نشر بتاريخ: 08/11/2017 ( آخر تحديث: 08/11/2017 الساعة: 18:07 )
الكاتب: موفق مطر
لا حيرة في تفسير التحركات المفاجئة للقيادة الفلسطينية وزيارات الرئيس محمود عباس غير المعلنة سلفا لدول عربية ولقاءاته مع قيادتها، ولا يحتاج الأمر لأكثر من النظر بعمق وقراءة فلسفة القيادة الفلسطينية للعمل العربي المشترك، ورؤيتها للأمن القومي العربي ككل لا يتجزأ.
أمن فلسطين من أمن عمقنا العربي الاستراتيجي، وأمن عمقنا الاستراتيجي العربي ينعكس ايجابا على امننا، ويحافظ على مسار القضية الفلسطينية في الاتجاه الصحيح، بما يحقق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني في انجاز الاستقلال والحرية، واهداف الدول العربية بتعزيز استقلال ورفع مؤشر التنمية ومواجهة تحديات ومخاطر ناشئة او مستوطنة بحكم تدخلات قوى اقليمية عملت وما زالت تعمل على تخليق مشاكل امنية ذات صبغة مذهبية، حيث يتم تنبيت جذور هذه المشكلة كلما نجح عقلاء الأمة ومفكروها وسياسيوها التحرريون المتنورون من تجفيفها او تضييق مساحتها على الاقل.
تتعرض المملكة العربية السعودية لمؤامرة غير مسبوقة، تستهدف زعزعة استقرارها الداخلي، واحداث شروخ في بنية الدولة، عبر جماعات ارهابية محلية، او تلك المذهبية المستخدمة لإحداث ثغرات في جدار قلعة المملكة الاجتماعية والسياسية وحتى الدينية، علاوة على اشتغال دول صغيرة على تقويض مكانة المملكة التاريخية في الجزيرة العربية ولدى دول الخليج.
يجب ألا يغيب عن بالنا مبادرة المملكة العربية السعودية والتحالف العربي لمنع ايران من الوصول بنفوذها الى باب المندب والسيطرة عليه كأهم منطقة استراتيجية رابطة بين البحر الأحمر المرتبط بالبحر المتوسط عبر قناة السويس وبحر العرب والمحيط الهندي، بعد تمكنها من بسط نفوذها بشكل واضح في العراق وسوريا، ومحاولتها استكمال عملية بسط النفوذ لتتمكن من الوصول الى البحر الأبيض المتوسط عبر احكام السيطرة على لبنان، وهو ما حذر منه رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في بيان استقالته الذي اعلنه من الرياض.
ويجب ان يبقى حاضرا في اذهاننا ان جمهورية مصر العربية مستهدفة، بحكم مركزها كأكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، واقواها عسكريا، وبمكانتها الحضارية، والثقافية للأمة العربية، ودورها المحوري في القضية الفلسطينية وفي حفظ توازن الأمن العربي وتحديدا في دول شمال افريقيا العربية، وأن تعرضها لهجمات ارهابية دولية محسوب في سياق تكسير جناحي القضية الفلسطينية، ومنع فلسطين عن التحليق في فضاء الحرية والاستقلال، والأصعب من ذلك تركها وحدها في مواجهة أقطاب السياسة الدولية الذين تقودهم المصالح الى اغفال الحقوق السياسية والانسانية للشعب الفلسطيني، وغض الطرف عن مسؤولية دولة الاحتلال الاسرائيلي عن استمرار القضية الفلسطينية، وتصنيع بيئة للارهاب عبر الاحتلال والاستيطان وسياسة التطهير العرقي العنصرية.
تستوجب تحركات الادارة الأميركية واخرى دولية متعددة باتجاه الشرق الاوسط وكذلك الأفكار المطروحة للحل، تحركا فلسطينيا سريعا مع الأشقاء العرب، واستجماع المواقف وتحسين فرص فرض الرؤية العربية المشتركة لحل القضية الفلسطينية كما وردت في المبادرة العربية، وتعزيز الثبات والتمسك بقرارات القمم العربية باعتبارها القاسم المشترك العربي الفلسطيني، والتي دونها لا يمكن تمرير اي حل لا تقبله القيادة الفلسطينية.
الرئيس محمود عباس وبحكم خبرته وتجاربه وقراءاته الواقعية للأحداث وتطورات القضية الفلسطينية والقضايا العربية، ورؤيته البعيدة المدى للصراع (العربي - الصهيوني) ومعرفته بمخاطر استغلال قوى اقليمية لهذا الصراع، وانعكاسات ذلك على أم القضايا ومركزها في منطقتنا (فلسطين) نراه مدفوعا بضميره الوطني العربي الانساني، وبما يمثله باعتباره رئيس حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ورئيسا للشعب الفلسطيني لأن يطمئن من الأشقاء العرب على استقرار وأمن بلادهم ومنعتها، وكذلك لقدرتها على مواجهة (هجمات خلفية) منسقة او غير ذلك مع المشتغلين على أمن دولة الاحتلال، ويطمئنهم أيضا على صلابة الموقف الفلسطيني وثباته، ويؤكد نقاوة الانتماء العربي عند الفلسطينيين، وأننا جميعا في القضايا المصيرية شعب واحد. وان لمصر والسعودية وفلسطين وكل العرب أمنا قوميا واحدا ايضا.