نشر بتاريخ: 03/12/2017 ( آخر تحديث: 03/12/2017 الساعة: 10:27 )
الكاتب: حسام ابو النصر
للوهلة الاولى تشعر بأنك تقف أمام معلم فلسطيني فيه ما فيه من تاريخ وحضارة الانسان، وتوليفة ثقافية للمكان، تحفظ فيه الهوية الفلسطينية بمكوناتها من عادات وتقاليد ومعتقدات وأدب وفنون وثقافة وتختبىء في زواياه مخطوطات التاريخ، وجرار عتيقة، وسلال قش، تعيدنا الى زمن كنعان وعشتار وحكايات الاول الفلسطيني، الذي ترك كم من الموروث جعلنا شعب يفخر بماضيه وحاضره الذي يصارع الفناء.
وحافظ على كينونته طوال سنوات المؤامرة من محاولات السرقة والاغتصاب، فنقف امام قيمة ادبية ثقافية من ذاك الزمن ولكنه يعيش بيننا، فسطر لنا المشهد وكأنه يستحضر لنا روح الماضي من خلال بلورته العجيبة، ويصف تاريخ اجداده الكنعانيون الفلسطينيون، بالدليل المادي الذي لم تقهره عوامل الزمن، فوضع اهم المؤلفات الوطنية وترجمت اعماله الى الانجليزية منها " قول يا طير" ، التي زادت هذا التجذر قيمة، وآخرها مخطوط "التراث والهوية" الذي رعاه الصرح الثقافي الفلسطيني ممثلا بوزارة الثقافة بمحتواه القيم الذي شكل بانوراما فلسطينية، احيت في جوانبه الفلكلور الوطني، بما فيه من دلالة شعبية ومميزات مادية وغير مادية ومواكبته للحركة الوطنية، ورسخ الهوية الفلسطينية من خلال ثقافة الفعل الانساني من العائلة حتى المؤسسة، رغم اللجوء وما تركه من اثر في الحياة الفلسطينية.
وأبرز دور المراة ونضالها التي رسمت الامل بعطاءها ويذهب إلى ابعد من ذلك ويشكل بمخيلته دولة فلسطين التي نحلم ونريد ان تكون وتعيد مجد كنعان بعاصمتها يبوس، فاستحق كناعنة الثمانيني التكريم من وطنه وشعبه على مجمل اعماله من قبل وزير الثقافة د.ايهاب بسيسو الذي اولى اهمية كبرى لدعم الكتاب والمبدعين خاصة الكبار منهم الذين افنوا حياتهم لحفظ هذا الموروث.
فقد برز دور شريف كناعنة مبكرا في اربعينيات القرن الماضي، وتفطن لحجم المؤامرة ووجد ان الحفاظ على الارث الشعبي ضرورة ملحة، تحتاج لخطة طويلة المدى وعمل دؤوب لا يعرف الكلل، وجعلها مادة تدرس في الجامعات الفلسطينية اهمها بيرزيت والنجاح الوطنية، ثم الى الجامعات الامريكية، لينقل تجربتنا الثرية الى الغرب، كسفير يحلق في فضاء العالم يخبرهم عن رواياتنا والحكاية الشعبية ومنها نسوية واطفالها، وفيها تعبر عن آلامها وآمالها ورسائلها، وما زال الباحث الفلسطيني في العلوم الإنسانية البروفسور شريف كناعنة يقوم بعمليات التنقيب عن المزيد من درر التراث الشعبي لدراستها وتوثيقها ضمن مسيرة عطاء كبيرة وزاخرة تجعلنا نقف احتراما لها، وتكريمها يعني تكريم كل من انتهجوا طريق النضال الفكري المنظم ضمن كوكبة من المفكرين والكتاب رسموا لنا طريق النور والامل ، نحو وطن مشرق له تاريخ يمتد بحجم حلقات شجرة الزيتون، ونقوش تشهد على من نحتوا في الصخر من اجل الوطن، ليصبح اسم كناعنة الكنعاني نقش على تلك الصخور.