نشر بتاريخ: 27/11/2017 ( آخر تحديث: 27/11/2017 الساعة: 10:50 )
الكاتب: ناريمان عواد
لاحت الاسوار لامراة متعبة تحاول الوصول الى احدى مستشفيات العاصمة ، حملت انينها وضعفها وعدم قدرتها على المشي ولكنها واصلت المسير بصعوبة شديدة . الالام تطحن عظامها وتجبرها على الجلوس الارض ا. يكفيها ما عانته من آلام للوصول الى المستشفى ...حاولت الحصول على تحويلة طبية لعلاجها من التليف الكبد " بعد توقف تامينها الوطني" الذي يمكنها من الحصول على العلاج الصحي في المشافي الاسرائيلية "لكن للاسف لم تتمكن لان لا قريب لها من المتنفذين في مراكز السلطة ..الطريق طويلة ...الالام تشتد ..ارتمت مغشيا عليها وهي تقبض على زجاجة ماء في يدها.... انهارت .....استعادت بعضا من قوتها واكملت المسير .
يا رب اعني على الوصول اني اتمزق ألما...
توقفت حافلة تحمل الاشار ة الصفراء لتقلها بعد ان شاهدت الاعياء الشديد عليها يا اختي هل تحتاجين مساعدة ؟
نعم انني اقصد اختي في حي الصوانة هل بالامكان ان تساعدني ؟.
اقلتها الحافلة ووصلت الى حي الصوانة والالام تمزقها اربا .
تصل رقية الى باب العامود وشارع صلاح الدين لبيع الثمار الطيبة التي حملتها من قريتها المحيطة بمدينة القدس والتي اغلقتها الاحتلال بفعل جدار الفصل والضم العنصري ...تنجح في الوصول وجلوسها في شارع صلاح الدين يفرح المواطنين المقدسيين ولكنها منهكة فكيف ستحمل سلالها وثمارها في رحلة ذهاب واياب يومية وسط اجراءات الاحتلال وقمعهم .
مئات النساء المقدسيات يقفن في طوابير طويلة في البنوك للحصول على فتات ما تمنحه مؤسسة التامين الوطني . تمنحهم الفتات بعد ان سلبت الالاف. في وجه كل امرأة خطوط من المعاناة تدلل على الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها النساء وسط ارتفاع معدلات الفقر ومسؤولية المراة المقدسية لادارة منزلها في وجود زوج عاطل عن العمل مع ارتفاع معدلات البطالة بين صفوف المقدسيين .
حاجز قلنديا والطريق المؤدية اليه تشعرك بانك في جهنم وما تعانيه النساء في التنقل عبر هذا الحاجز ...فتاة فلسطينية جميلة معتدة بذاتها بانتظار ان يفتح الباب الدوار على الحاجز لتتمكن من اجتياز الحاجز لمدرستها في " بيت حنينا " ولكن للاسف تنتهك كرامتها عندما تقرر جندية اقفال مفاتيح المرور التي تضاء بالون الاخضر وتحولها للاحمر وتحشر الفتاة بين قضبان الباب الدوار ...تحاول الاستغاثة لكن لا مجيب ..
في ذات الحاجز امراة في الاربعينيات من العمر تحمل طفلها ..بانتظار المرور ...ساعات من الانتظار المهين وسط بكاء طفلها الرضيع
تقف خلف شاب يستوقفه الجنود يثيرونه باستفزازاتهم وبطلبهم خلع ملابسه للتفيش لا تتحمل اهاناتهم تتدخل للدفاع عن الشاب ينهال الجنود عليها وعلى طفلها بالهراوات .
أمل مواطنة مقدسية تسكن باب الواد تؤدي صلاة الظهر يوميا في المسجد الاقصى ، تذلها اجراءات التفتيش على البوابات ، تدفع يلقى بحجابها ارضا ، تتعرض للاستفزاز والضرب من غلاة المستوطنين الذين ينتهكون حرمة المكان والذين يقتحمونه بالمئات .
نساء حي الشيخ جراح من النساء الاكثر قدرة على نقل معاناتهن بفعل سياسات الاحتلال والاحلال التي استهدفت الحي ، واقعهم اليومي مرير ، جيران مستوطنون فرضوا بالبطش والقوة يعيشون في حي عربي احساس بالغربة والخوف الدائم ، لا تتوقف الاستفزازات للاطفال والنساء .
تمارا الطفلة الضغيرة تخرج من منزلها في حي سلوان ، توقفها سيارة مستوطن مسرعة تحاول اختطافها ولكن تتصرف الفتاة بسرعة وتلقي بنفسها وسط اصابتها بجورح بالغة .
تتنفس شيرين نسائم المدينة المقدسة بعد اطلاق سراحها بعد اعتقال دام اكثر من سنتين ، النوافذ الصغيرة في معتقل المسكوبية والزج بها مع المعتقلات المدنيات كان قاسيا جدا ، كان الطريق الى سجن هشارون اكثر قسوة في البوسطة ، الوقت يقتل بالانتظار وبالتنقل من سجن الى آخر ، لا احد يمكن ان يحس بقساوة اللحظات التي تمر عليها وسط الاستفزاز اللفظي والتفتيش العاري والتعذيب الجسدي ......
ندى العروس المقدسية في ابهى صورتها تستعد لحفل الزفاف على عريسها وهو موظف في احد البنوك في رام الله ...يبدا موكب العروس بالمسير ...يقطع حاجز حزما للوصول الى رام الله وهنالك يستوقفه الحاجز المقام على اراض قرية جبع ...المهمة تعطيل المواطنين وتعذيبهم ...فرحة العمر تطحنها لحظات انتظار قاتلة واجراءات مذلة.
لا تود سلمى الاستمرار في دراستها ، الاسباب عديدة اهمها انها لا تطيق هذا الاكتظاظ في مدرستها ...اربعون طالبة يتنفسون سوية ، يتحدثون سوية ، يصرخون بصوت مرتفع ، مدرسة تحاول ان ترفع صوتها حتى تتجاوز الفوضى في الصف ، لا صفوف مدرسية جديدة ، لا حلول ....
واذا سألت عن المقدسية فهي قوية صلبة ، تدافع عن بيتها واسرتها بجسدها العاري ، مثقفة ، واعية ، معطاءة الى ابعد الحدود ، ولكنها تعاني فقد الحماية والامان ، فقد القدرة على الحفوظ على وجودها في المدينة ، ملاحقة من اجهزة دولة الاحتلال واجراءاتهم التعسفية ، ملاحقة من بطش المستوطنين واستفزازهم ، تعاني من غياب مقومات الصمود ، لا ظروف تعليمية ولا صحية ...المراة المقدسية هي النسيج الحامي ، هي عنوان الصمود والتحدي فهل من اسناد لدورها ووجودها ؟