دولته كان ضمن توافق عربي وأمريكي إسرائيلي ، وقد شكلت لتفعيل وتوزيع الأدوار في هذا التوافق الكثير من غرف العمليات ، لترجمته على الأرض ، وأنفقت الأموال اللازمة لذلك ، فإفادته بأن حجم ما أنفق للقضاء على الدولة السورية بلغ أكثر من 163 مليار دولار ، وأن الخلاف السعودي القطري الأن جعل الدولة السورية تنجو ( وسماها الصيدة ) .
ولعل هذا ما قد يدفعني كمواطن عربي وفلسطيني ، إذا كان يعلم أن اللجنة القطرية الفلسطينية ، المختصة بدعم صمود الفلسطينيين بالقدس بلغت أقصى درجات دعمها 640 ألف دولار ، فكيف يمكن له أن يجري مقارنة بمبلغ 163 مليار دولار ، لإنتاج الدمار والتخريب والقتل (وهذا المبلغ أنفق فقط لتدمير سوريا) ؟؟؟؟ فما الذي تمثله القدس حضاريا وإسلامية وعروبيا وإنسانيا لهؤلاء وفق هذه المقارنة ؟؟
لعل الأسئلة لم تعد معلقة بإنتظار إجابات عليها ، فكل ما يحدث لم يكن بأية لحظة يخدم هذه الأمة ولا يعنيه لا أحلام ولا آمال أبناء هذه الأمة ، فحالة التدمير لم تقف عند حد واحد ، بل تجاوزت مشاهد الألوف وهم يموتوا غرقا هربا من موت البارود إلى موت الغرق والبرد ، وبالنتائج فقد صنعوا ما يلي :
1- تمكين لدولة الإحلال لأن تكون دولة نفوذ بالمنطقة .
2- تحطيم وتبديل المنظومة القيمية العربية المتعلقة بالحرية والهوية والقومية .
3- العبث في القيمة السمحة للدين الإسلامي ، وجعل هذه القيمة أداة تدمير للمجتمعات بيد أعداء الأمة والحرية بكل أشكال هذه الحرية.
4- إنتاج فراغ فكري عروبي بعد إسقاط كل فكر متعلق بإيجاد قواسم عروبية فكرية تقدم طوق نجاة لهذه الأمة ، بما يحقق أحلام وطموحات أجيال هذه الأمة .
5- تغيير سلم الأولويات وكسره ووضعه في دائرة الإرتهان ، عبر إستبدال العدو بالأخ وغير ذلك من الأدوات.
ما كان لكل هذا أن ينجح أو يمر أو أن تعالج آثاره على المدى القريب والبعيد ، لو كانت نخب هذه الأمة معافاة ، وما خلاص هذه الأمة سوى بصحوة نخبها ونهضتها فكريا ودورا ومسؤولية ، ولعل أوروبا لم تتقدم إلى بعد بحار الدماء التي سفكت بها ، وإننا اليوم كأمة قد دفعنا بسبب الأعداء والجهل ، ما يوازي ثمن نهضة أوروبا أم أننا نحتاج لأثمان أخرى ، حتى تستفيق نخبنا وتنتج ما يوازي الأثمان مع الأحلام والطموحات؟؟؟؟