الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

إحتمالات الحرب فى المنطقة!

نشر بتاريخ: 20/11/2017 ( آخر تحديث: 20/11/2017 الساعة: 12:44 )

الكاتب: د.ناجي صادق شراب

هل يمكن وصف المنطقة العربية بمنطقة حروب؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، وهي فعلا كذلك، فما هي أسباب هذه الحروب؟ ومن يقف وراءها؟ وما دور الدول العربية في هذه الحروب التي تعتبر أراضيها مسرحا لها؟ والسؤال الأهم ما هي تداعيات هذه الحروب؟ وهل نشهد حربا أخيرة قريبا؟ تاريخيا المنطقة كانت منطقة حرب بكل مستوياتها الاقليمية والكونية، لدرجة لا نبالغ فيها إذا قلنا ان الحربين العالميتين الأولى والثانية لم تكن المنطقة بعيدة عنهما، وان تداعياتهما قد إنعكست بشكل مباشر على المنطقة بدءا بالحرب الأولى التي كانت بداية لتقسيم المنطقة إلى دول قطرية غير قابله للإندماج والتطور، وبقيت تحمل في قلبها بذور الصراع والعداء. ولعل الأسباب التي تفسر لنا هذه الظاهرة الخطيرة، انها مرتبطة بأسباب كثيرة أولها الاهمية الإستراتيجية والإقتصادية للمنطقة، فأقل ما يقال انها منطقة قوة تسعى لها كل الدول الإقليمية والدولية، فالمنطقة منطقة إستهداف وتغلغل لمصالح دول القوة التي تدرك ان احد مفاتيح القوة الرئيسة هي بالسيطرة والإستحواذ على مقدرات المنطقة. والسبب الثاني وجود إسرائيل في قلب المنطقة العربية والتي أقيمت بفعل القوة، واحد اهدافها هو الحفاظ على تفوقها وقوتها على بقية دول المنطقة. واما السبب الثالث وقد يكون الاهم ضعف المنظومة العربية الواحده القوية وغياب دور الدولة المحورية، والعمل الدؤوب من قبل الدول الإقليمية والدولية على إجهاض قوة هذه الدولة كما ترى بالنسبة لمصر والسعودية. 
ويمكن ان نضيف سببا آخر وهو حالة الصراع والتنافس بين القوى الاقليمية والدولية كإيران وتركيا وأثيوبيا وإسرائيل على المستوى الاقليمي، والصراع بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي أولا والان مع روسيا، هذه القوى كلها لها أهدافها ومصالحها الإستراتيجية، والمنطقة بكاملها كانت هدفا لسياساتها. وبسبب هذا التنافس شهدت المنطقة العديد من الحروب الكبرى والحروب الصغرى، أذكر منها حرب 1948 وحرب 1973، وهما حربان رئيسيتان أخذتا طابعا عربيا، وحروب إسرائيل مع لبنان، وحروبها الثلاث مع حركة حماس في غزة. وهناك حروب بالوكالة تقوم بها فواعل من غير ذات الدول كحزب الله في سوريا ولبنان، والحركات الاسلامية المتشددة كداعش في سوريا والعراق وليبيا، والخطورة في هذه الحروب إنغماس بعض الدول العربية فيها، ولعلي اذكر بأخطرها على الامن القومي العربي غزو او حرب العراق على الكويت، وقبلها حرب إيران والعراق، وشكلت الاولى ضربة قوية لمفهوم الامن القومي العربي، ومن وقتها نلاحظ غلبة الامن القطري على الأمن القومي العربي، وهو ما يفسر لنا التراجع في القضية الفلسطينية كقضية قومية عربية. واليوم وبعد موجة التحولات العربية والتي كان مخططا لها، نجد تزايد إحتمالات الحروب والصراعات التي تشهدها المنطقة، لدرجة لم تبق دولة عربية بعيدة عن هذه الصراعات. والامثلة