نشر بتاريخ: 18/11/2017 ( آخر تحديث: 18/11/2017 الساعة: 15:56 )
الكاتب: اللواء د.محمد المصري
التناغم – وحتى الانسجام – الذي بدا بين تصريحات "أبو إبراهيم" يحيى السنوار، وتصريحات "أبو إبراهيم" الدكتور محمد اشتية، خلال اللقاء الحواري الذي نظمه مركز مسارات يوم الخميس الماضي، إنما يدل على أن الحركتين الأكثر شعبية والأكثر نفوذاً، توصلتا إلى قرار داخلي نهائي، بضرورة إنهاء الانقسام لخطره وضرره الذي يتعاظم كلما تقدمنا في الزمن، ولكن، ورغم هذا الانسجام والتناغم بين كلا الرجلين، إلا أن هناك الكثير مما يقال على هامش ذلك الحوار، إذ أن ترجمة المصالحة إلى برنامج عمل على الأرض، يحتاج حقاً – بالإضافة إلى النوايا الحسنة – إلى مشاركة شعبية واسعة وضاغطة، وإلى حشد ودعم فصائلي متعدد، حتى لا تكون المصالحة مجرد محاصصة أخرى أو اقتسام ثنائي للوطن.
المشكلة هنا أن المصالحة جرت تحت ظرف سياسي إقليمي محدد، وكلما تأخرنا في ترجمة المصالحة على الأرض، فإن هذا الظرف يتغير بسرعة كبيرة، وهو ما يميز الأحداث في إقليمنا، حيث الجغرافيا ضيقة والتاريخ سريع ومتدفق، إن تغير الظروف في المنطقة سيغير من طبيعة التموضع الإقليمي ويغير من الاتجاهات والتحالفات، وكل ذلك يعيد تعريف المصالحة أو أهميتها أو وتيرة تطبيقها أو حجم تنفيذها.
فالمصالحة يريدها البعض تخفيضاً للتوتر على صعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كمقدمة أو عتبة للدخول في مرحلة أخرى، تجعل من إسرائيل مقبولة في المنطقة، وهناك بعض آخر يريد من هذه المصالحة أن تكون تخفيفاً لأعبائه ومهماته، وهناك من يريدها تعبيراً عن انتصاره وانتصار رؤيته، وهناك من يريدها نوعاً من توفير الحماية والأمن له، فيما يراها آخرون وكأنها تقوي حلف ضد حلف آخر.
أما نحن، نحن الفلسطينيون، فإننا نريدها تقوية للبيت الفلسطيني الشرعي الموحد، ونريدها رداً على الصلف الإسرائيلي، ورداً على الإهمال الأمريكي، ورداً أيضاً على سياسة الأحلاف التي تمزق المنطقة.
لا نريد للمصالحة أن تكون خدمة لأحد سوى شعبنا وقضيته ونضاله وردوده المبدعة على كل ما يراد له أو يراد به، ولا نريد للمصالحة أن تكون على مقاس المصالح أو المطالب أو الاشتراطات، بقدر كونها على مقاس مصالحنا وصراعنا وبوصلتنا، ولا نريد مصالحة حسب التوقيت الإقليمي أو الدولي، بقدر أن تكون على حسب التوقيت الفلسطيني.
والتوقيت الفلسطيني للمصالحة مسألة تبدو من ظاهرها أنها معقدة، ولكن باطنها سهل وبسيط برأيي، إذ أن ما يقال عن تباطؤ المصالحة أو تلكؤ تطبيقها له علاقة بالاشتراطات أو الاستحقاقات، وله علاقة بالبحث عن إجابات عن أسئلة صعبة، كالأمن والسلاح وطبيعة الشراكة، قد يكون ذلك وقد لا يكون، ولكن الأهم من ذلك كله، القرار الفلسطيني حسب التوقيت الفلسطيني، الذي يعني المفاجأة والخروج عن النص، فنحن نمتلك ما نستطيع به أن نعطل كل ما لا نريد، وأن نحبط كل ما لا يحقق أهدافنا، فلماذا لا نستخدم القوة التي لا يمتلكها أحد في الإقليم كله؟