نشر بتاريخ: 26/11/2017 ( آخر تحديث: 26/11/2017 الساعة: 11:59 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
لم يجر تقديم أية وثائق مكتوبة أو رسمية للقيادة الفلسطينية أو الزعماء العرب حول ما يسمى خطة ترامب أو صفقة العصر . وإنما يواصل ترامب " تعذيب " العرب من خلال تسريبات مقصودة تنتشر ثم تقوم واشنطن بالإسراع في نفيها أو الصمت تجاهها للحصول على المزيد من الغموض . والهدف من كل ذلك قياس ردة الفعل العربية تجاه المخطط القادم ، وإرباك القوى الوطنية التي لا تعرف شيئا عن الخطة .
والغريب أن الحكومات العربية جميعها ترحّب بالتفاعل الايجابي مع خطة ترامب ، ولكنها لا تجرؤ أبدا على الطلب العلني من وزارة الخارجية الأمريكية بنود واضحة ورسمية لهذه الخطة . وتكتفي الحكومات العربية بالابتسام والقبول بإيحاء ساذج بأنها تعرف . ولكننا جميعا نعرف أن الحكومات لا تعرف أكثر مما نعرف !!!
ومما رشح ويرشح عن خطة ترامب ، انه سيقدم للعرب أولا ، وللفلسطينيين أخيرا ، عرض بقبول إسرائيل كواقع سياسي عسكري أمني اقتصادي بل والتحالف معها مقابل وعود عامة وعناوين قابلة للرفض من جانب تل أبيب .
وبكل تجرد فان عناوين ترامب تتلخص في عرض فكرة وطن مع وقف التنفيذ للفلسطينيين . وهي ذات الرؤية التي يحملها المستوطنون .، بل ان الوزير المستوطن المتطرف نفتالي بينيت هو الذي يرسم خطة ترامب . وان الوزراء الأكثر تطرفا مثل أفيغدور ليبرمان و موشيه يعلون و حتى بنيامين نتانياهو لم يصلوا بعد الى الجرأة في طرح مثل هذه الخطة التي تنادي باقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة فقط ، وحكم ذاتي هلامي استعراضي ( صلاحياته أقل من صلاحية بلدية ) في مناطق الف وباء في الضفة الغربية . وتأجيل جميع الملفات النهائية وهي القدس وحق العودة والمياه والمستوطنات والحدود الى اجل غير مسمى .
في كامب ديفيد عام 2000 عرض الإسرائيليون والرئيس كلينتون على الزعيم عرفات 97% من أراضي 1967 ولكنه رفض التوقيع من دون حارة الأرمن في القدس .
أنا لا أعتقد أن القيادة الفلسطينية سوف توافق على التوقيع على عرض ترامب ، ولكنني شبه متأكد ان الحكومات العربية سوف توافق بالمطلق على هذا العرض . وبالتالي فان الفلسطينيين سيجدون انفسهم بعد عدة أشهر مطالبين بدفع فاتورة التحالف العربي ضد ايران ، ورغما عنهم ، لانهم وضعوا كل أسهمهم في بورصة بعض العواصم التي لا همّ لها الان سوى التحالف مع تل أبيب ضد إيران .
وبغض النظر عن الرغبة ، لا أراهن كثيرا على قدرة الفصائل الوطنية على حشد الجماهير خلفها .. فالجمهور الفلسطيني في غزة سيقبل بميناء بحري ومطار ليتخلص من حالة السجن المؤبد التي يعيشها ، ولن يصمد كثيرا وراء شعارات قديمة يرددها قادة وشيوخ يسافرون هم وأولادهم الى كل مكان في العالم... أما جمهور الضفة فسوف يكتفي بالقول : لا حول ولا قوة الا بالله ، لقد كنا نتوقع ذلك ولم نتفاجئ أبدا .
ما الحل ؟
- اذا ترفض قيادة منظمة التحرير العرض الترامبي . ستكون حينها مضطرة ، الى ترك الفنادق والعودة الى الخنادق . وهذا الاحتمال بعيد وغير ظاهر .
- اذا توافق القوى على العرض الترامبي مع إدخال بعض التعديلات الشكلية التي تضمن الحفاظ على ماء الوجه ، هذا متوقع . فالاعلام العربي صار قادرا على تحويل أية هزيمة الى نصر مؤزر . مع موسيقى تصويرية مناسبة .