كثيرة في ليبيا واليمن وسوريا ولبنان، والعراق، واخيرا بروز الازمة القطرية او الخليجية في أوسع مضامينها، والتي تعرض منطقة الخليج لكل الإحتمالات بإعتبارها المنطقة التي كانت أكثر استقرارا واليوم باتت هذه المنطقة بما لها من أهمية إستراتيجية وإقتصادية مستهدفة بشكل مباشر لاطماع الدول الإقليمية، وأرضها باتت مستقبلة للتواجد العسكري الخارجي كما نرى في قطر التواجد الامريكي والتركي وتمدد النفوذ الإيراني، وفي غيرها وخصوصا تمدد النفوذ الإيراني ليصل لسواحل البحر المتوسط من جهة سوريا. وزيادة التواجد العسكري الروسي في سوريا ووصوله لحلم قديم حلم الوصول للمياه الدافئة في الخليج عبر إيران وقطر أيضا. ومما يزيد من إحتمالات الحرب التمدد الايراني في منطقة الخليج، ومحاولة إجهاض القوة السعودية بإحاطتها بمناطق تسيطر عليها إيران في اليمن، وفي الشمال العراق وفي الغرب لبنان وسوريا، وهي سياسة تعرف بسياسة الكماشة، والهدف الاساس هو ضرب الدور السعودي وإضعافه مما يسهل السيطرة على المنطقة ويحول إيران إلى دولة إمبراطرية، تعيد معها احلام الأمبراطوية الفارسية، ومما زاد من إحتمالات الحرب إستهداف الرياض ومطارها بصاروخ باليستي حوثي، ولهذا دلالات خطيرة، فعندما تستهدف عاصمة دولة ما فهذا يعني الاقتراب من المواجهة العسكرية، وزيادة الذهاب لخيار الحرب. ولم تتوقف هذه التهديدات على السعودية العربية بل طالت التهديد بضرب إمارة أبوظبي عاصمة دولة الامارات العربية المتحدة. وفي الوقت ذاته العيون على الجيش المصري الاقوى في المنطقة، وهو الحصن القوي للأمن القومي العربي والقادر على التصدى وكبح جماح نفوذ وتطلعات هذه الدول. وتفاقمت التطورات بعد إستقالة الحريري وظهور الفراغ في لبنان، وتجدد الحديث عن حرب جديدة قد تكون لبنان مسرحها. ومن هذه الرؤية تبدو خيارات الحرب وإحتمالاتها واطرافها واضحة، وقد تكون هذه المرة إيران والسعودية، وقد تجران معهما دولا عربية أخرى، وتدخلا دوليا. هذه الحروب والصراعات الهدف منها واضح وهو إعادة رسم الخريطة السياسية الثانية للمنطقة ولكن على أسس مذهبية وأثنية وقومية جديدة تأتي على حساب الهوية العربية للمنطقة. ويبقى التساؤل في كيفية مواجهة هذه الاخطار؟ هذا يتطلب تدعيم التنسيق والتحالف العربي بين مصر كدولة أساس والسعودية والامارات وتوسيعه ليشمل دولا عربية اخرى مستهدفة كالاردن مثلا. والإسراع بالتسوية السياسية للعديد من الازمات في سوريا، والعمل على إحتواء الأزمة الخليجية وعدم تحولها كمدخل للدول الطامحة. وأخيرا يبدو ان المنطقة قد تكون مقبلة على حرب هدفها إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة بما يتوافق هذه المره مع مصالح دول كثيره، في السابق كانت بريطانيا وفرنسا وفقا لإتفاقات سايكس بيكو، اما اليوم فهذه الدول عديدة إيران تركيا واسرائيل، والولايات المتحدة وروسيا، مما يعني ان تكون خريطة سياسية قزمية تتكون من العديد من الكينونات والدويلات الصغيرة مما يبقيها تحت سياسة الاتباع والاحتواء. هذا هو التحدي الأكبر الذي يواجه المنظومة العربية؟فماذا فاعلون؟
[email protected]